«الحرب التجارية» تضع «ثقة الشركات اليابانية» على المحك

انكماش نشاط المصانع في اليابان في مارس للشهر الثاني على التوالي مع تراجع الإنتاج (رويترز)
انكماش نشاط المصانع في اليابان في مارس للشهر الثاني على التوالي مع تراجع الإنتاج (رويترز)
TT

«الحرب التجارية» تضع «ثقة الشركات اليابانية» على المحك

انكماش نشاط المصانع في اليابان في مارس للشهر الثاني على التوالي مع تراجع الإنتاج (رويترز)
انكماش نشاط المصانع في اليابان في مارس للشهر الثاني على التوالي مع تراجع الإنتاج (رويترز)

أظهر مسح لبنك اليابان المركزي تهاوي ثقة الأعمال لأدنى مستوياتها في عامين في الربع سنة المنتهي في مارس (آذار) الماضي، مما يسلط الضوء على المخاوف من أن توترات التجارة بين الصين والولايات المتحدة وتراجع الطلب العالمي يؤثران سلبا على الاقتصاد المعتمد على التصدير.
وبرز التشاؤم على نحو أشد بين كبار المصنعين، حيث تراجعت المعنويات بأسرع وتيرة في أكثر من ست سنوات، مما يزيد المخاوف من أن ضبابية التوقعات العالمية قد تجعل الشركات تحجم عن الإنفاق على الأجور والنفقات.
وعلى صعيد منفصل، أظهر مسح خاص للشركات أمس الاثنين انكماش نشاط المصانع في اليابان في مارس للشهر الثاني على التوالي، مع تراجع الإنتاج بأشد معدل في ثلاث سنوات تقريبا.
ويقول المحللون إن المسحين يدعمان فكرة أن تعثر في سياسة رئيس الوزراء شينزو آبي لإنعاش الاقتصاد، مما يضع بنك اليابان تحت ضغط للإبقاء على برنامجه التحفيزي الضخم أو حتى تكثيفه.
وسجل المؤشر الرئيسي لمعنويات كبار المصنعين «زائد 12» نقطة في مارس، انخفاضا من «زائد 19» نقطة قبل ثلاثة أشهر، وهي قراءة أسوأ من متوسط توقعات السوق «زائد 14»، حسبما أظهره مسح «تانكن» الربع سنوي الذي يجريه بنك اليابان.
ويذكر أن الرقم الموجب لمؤشر تانكن يشير إلى أن عدد الشركات التي أعربت عن توقعات إيجابية بشأن الاقتصاد يزيد على عدد الشركات التي أعربت عن توقعات سلبية.
وبحسب المسح، فإن الشركات الصناعية الكبرى تتوقع استمرار تدهور أوضاع الأعمال خلال الربع الحالي من العام، حيث تراجع مؤشر التوقعات إلى 8 نقاط. وسجل المؤشر أدنى مستوياته منذ مارس 2017. وتراجع بأسرع وتيرة له منذ ديسمبر (كانون الأول) 2012 مع شعور المصنعين بوخز تراجع الطلب على المكونات الإلكترونية والسيارات والآلات.
في الوقت نفسه، تراجع مؤشر ثقة الشركات الصناعية متوسطة الحجم بشدة إلى «زائد 7» نقاط خلال مارس الماضي، مقابل «زائد 17» نقطة خلال ديسمبر الماضي، في حين تراجع مؤشر الشركات الصناعية الصغيرة إلى «زائد 6» نقاط خلال الشهر الماضي، مقابل «زائد 14» نقطة خلال ديسمبر الماضي.
وتراجع مؤشر غير المصنعين إلى «زائد 21» نقطة، من «زائد 24» نقطة في مسح ديسمبر الماضي، مسجلا أدنى مستوياته منذ مارس 2017، وذلك مقارنة مع توقعات السوق لقراءة أعلى عند «زائد 22» نقطة.
وقبل صدور بيانات المؤشر، كان معهد «إن إل إي» للأبحاث الموجود في طوكيو يتوقع تراجعا واضحا في ثقة الشركات بسبب تباطؤ الاقتصادات الأجنبية، بما فيها الصين، وتأثير التوترات التجارية الدولية.
كما يتوقع المعهد استمرار تراجع ثقة الشركات خلال الربع الحالي، في ظل المخاوف من استمرار الضغوط التي تمارسها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على اليابان بشأن العلاقات التجارية بين البلدين. وينتقد الرئيس الأميركي اليابان بسبب الفائض التجاري المستمر لها مع الولايات المتحدة. ومن المتوقع بدء أول محادثات تجارية ثنائية بين طوكيو وواشنطن بحلول منتصف الشهر الحالي بحسب وكالة «كيودو» للأنباء.
في الوقت نفسه، تتوقع الشركات الكبرى، سواء في قطاعات التصنيع أو في القطاعات غير الصناعية، زيادة استثماراتها بنسبة 1.2 في المائة خلال العام المالي الحالي الذي ينتهي في 31 مارس 2020 مقارنة باستثماراتها في العام المالي الماضي. وجاءت هذه القراءة أعلى من التوقعات، حيث كان المحللون الذين استطلعت وكالة «كيودو» للأنباء آراءهم توقعوا زيادة الاستثمارات بنسبة 0.6 في المائة خلال العام المالي الحالي.
وتعتبر حكومة رئيس وزراء اليابان شينزو آبي الإنفاق الرأسمالي القوي عاملا حيويا للتعافي الاقتصادي في اليابان.
وفي غضون ذلك، رصدت أوساط اقتصادية ألمانية زيادة اهتمام شركات ألمانية بالسوق اليابانية بعد مرور شهرين تقريبا من بدء منطقة التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي واليابان.
وذكرت غرفة التجارة والصناعة الألمانية «دي آي إتش كيه» أنه على الرغم من عدم توافر بيانات دقيقة حتى الآن، فإن غرفة التجارة الخارجية في اليابان تسجل طلبات متزايدة من شركات ألمانية تسعى للعمل هناك.
وفي الوقت ذاته، تشعر شركات ألمانية نشطة في اليابان بالإمكانات التي تتمتع بها الاتفاقية بالفعل، فيمكن سماع توفير في التكاليف تصل قيمتها إلى عدة ملايين يورو على حسب كل قطاع، بسبب إلغاء الرسوم الجمركية، بحسب الغرفة.
وذكرت رابطة التجارة الخارجية الألمانية «بي جي إيه» أن هناك اهتماما متزايدا من قبل الشركات، لافتة إلى أن بعض أعضائها يستفيدون من اتفاقية التجارة الحرة مع اليابان بشكل مكثف، ولكنها أشارت إلى أن الوقت لا يزال مبكرا للغاية لإصدار تقييم دقيق.
ويشار إلى أن الاتحاد الأوروبي واليابان يشكلان منذ أول شهر فبراير (شباط) الماضي أكبر منطقة تجارة حرة بالعالم تضم 635 مليون نسمة، من شأنها تحفيز النمو من خلال الحد التام تقريبا للرسوم الجمركية وغيرها من الحواجز التجارية الأخرى.
ومن جانبه، قال إليا نوتناغل، عضو المجلس التنفيذي لرابطة التجارة والصناعة الألمانية: «بحسب استطلاع حديث لغرفة التجارة الخارجية باليابان، تتوقع 54 في المائة من الشركات الألمانية هناك تأثيرات إيجابية من فتح الأسواق والإلغاء واسع النطاق للرسوم الجمركية على كلا الجانبين».



السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».