{فتح} تستنكر {التنسيق الأمني الحلال} بين إسرائيل و{حماس}

إعادة فتح المعابر... وتوقعات بجداول زمنية طويلة لتنفيذ التفاهمات

عزاء تامر أبو الخير الذي قتل في مواجهات على الحدود بين غزة وإسرائيل أول من أمس (رويترز)
عزاء تامر أبو الخير الذي قتل في مواجهات على الحدود بين غزة وإسرائيل أول من أمس (رويترز)
TT

{فتح} تستنكر {التنسيق الأمني الحلال} بين إسرائيل و{حماس}

عزاء تامر أبو الخير الذي قتل في مواجهات على الحدود بين غزة وإسرائيل أول من أمس (رويترز)
عزاء تامر أبو الخير الذي قتل في مواجهات على الحدود بين غزة وإسرائيل أول من أمس (رويترز)

هاجم عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الوزير حسين الشيخ اتفاق التهدئة بين إسرائيل وحماس، معقباً على كبح حماس جماح مظاهرات «مليونية الأرض» التي جرت السبت، بقوله إن «التنسيق الأمني مع إسرائيل أصبح حلالا شرعاً».
وأضاف الشيخ في تغريدة عبر «تويتر» ساخراً: «قوات حماس البرتقالية لحماية الحدود ومنع المواطنين من الوصول إلى الحدود في مسيرات العودة، التنسيق الأمني الحلال شرعاً». وكان الشيخ يعقب على نشر حماس وفصائل أخرى أكثر من 8000 ألف عنصر يرتدون البزات البرتقالية لمنع الاحتكاك بين المتظاهرين والقوات الإسرائيلية على حدود قطاع غزة.
وكبحت حماس جماح المتظاهرين في المسيرة المليونية السبت، ومنعتهم من الوصول للحدود ضمن تفاهم مسبق مع الوفد الأمني المصري الذي نقل تطمينات من إسرائيل كذلك بعدم استخدام القوة المفرطة في المواجهات.
واعتبر هذا التوجه مؤشرا مهما على دخول اتفاق وضعته مصر ويقوم على رزمة تسهيلات مقابل الهدوء حيز التنفيذ. وتتركز أبرز النقاط على توسيع مساحة الصيد البحري ورفع المنع عن عشرات المواد «مزدوجة الاستعمال»، وإنشاء مناطق صناعية ومشاريع بنى تحتية وتحويل الأموال من دون تأخير.
لكن حماس تنتظر جداول زمنية إسرائيلية لتطبيق الاتفاق. وأكد ناطق باسم الحركة، أمس، أن حركته «تنتظر من الوفد الأمني المصري جداول زمنية وبرامج واضحة من الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ بنود التفاهمات التي تمت». وأضاف المتحدث باسم حماس عبد اللطيف القانوع: «ليس أمام الاحتلال إلا الالتزام بالتفاهمات؛ وإن تنصل فمسيرات العودة متصاعدة وستظل ضاغطة حتى يلتزم بمطالب وحقوق شعبنا».
وشدد على أن حركة حماس والفصائل الفلسطينية مصممون على إلزام الاحتلال بالتفاهمات التي تمت «وهو أمام اختبار حقيقي الآن». وعد القانوع أن التسهيلات المرتقبة والمشاريع المنوي تنفيذها في غزة ثمرة ضغط مسيرات العودة وتصاعدها وحضور المقاومة الفلسطينية ومواجهتها لكل جولة تصعيد مع الاحتلال. وقال: «نحن أمام مشاريع مختلفة وتسهيلات متنوعة سيلمسها المواطن في قطاع غزة، فيما يتعلق بالكهرباء ومساحة الصيد، ومشاريع التشغيل، وزيادة الحركة في المعابر، ومشاريع الطاقة، ودخول مواد ثنائية الاستخدام، والكثير من المشاريع الإنسانية والبنى التحتية».
لكن يتوقع أن تسلم إسرائيل جداول طويلة الأمد لحماس. وقال محلل الشؤون العسكرية في صحيفة «يديعوت أحرنوت» أليكس فيشمان، إن المسألة قد تطول حتى عام وأكثر.
وأضاف، أن المرحلة الأولى تبدأ بإيقاف إطلاق البالونات الحارقة والإرباك الليلي والمسيرات البحرية، مع استمرار مسيرات العودة مقابل إعادة فتح معبري كرم أبو سالم وبيت حانون (وهو ما حدث صباح الأحد)، وإدخال وقود لإعادة تفعيل مولّدات الكهرباء، وتصليح المولّدات التي تضرّرت خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى زيادة ضخّ المياه إلى القطاع، وإعادة تشغيل خط 161 الذي سيضاعف كميّة الكهرباء في القطاع. ثم بعد ذلك يتم تحويل قطر لمساعدات تقدّر بثلاثين مليون دولار شهرياً للأشهر الستة المقبلة، بالإضافة للسماح بتصدير البضائع الغزيّة إلى الأسواق في الضفة الغربية وإسرائيل وأوروبا، وتوسعة مجال الصيد إلى ما بين 12 - 15 ميلاً بحرياً.
ويرى فيشمان أن المراحل اللاحقة لن تكون قبل الانتخابات الإسرائيلية المقرّرة في التاسع من الشهر الجاري، وتتعلق بإقرار مشاريع لإعادة إعمار القطاع، وتجديد البنى التحتية وهي مراحل يتم في غضونها بحث مسألة تبادل أسرى ومحتجزين.
وغادر الوفد الأمني المصري قطاع غزة، أمس، عبر حاجز بيت حانون «إيرز» في محاولة للاتفاق مع المسؤولين الإسرائيليين حول الجداول والمواعيد. وكان الوفد الذي رأسه اللواء أحمد عبد الخالق مسؤول الملف الفلسطيني في المخابرات المصرية أجرى حوارات مكوكية مكثفة بين إسرائيل وغزة في الأيام القليلة الماضية وصولاً إلى اتفاق تهدئة.
وجاءت مغادرة الوفد بعد مواجهة جديدة محدودة بين الفصائل وإسرائيل تخللها إطلاق صاروخين وشن هجمات لم تسفر عن إصابات. وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إنه «وجّه إلى إبقاء القوات في مكانها على حدود قطاع غزة»، وإنه «ليس من الواضح ما إذا كانت التهدئة ستستمر»، وأضاف نتنياهو «هذه هي الطريقة التي ندير بها الأمور: نستخدم القوة عند الضرورة، ونحاول تجنب حروب لا داعي لها».
ويفترض أن يخضع الاتفاق لتصويت في المجلس الأمن والسياسي المصغر (الكابنيت). وأعلن وزيرا حزب «اليمين الجديد»، وزير التعليم الحالي نفتالي بينيت ووزيرة القضاء إيليت شاكيد، أنهما سيصوتان في «الكابنيت» الإسرائيلي، ضد ما يسمى «اتفاقية استسلام إسرائيل المخزية مع حركة حماس، التي تستخدم الابتزاز ضدنا». وقال بينيت «إنه كان ينبغي على قائد حماس في غزة يحيى السنوار، أن يودّع هذا العالم، وألا يتحول إلى طاووس مُنتصر». ورأى بنيت أنه «مخطئ من يعتقد أنه اشترى لنا الهدوء، بالتسهيلات الممنوحة لغزة، لأنه مع الاستسلام للإرهاب، تأتي الرغبة في المزيد من الإرهاب»، محذّرا من أنه «قد تشهد إسرائيل موجة إرهابية إضافية أكثر عنفاً».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.