فوبيا الطائرة تنغص عليّ متعة السفر وأتذرع بابنتي لأزور حدائق الحيوانات

رحلة مع : المخرج المصري محمد سامي

في السفر يهوى التصوير
في السفر يهوى التصوير
TT

فوبيا الطائرة تنغص عليّ متعة السفر وأتذرع بابنتي لأزور حدائق الحيوانات

في السفر يهوى التصوير
في السفر يهوى التصوير

خلال مشواره الفني، حقق المخرج المصري محمد سامي نجاحاً لا يستهان به، بداية من الأغاني المصورة ووصولاً إلى أعمال سينمائية وتلفزيونية مثل مسلسلات «آدم» و«مع سبق الإصرار» و«الأسطورة»، وفيلم «عمر وسلمى3».
في حواره مع «الشرق الأوسط» تحدث سامي عن حبه الشديد للسفر، وأسفه أن متعته لا تكتمل بسبب خوفه الشديد من الطيران الذي تحول إلى «فوبيا»، حسب قوله.
> فأنا أشعر بالرعب من الطيران، إلى حد أنه لو حدث أي موقف بسيط، قد يزيد من قلقي وتشاؤمي وأنا في طريقي إلى المطار، ربما ألغي الرحلة بغض النظر عن أهميتها. هذه الفوبيا سببها مصرع والد زميلة لي في الجامعة، في حادث سقوط طائرة. مر على هذا الحادث سنوات لكنها لا تزال تلازمني، لذلك فإن متعة السفر بالنسبة لي لا تبدأ إلا بعد وصولي إلى وجهتي. حينها فقط أتنفس الصعداء وتبدأ المغامرة الحقيقية لأني أتحول إلى إنسان آخر غير ذلك الذي كان خائفاً ومتوجساً في الطائرة.
> رغم هذه الفوبيا، أحرص على السفر لأني أراه مهماً. في الماضي كنت أحب صخب المدن الكبيرة. كانت تستهويني بزحامها وحركتها مثل طوكيو ونيويورك ولوس أنجليس وسنغافورة. أما الآن فتجذبني الجزر والأماكن البعيدة والهادئة أكثر، خصوصاً تلك التي تكون على البحر لأنها تريح أعصابي بعد ضغوطات العمل.
> من أكثر الأماكن التي أحب التوجه إليها هي جزيرة سانت نيكولاس باليونان، وميامي ولينكاوي بماليزيا. وعموماً تشدني منطقة شرق آسيا إليها، لأني أجد فيها راحة نفسية، ربما بسبب الخضرة والبحر وثقافة الآسيويين القائمة على التأمل والهدوء. فحتى التسوق فيها يتم بهدوء وانسيابية تامة.
> الرحلة التي لن أنساها ما حييت هي رحلة شهر العسل مع زوجتي الفنانة مي عمر، وليس للأسباب التي قد تخطر على البال لأول وهلة. كانت إلى شرق آسيا، ولم أكن قد صارحتها بحالة الرعب التي تنتابني على متن الطائرة. فجأة وجدَتني أتشبث بالمقعد بقوة، ولا أرد عليها. طبعاً أصيبت بالذهول لأننا كنا «عرسان»، وكانت تتوقع أن تكون الرحلة رومانسية من الألف إلى الياء. لحسن حظي أنها تفهمت الحالة بعد أن شرحت لها الحقيقة.
> متعة السفر بالنسبة لي لا تكتمل من دون زوجتي، لأنها أيضاً صديقتي المقربة حتى من قبل أن نتزوج، ودائماً ما يجمعنا الضحك على المواقف الطريفة. ومع ذلك أتحايل بشتى السبل للهروب من مشاركتها بعض مغامراتها، مثل صعود المرتفعات، وركوب الألعاب الغريبة والخطرة في ديزني لاند والملاهي بالدول المختلفة، فأنا لست مغامراً مثلها. فأول مكان أتجه إليه بعض وصولي إلى أي دولة أزورها هو حديقة الحيوان. وحتى أتجنب الحرج، أتخذ حب ابنتي للحيوانات ذريعة لذلك. وبحكم أني زرت كثيراً منها، فإن أحبها إلى قلبي هي حديقة سنغافورة، لأنها مفتوحة في الهواء الطلق، وتحيط بها بحيرة كبيرة، كما أنها تمنح الفرصة لجولة ليلية في قسم آخر منها اكتشفت فيه كم هو ساحر منظرها في الليل.
> من المواقف الطريفة التي واجهتني في السفر، أني كنت في تركيا لعمل تصحيح ألوان وخرجت مع أصدقائي للسمر. كنت أعتمد عليهم إلى حد التواكل، وبالتالي لم أتأكد من اسم الفندق الذي كنا ننزل فيه ولا المنطقة الموجود بها، وأثناء وجودنا بأحد المقاهي بعد جولة سياحية سريعة، وعلى غفلة ترك أصدقائي المكان ناسين وجودي معهم تماماً غير متوقعين أني لم أنتبه لاسم الفندق. ما زاد الأمر سوءاً أن بطارية الشحن نفدت ولم أستطع فتح هاتفي الجوال للاتصال بهم أو بالشخص المكلف بمرافقتي ليقوم بالترجمة خلال عملية الإنتاج. اضطررت أن أنتظر في الشارع حتى الصباح لتفتح المقاهي أبوابها وأشحن الهاتف لكي أتصل بالمترجم. وبالفعل جاء ليوصلني إلى الفندق، وكانت المفارقة العبثية أنه كان يقع بالشارع الخلفي للمقهى، على بعد 5 دقائق.
> كان التسوق في الماضي يأخذ حيزاً كبيراً من وقتي في السفر، لهذا قررت أن أخصص له رحلات منفردة حتى لا أفوت على نفسي متعة الترفيه والاكتشاف. فقد أتوجه مثلاً إلى لندن فقط للتسوق، وأحياناً أخرى للاستمتاع والترفيه، لكن لا يحول ذلك دون شرائي أغراضاً قد تعجبني وأنا في طريقي.
> من الأماكن التي لم أزرها بعد وأتمنى زيارتها مدينتا كيوتو ونارا باليابان، بعد مشاهدتي صوراً لهما. فالطبيعة فيهما تبدو آسرة، خصوصاً المشاهد التي تخص نبات البامبو والغزلان. كنت أتمنى زيارة أستراليا ونيوزيلندا، لكن ذلك من المستحيلات، لبعد المسافات وما يعنيه ذلك من طيران طويل.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».