«أقسى الشهور» لشاكر الأنباري

صدرت حديثاً عن منشورات المتوسط - إيطاليا رواية جديدة للروائي العراقي شاكر الأنباري بعنوان «أقسى الشهور»، وهو مستمد من البيت الأول من قصيدة إليوت الشهيرة «الأرض اليباب»: نيسان أقسى الشهور.
والشخصية الرئيسية في الرواية هي «جلال مَلَك»، وهو شخصية بسيطة يعيش في أمان مع زوجته وطفليه. لكنه يجد مرة رصاصة في سيارته، ويفسرها على أنها رسالة تهديد... ويقودهُ هذا الاكتشاف إلى وعي جديد، تتفجَّر معه هواجس الخوف والرّيبة من الآخرين، في ظلِّ موجة الاغتيالات والاختطافات التي تجتاح العاصمة بغداد، ليسقط الوهم الذي عاشه حالماً بحياة أفضل بعد الغزو الأميركي 2003. وبداية الحرب الأهلية.
تدور أحداث رواية «أقسى الشهور» في شارع قديم اسمه شارع الدير، وفي إحدى الضواحي البغدادية المعروفة، وقد أصرَّ المسلحون المتزمِّتون على تغيير اسم الشارع إلى شارع الزير، فهم يمقتون الأسماء المسيحية لاعتقادهم أنها لا تتماشى مع الدين وحرمة دياره. فنجد أنفسنا «في بغداد المتاهة، والاختطافات المباغتة، والتهديد غير المعلن. جو كابوسي، وموتٌ حقيقي وآخر معنوي، يُخيِّم على تفاصيل الحياة اليومية في هذه المدينة الجميلة، البشعة، المشطورة بنهر دجلة مثل عروسٍ مختطفة بفعل سحر قادم من ليالي ألف ليلة وليلة».
من الرواية:
يتَّفق الجميع على أنَّ هذه السنة من أغرب السنوات وأعنفها التي مرَّت على بغداد. إذ تنفجر يومياً عشرات السَّيَّارات المفخخة والعبوات الناسفة، ولا تستثني منطقة دون سواها، وهو ما أشاع غيمة من الرعب، ظلّلت الجميع، بمن في ذلك قاطنو شارع الدير. ولتنوّع الأهداف في ظلِّ موجة الاغتيالات في بغداد، سقط وهم الحياة الأفضل بعد حقبة الحروب والغزو الأميركي وغرابتها، فانتشر هاجسٌ غير مُصرَّح به بين سكّان العاصمة هو أن الجميع يستهدف الجميع. في حفلة متواصلة، مستمرَّة من الذَّبح والثّأر والتشفِّي. مما حوّل الموت الطبيعي إلى حالة استثنائية، في البيوت والأحياء. لحظة جنون، شبَّهها البعض بشخص فَقَدَ عقله، يحملُ سكِّيناً طويلة، يجتزُّ بها أعضاءه واحداً واحداً. كيف اختزن البشر هذا الكَمّ الهائل كلّه من الكراهية بعضهم لبعض؟ وكيف استقام لتلك العجلة العملاقة السير في كلّ منطقة وشارع دون أن تجد مَنْ يضع لها العوائق من أجل إيقافها؟ أسئلة مثل هذه، وغيرها، تنطلق من الألسن غبّ كل كارثة، لكن الأجوبة سرعان ما تهرب وتفرّ من المجتمع.
وكان الأنباري أصدر العديد من الكتب السياسية والمجموعات القصصية والروايات، منها: «شجرة العائلة»، و«ليالي الكاكا»، و«الكلمات الساحرات»، و«بلاد سعيدة»، و«الراقصة»، و«نجمة البتاون»، و«أنا ونامق سبنسر»، و«مسامرات جسر بزيبز».