سفاح مسجدي نيوزيلندا يشكو ظروف السجن و«قلة المزايا»

الأسترالي اليميني المتطرف الذي أطلق النار على المصلين في مسجدين بمدينة كرايستشيرش في وقت سابق من الشهر الحالي (رويترز)
الأسترالي اليميني المتطرف الذي أطلق النار على المصلين في مسجدين بمدينة كرايستشيرش في وقت سابق من الشهر الحالي (رويترز)
TT

سفاح مسجدي نيوزيلندا يشكو ظروف السجن و«قلة المزايا»

الأسترالي اليميني المتطرف الذي أطلق النار على المصلين في مسجدين بمدينة كرايستشيرش في وقت سابق من الشهر الحالي (رويترز)
الأسترالي اليميني المتطرف الذي أطلق النار على المصلين في مسجدين بمدينة كرايستشيرش في وقت سابق من الشهر الحالي (رويترز)

قال جمال فودة، إمام مسجد النور في مدينة كرايستشيرش بنيوزيلندا، إن الهجوم الإرهابي الذي وقع على مسجده ومسجد آخر في المدينة ذاتها، يُعدّ نقطة تحول في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001. وخلال منتدى «المسلم الأوروبي» في مدينة هامبورغ شمال ألمانيا، قال فودة، أول من أمس، إن «هجمات الحادي عشر من سبتمبر غيَّرت في الواقع وجه العالم وزرعت بذور الكراهية والعنصرية ضد المسلمين في العقدين الماضيين». وأضاف فودة أن «مذبحة كرايستشيرش هذه هي نقطة تحوُّل في تاريخ نيوزيلندا والعالم، لوضع نهاية لخطاب الكراهية و(الإسلاموفوبيا)». وطالب فودة الساسة في العالم الحر، بسن قوانين ضد خطاب الكراهية والعنصرية، لا سيما ضد المسلمين، ودعا وسائل الإعلام إلى مواجهة معاداة الإسلام.
ورأى فودة أن الهجوم على مسجد «النور» كان بداية لحرب ضد عالم السلام والحب، وليس ضد مسلمي كرايستشيرش وحدهم، وأشار إلى أنه ليس بمقدور أحد أن يهزم حب البشر لبعضهم بعضاً: «نحن لا يمكن كسرنا، فنحن نقف معاً في مواجهة الشرّ». وجدَّد فودة شكره لرئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن، والمجمعات الكنسية وحاخام أوكلاند وكل النيوزيلنديين على التضامن الذي أظهروه».
وكان الهجوم الذي وقع في الخامس عشر من الشهر الحالي أسفر عن مقتل 50 شخصاً، وإصابة نحو 50 آخرين، ويقبع اليميني المتطرف الذي نفذ الهجوم في الحبس الاحتياطي حالياً، ومن الممكن أن يصدر عليه حكم بالسجن مدى الحياة. يُذكر أن منتدى «المسلم الأوروبي» تأسَّس في مدينة برشلونة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، من قِبَل ممثلين من 12 دولة، ويترأس المنتدى الروسي عبد الواحد نيازوف. وكان المنتدى الذي يقع مقره الرسمي في باريس دعا إلى عقد جلسة طارئة في هامبورغ، في أعقاب هجوم كرايستشيرش.
في غضون ذلك، ذكرت تقارير إخبارية، أمس (الأحد)، أن المشتبه به الأسترالي اليميني المتطرف الذي أطلق النار على المصلين في مسجدين بمدينة كرايستشيرش في وقت سابق من الشهر الحالي، مما أسفر عن مقتل 50 شخصاً، تقدَّم بشكوى بشأن ظروف السجن.
ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام النيوزيلندية، فقد تقدم الشاب البالغ من العمر 28 عاماً بشكوى رسمية بشأن حقوقه في الحبس الانفرادي.

وقال مصدر في إدارة الإصلاحيات (السجون) لموقع «ستاف» الإخباري النيوزيلندي إن السجين اشتكى من حرمانه من مقابلة الزائرين ومن المكالمات الهاتفية داخل زنزانته في سجن بمدينة أوكلاند. وقال متحدث باسم إدارة الإصلاحيات، الذي لم ينف أو يؤكد التقارير، رداً على استفسار من وكالة الأنباء الألمانية، أمس (الأحد)، إن السجين «يتم التعامل معه وفقاً للأحكام المنصوص عليها في قانون الإصلاحيات لعام 2004 والتزاماتنا الدولية تجاه معاملة السجناء». وأضاف المتحدث: «في هذا الوقت لا يستطيع الوصول إلى التلفزيون أو الراديو أو الصحف ولن يستقبل زواراً... ولن يتم تقديم معلومات إضافية في الوقت الحالي لأسباب تتعلق بالأمن التشغيلي».
ويُحتجز المشتبه به حالياً في سجن باريموريمو بأوكلاند، وهو السجن الوحيد المشدد أمنياً في البلاد، بعد أن نُقِل إلى هناك من مدينة كرايستشيرش على متن طائرة تابعة لقوات الدفاع الجوي النيوزيلندية. وسيظل الأسترالي، الذي يعتقد في تفوق العرق الأبيض، رهن الاحتجاز، حتى الخامس من أبريل (نيسان) المقبل. ومن المرجَّح أن يبقى في أوكلاند وسيمثل مرة أخرى أمام المحكمة العليا عبر وصلة سمعية بصرية، وكان قد رفض توكيل محامٍ، وقال إنه سيمثل نفسه في المحكمة. وفي أول ظهور له أمام المحكمة بعد يوم واحد من الهجوم، وُجهت إليه تهمة قتل واحدة، لكن من المتوقَّع أن تُوجه إليه المزيد من الاتهامات عند مثوله المقبل.
ولم تؤكد الشرطة بعد ما إذا كان سيتم توجيه تهم متعلقة بالإرهاب. وهناك مخاوف من أنه سيستخدم محاكمته كمنصة لبث معتقداته اليمينية المتعصبة، بطريقة مماثلة لأندرس بريفيك، الإرهابي اليميني النرويجي الذي قتل 77 شخصاً في عام 2011. يُذكر أن بريفيك اشتكى من معاملته في السجن. وفي عام 2018، رفضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان استئناف بريفيك الذي اشتكى من أن ظروف سجنه تشبه «التعذيب اللاإنساني أو المهين».
وقبل أسابيع من الهجوم الذي قتل فيه مسلح 50 مسلماً في كرايستشيرش هدد رجل بإحراق مصاحف خارج مساجد نيوزيلندا، فيما وصفته قيادات طوائف بأنه أحدث تهديد في قائمة الأفعال التي تستهدف أقليات دينية وتنطوي على تهديد.
وقالت الشرطة إنها حذرت رجلاً يبلغ من العمر 38 عاماً في ذلك الحادث الذي لم يكن له صلة بمذبحة كرايستشيرش، لكنها لم تستطع معرفة ما إذا كان يمثل نمطاً سلوكياً.

والسبب في ذلك يرجع إلى أن حكومة نيوزيلندا، على النقيض من دول غربية كثيرة منها بريطانيا والولايات المتحدة، لا تحتفظ بسجل شامل لجرائم الكراهية وتقاعست عن الاستجابة لطلبات في هذا الصدد من مؤسسات محلية ودولية على مدار أكثر من عشر سنوات.
وقالت جانيت أندرسون بيدويس كبيرة المستشارين القانونيين بلجنة حقوق الإنسان، وهي هيئة حكومية مستقلة مكلفة بحماية حقوق الإنسان: «لسنوات كثيرة كان رأينا أنه من الضروري منح الأولوية لذلك وتنفيذه بشكل عاجل... فمن الواجب أن تكون لدينا بيانات صحيحة».
وقد وجهت السلطات تهمة القتل للمسلح الذي يُشتبه بأنه من أنصار فكرة تفوق الجنس الأبيض في هجوم كرايستشيرش، ومن المقرّر أن يمثل أمام المحكمة مرة أخرى في الخامس من أبريل (نيسان). وفي أعقاب أسوأ هجوم من نوعه في نيوزيلندا طفت على السطح أسئلة عن المؤشرات التي لم تلتفت إليها المؤسسات والموارد التي كان يجب تخصيصها لحماية الطوائف المستهدفة. وأمرت رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن لجنة ملكية بالتحقيق في الهجوم. وقال أنور غني من اتحاد جمعيات نيوزيلندا الإسلامية إن أدلة متفرقة تشير إلى زيادة في التصرفات المناهضة للمسلمين في السنوات القليلة الماضية. وأضاف: «عندما يكون هناك حدث عالمي ساخن ويكون لمسلمين صلة به... نشهد نبض جريمة الكراهية من أفراد بعينهم في المجتمع».


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

أُلقي القبض على أحد المسؤولين عن التفجير الإرهابي المزدوج، بسيارتين ملغومتين، الذي وقع في بلدة ريحانلي (الريحانية)، التابعة لولاية هطاي جنوب تركيا، عام 2013

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

عزام أحمد (إسلام آباد - كابل)
أوروبا استنفار أمني ألماني في برلين (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: دراسة تكشف استمرار ارتباط كراهية اليهود باليمين المتطرف بشكل وثيق

انتهت نتائج دراسة في ألمانيا إلى أن كراهية اليهود لا تزال مرتبطة بشكل وثيق باليمين المتطرف.

«الشرق الأوسط» (بوتسدام )

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.