أنشأت الهند أول صندوق وطني للاستثمار العقاري يعد من أكبر الصناديق ذات الصلة في آسيا. وهناك نحو 12 مصرفاً تجارياً هندياً تشارك في الصندوق الاستثماري العقاري الجديد؛ من بينها «مورغان ستانلي إنديا»، و«كوتاك ماهيندرا كابيتال»، و«جيه بي مورغان إنديا»، و«دي إس بي ميريل لينش»، ومن بين المنسقين العالميين والمديرين الرئيسيين في إدارة الدفاتر.
وأُطلق صندوق الاستثمار العقاري الهندي من قبل شركة «بلاكستون للاستثمارات العالمية» و«مجموعة إيمباسي غروب العقارية الهندية» من حيث حجم الحافظة البالغ 33 مليون قدم مربعة. وتجاوز الاكتتاب على الصندوق الجديد الحد المتوقع له لما يربو على 682.5 مليون دولار.
وتعد شركة «بلاكستون» واحدة من كبرى الشركات الاستثمارية المؤسساتية في الهند. وضخت الشركة الأميركية متعددة الجنسيات، والعاملة في مجال الأسهم الخاصة وإدارة الأصول البديلة والخدمات المالية، مزيداً من رؤوس الأموال في الهند أكثر من أي دولة أخرى من الأسواق الناشئة، مع نحو 10 مليارات دولار مستثمرة في الأسهم الخاصة وقطاع العقارات عبر أكثر من 50 شركة مختلفة. وهي تملك أكبر حافظة للدخل في البلاد لإنتاج موجودات المكاتب، وقد خصصت 5.3 مليار دولار عبر أسواق العقارات الرئيسية في مومباي، ونويدا، وبيون، وبنغالورو، وتشيناي، وحيدر آباد.
وقال شيشير بايجال، من شركة «نايت فرنك إنديا» إن الأمر استغرق نحو 15 عاماً لإنشاء أول صندوق للاستثمار العقاري في الهند، وحيث إنه الأكبر في آسيا، فإن ذلك يعكس النجاح المحرز في قطاع العقارات التجارية بالهند.
وأضاف بايجال: «كان استيعاب الحيز الإداري التجاري في الهند مرتفعاً أداؤه بصورة كبيرة، ومحققاً ارتفاعاً تاريخياً بواقع 47 مليون قدم مربعة في عام 2018. وتعد ثقة السوق في مؤشر العقارات انعكاساً مباشراً للنجاح المحقق، ونأمل أن تظل المعنويات إيجابية».
ويأتي عرض صندوق الاستثمار العقاري الهندي، بعد مبلغ 125 مليون دولار الذي استثمرته شركة «كابيتال غروب» الأميركية للخدمات المالية، وهي من كبريات شركات الاستثمار في إدارة الأصول بقيمة سوقية تبلغ تريليوني دولار، بوصفها مستثمراً استراتيجياً في ممارسات زيادة رأس المال لما قبل الإدراج.
وقال سورندرا هيرانانداني، مؤسس ومدير الفرع العقاري من «مؤسسة هيرانانداني التجارية»: «من شأن هذه الخطوة أن تدفع بموجة جديدة من النشاط في السوق مع توافر أكبر قدر ممكن من الأموال والاستثمارات في القطاع العقاري في البلاد».
وقال شوبهيت أغراوال، المدير الإداري والرئيس التنفيذي لشركة «أناروك كابيتال»: «يعد صندوق الاستثمار العقاري بأن يكون قناة التغذية الداخلية ليس فقط للاستثمارات المؤسساتية الأجنبية وإنما للاستثمارات الفردية الكبيرة كذلك. وعلى اعتبار أن الصناعة العقارية في البلاد لا تزال عالقة في اضطرابات أزمات السيولة، فلن يكون هناك وقت أفضل من الحالي لكي يضخ المستثمرون الأجانب والمحليون أموالهم في سوق العقارات الهندية من خلال صندوق الاستثمار العقاري الجديد».
هناك أكثر من 30 دولة حول العالم لديها صندوق الاستثمار العقاري بعد الولايات المتحدة الأميركية التي تعد أولى الدول استحداثاً للفكرة في ستينات القرن الماضي. وفي آسيا، كانت اليابان أولى الدول من حيث استحداث فكرة صندوق الاستثمار العقاري الوطني، وأعقبها كثير من البلدان الآسيوية الأخرى مثل سنغافورة، وإندونيسيا، وكوريا الجنوبية. ومن بعض سمات صناديق الاستثمار العقاري الدولية التي لم تُدرج بعد على بنية الصندوق الهندي، مفاهيم خاصة مثل الإعفاء من رسوم الدمغة، والحافظات العقارية الخارجية، بخلاف أمور أخرى.
ما صناديق الاستثمار العقاري
وما طبيعة عملها؟
يعد صندوق الاستثمار العقاري من الأدوات الاستثمارية التي تملك وتدير الأصول العقارية وتسمح لأفراد المستثمرين باكتساب الدخل المنتج من خلال تملك المساحات العقارية ذات الطابع التجاري من دون الاضطرار إلى شراء أي أصول. وربما يشمل الصندوق في وقت لاحق الفنادق، والمستشفيات، ومراكز المؤتمرات، وحتى البنية التحتية المشتركة للمشاريع العقارية المركبة مثل الحدائق الصناعية والمناطق الاقتصادية الخاصة.
وعلى عكس الأسهم، يحصل المستثمرون في صندوق الاستثمار العقاري على وحدات، تشبه بدرجة ما الوحدات في الصندوق المشترك. ويملك صندوق الاستثمار العقاري عدداً من العقارات التجارية والفندقية ذات العائد الريعي، ويحصل ملاك الوحدات على جزء من القيمة الإيجارية في صورة أرباح وعوائد الفوائد بما يتناسب مع نسبة المساهمة في رأس المال.
ويتيح الصندوق للمستثمر خيار شراء حصة جزئية من العقارات التجارية المدرة للعائد الريعي، من خلال مدير محترف يشرف ويدير هذه الأصول. والزيادة في تأجير الأصول الأساسية، والتحسينات في معدل الإشغال، والبدء في تشييد العقارات تحت الإنشاء هي من محفزات النمو التي يمكن للمستثمرين الاستفادة منها.
يعد صندوق «إيمباسي للاستثمار العقاري» من المشاريع الرائدة؛ إذ يمكنه تمهيد الطريق لغيره من المطورين العقاريين للاستفادة من أسواق رأس المال العامة. وكان «المجلس الهندي للأوراق المالية والبورصة» قد أصدر للمرة الأولى اللوائح المنظمة لعمل صندوق الاستثمار العقاري في البلاد عام 2014. ومع ذلك، أظهر عدد قليل من شركات التطوير العقاري الرغبة في المشاركة في صندوق الاستثمار العقاري؛ حيث كان المستثمرون يريدون مزيداً من التدابير، بما في ذلك الإعفاءات الضريبية. فما كان من المجلس الرقابي الهندي إلا أن أعاد تعديل اللوائح المنظمة مرات عدة في محاولة لجذب اهتمام المستثمرين.
وبما أن الأمر يتعلق بأول صندوق للاستثمار العقاري في البلاد، فليست هناك بيانات قابلة للمقارنة من حيث التسعير، والجاذبية العقارية. وتعد الممتلكات العقارية معرضة على الدوام للمنازعات القضائية والتحديات التشغيلية. ورغم أن الأصول موجودة في المدن ذات زبائن الإيجار الجيدين، فإن معدل الإشغال يعد من العوامل الحاسمة على الدوام. كذلك، مع التطوير المستقبلي للمساحات الإدارية الجديدة في المناطق الناشئة، فإن المباني القديمة تفقد جاذبيتها وبالتالي تفقد أهليتها للحصول على قيم إيجارية أعلى.
ما الأساس وراء إطلاق صندوق الاستثمار العقاري الهندي؟
وفقاً لتقرير صادر بعنوان «صندوق الاستثمار العقاري والمساحات الإدارية في الهند... نظرة أقرب للواقع»، من إعداد شركة «نايت فرنك إنديا» وشركة «كيه بي إم جي»، كان قرار وقف تداول الفئات النقدية الكبيرة هو السبب الحقيقي وراء ضرورة إطلاق صندوق الاستثمار العقاري الهندي. فمن منظور صندوق الاستثمار العقاري، أسفر التراجع في عوائد السندات الحكومية الهندية، ونظام أسعار الفائدة العام في البلاد عن زيادة انتشار الممتلكات العقارية ذات الطبيعة الإدارية التجارية؛ الأمر الذي أسفر بدوره عن ضغط معدلات الرسملة للأصول الإدارية الرئيسية التي تعد من أبرز المرشحين لأعمال صندوق الاستثمار العقاري الهندي.