جدل «التوقيت الصيفي» لا يزال مستمراً... موفر للطاقة ومضر بالصحة

أوروبا تتجه للإلغاء و«بريكست» يحسم موقف بريطانيا

تغيير البطاريات وعقارب الساعات في المركز الثقافي في لوبلين ببولندا (إ.ب.أ)
تغيير البطاريات وعقارب الساعات في المركز الثقافي في لوبلين ببولندا (إ.ب.أ)
TT

جدل «التوقيت الصيفي» لا يزال مستمراً... موفر للطاقة ومضر بالصحة

تغيير البطاريات وعقارب الساعات في المركز الثقافي في لوبلين ببولندا (إ.ب.أ)
تغيير البطاريات وعقارب الساعات في المركز الثقافي في لوبلين ببولندا (إ.ب.أ)

قبل نحو 114 عاماً، كان عامل البناء البريطاني ويليام ويلت، الذي عاش في ضاحية بجنوب غربي لندن، يمتطي جواده صبيحة أحد أيام صيف عام 1905، حيث لاحظ أن ستائر المنازل المغلقة تحجب ضوء الشمس، فتساءل لماذا لا نقدم عقارب الساعة قبل بداية كل صيف؛ حتى لا يفوت المواطنون الاستمتاع بضوء الشمس؟
لم يكتف ويلت بالتساؤل، لكنه سعى إلى تحقيق هذا المقترح، وقام في عام 1907 بإصدار كتيب بعنوان «إهدار ضوء النهار» دعا فيه إلى تنفيذ فكرته، قائلاً: إن هذا التغيير سيزيد من فرص الترفيه والترويح عن النفس، فضلاً عن تخفيض تكاليف الإضاءة.
وجدت دعوة ويلت قبولاً لدى بعض السياسيين، أبرزهم وينستون تشرشل، وطرح حينها مشروع قانون لتغيير التوقيت في البرلمان عام 1909، غير أنه رُفض بفارق بسيط.
لم يفت هذا الرفض في عضد ويليت، الذي ظل يحشد الدعم لفكرته حتى توفي عام 1915 بسبب إصابته بفيروس الإنفلونزا، لكن بعد عام على وفاته وافق البرلمان على صيغة مشروع قانون للتوقيت الصيفي، وكانت المبررات التي طرحت حينها أن بريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى تعاني من شح في الفحم، وهو المصدر الرئيسي للطاقة من أجل تشغيل المصانع وإضاءة المنازل، ومن ثم فإن التوقيت الصيفي سيساهم في توفير مصادر الطاقة.
وعلى ما يبدو، لم تكن موافقة البرلمان قبل نحو 103 أعوام قاصرة على بريطانيا، فسرعان ما انتشرت الفكرة في أغلب بلدان أوروبا وفي الولايات المتحدة الأميركية وعدد من الدول العربية، حيث تعمل دول الاتحاد الأوروبي بالتوقيت الصيفي اعتباراً من الأحد الأخير في مارس (آذار)، حتى الأحد الأخير من أكتوبر (تشرين الأول)، بينما يبدأ في الولايات المتحدة الأميركية في الأحد الثاني في مارس وحتى الأحد الأول في نوفمبر (تشرين الثاني).
وعلى الرغم من مرور هذه السنوات الطويلة، يكاد لا يمر عام دون أن ترتفع مطالبات بإلغاء التوقيت الصيفي، بحجة أن إيجابياته أقل بكثير من مساوئه.
ولا ينكر معارضوه أنه يقلل من استهلاك الطاقة، ويقلل أيضاً من حوادث الطرق والجرائم التي ترتكب في الأماكن المفتوحة، كما أنه مفيد للسياحة، لكنه في المقابل يدمر الصحة بسبب الإرهاق الناجم عن فرق التوقيت.
وعضدت دراسة طبية فنلندية عرضت في مارس 2016 خلال المؤتمر الـ68 للأكاديمية الأميركية لطب الأعصاب، من هذا الرأي الرافض، حيث ربطت بين التوقيت الصيفي والإصابة بالسكتة الدماغية. حيث أضاف الباحثون خلال هذه الدراسة سبباً جديداً لما يعرف بـ«السكتة الدماغية الإقفارية»، وهو التوقيت الصيفي.
ويحدث هذا النوع من السكتة الدماغية عندما يتوقف الشريان المسؤول عن تزويد الدم المحمول بالأكسجين إلى الدماغ عن العمل، وعادة يكون بسبب جلطة دموية، وتساعد عوامل عدة على حدوث هذه المشكلة، منها تناول الكحول، التدخين، السمنة، عدم ممارسة النشاط الرياضي، لكن الدراسة الفنلندية أضافت عاملاً آخر وهو التوقيت الصيفي.
وقالوا خلال الدراسة: إنه من المعروف أن ساعات الصباح الأولى ترفع من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية؛ لذا فإن تغيير عقارب الساعة يعزز من هذا الخطر، واقترحوا إلغاء تغيير عقارب الساعة للحفاظ على سلامة وصحة الأشخاص.
وتوصل الباحثون إلى هذه النتيجة من خلال ملاحظتهم أنه بعد يومين من العمل بالتوقيت الصيفي ارتفعت نسبة الإصابة بالسكتة الدماغية الإقفارية بنحو 8 في المائة، مقارنة بأوقات أخرى، ثم عادت النسبة طبيعية بعد أربعة أيام من تغيير عقارب الساعة. وهذه العودة إلى النسبة الطبيعية بعد مرور 4 أيام، كما أشارت الدراسة الفنلندية، ترجع إلى تعود الجسم على التوقيت الجديد؛ ولذلك ينصح الخبراء بأن يفعل الإنسان ذلك قبل حلول موعد التغيير.
من جهته، يقول الدكتور خالد زهدي، استشاري الأمراض العصبية بوزارة الصحة المصرية، لـ«الشرق الأوسط»: «دائماً ما ننصح بأن يحاول الإنسان تدريب الجسم تدريجياً في الأيام التي تسبق تغيير الساعة، وبالتالي عندما يأتي توقيت التغيير سيتفادى التأثيرات المفاجئة».
ومع التدريب توجد نصائح أخرى يشير إليها الدكتور زهدي، ومنها تعريض الجسم للضوء فور الاستيقاظ من النوم؛ لأن الخلايا العصبية التي تشكل الساعة البيولوجية للجسم تتأثر بالضوء والظلام، ومن ثم فإن تعريض الجسم للضوء يحفزه على ضبط هرموناته المتخصصة في اليقظة. ويؤكد استشاري الأمراض العصبية أيضاً على ضرورة التمسك بجدول النوم اليومي، على الرغم من تغيير الساعة، مشيراً إلى أن ذلك سيساعد على التكيف السريع مع تغيير التوقيت.
إلى ذلك، يبدو أن أوروبا قد ملت هذه النصائح التي تتكرر كل عام، ووجدوا أنه من الأفضل التخلص من هذا الجدل السنوي. ووافقت إحدى لجان البرلمان الأوروبي على إلغاء هذا التوقيت، على أن يبدأ العمل بالقرار في عام 2021. وجاء هذا القرار بعد أن أطلقت المفوضية الأوروبية النقاش حول هذا الموضوع العام الماضي في استطلاع إلكتروني أجرته المفوضية وشارك فيه نحو 4.6 مليون من مواطني الاتحاد الأوروبي، وعددهم 510 ملايين.
وعبّر 84 في المائة من المشاركين في الاستطلاع عن تأييدهم إلغاء التوقيت الصيفي، وأيد أغلبية المشرعين في لجنة النقل والسياحة بالبرلمان الأوروبي اقتراح المفوضية، ويتعين الآن أن يوافق البرلمان بكامل هيئته على الاقتراح، على أن يتوصل النواب بعد ذلك إلى موقف مشترك مع دول الاتحاد الأوروبي.
بينما يبقى موقف بريطانيا من التوقيت الصيفي في حالة اتجاه الاتحاد الأوروبي للإلغاء معلقاً على موقفها من اتفاقية مغادرة الاتحاد الأوروبي «بريكست».
ووضع تقرير نشرته «الغارديان» في 4 مارس الماضي سيناريوهات الإجابة عن هذا السؤال. ويقول التقرير: إن بريطانيا إذا استمرت في الاتحاد الأوروبي فستكون ملزمة بالقرار الذي تتخذه أوروبا.
أما إذا تركت الاتحاد الأوروبي، فسوف تخضع لفترة انتقالية حتى نهاية عام 2020، حيث ستكون الحكومة ملزمة باتباع جميع قوانين الاتحاد الأوروبي، وإذا قررت تجاهل الاتحاد الأوروبي حينها ومواصلة تنفيذ التوقيت الصيفي البريطاني، فيمكن للاتحاد الأوروبي إحضار بريطانيا إلى محكمة العدل الأوروبية. وبعد انتهاء الفترة الانتقالية فستكون بريطانيا حرة في الحفاظ على وقت الصيف في بريطانيا أو إلغائه. ورغم الجدل الذي يثيره التوقيت الصيفي، فإن المواطن البريطاني يميل إلى التمسك به في حال الخروج من الاتحاد الأوروبي، وفق التقرير.
ويستند التقرير في رأيه إلى أن التصويت الأوروبي الذي شارك فيه مواطنو الدول الأوروبية لإلغاء التوقيت الصيفي، كانت أقل مشاركة من بريطانيا، حيث سجلت أدنى مستوى من المشاركة في التصويت، بنسبة 0.02 في المائة فقط من السكان.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».