التطبيقات الإلكترونية للراديو والتلفزيون... سرقة أضواء أم تعزيز للمشاهدة؟

التقنيات الجديدة تمنح الراديو والتلفزيون رخصة حياة جديدة وتفتح مجال الاستماع والمشاهدة على نطاق عالمي
التقنيات الجديدة تمنح الراديو والتلفزيون رخصة حياة جديدة وتفتح مجال الاستماع والمشاهدة على نطاق عالمي
TT

التطبيقات الإلكترونية للراديو والتلفزيون... سرقة أضواء أم تعزيز للمشاهدة؟

التقنيات الجديدة تمنح الراديو والتلفزيون رخصة حياة جديدة وتفتح مجال الاستماع والمشاهدة على نطاق عالمي
التقنيات الجديدة تمنح الراديو والتلفزيون رخصة حياة جديدة وتفتح مجال الاستماع والمشاهدة على نطاق عالمي

كلما تبلورت تقنية تواصل واتصال جديدة ساد الاعتقاد أن التقنية الأسبق انتهى وقتها وأن مصيرها الاندثار. قيل هذا عن الصحف المكتوبة وعن الراديو وأخيراً عن التلفزيون أيضاً بعد ظهور تطبيقات رقمية على أجهزة الهاتف الذكي والأجهزة اللوحية تتيح الاستماع والمشاهدة لمحطات الراديو والتلفزيون من جميع أنحاء العالم.
لكن الواقع يشير إلى العكس، فالتقنيات الجديدة تمنح الراديو والتلفزيون رخصة حياة جديدة من خلال الأجهزة الجوالة وتفتح مجال الاستماع والمشاهدة على نطاق عالمي. كما أن هذه التقنيات الجديدة أعادت الاهتمام بالأجهزة التقليدية، بحيث تصل معدلات الاستماع في بريطانيا إلى الراديو يومياً إلى 91 في المائة.
وتعتبر بريطانيا من الأمثلة الجيدة، إذ إن كل البث الإذاعي والتلفزيوني فيها تحول إلى النوع الرقمي، ويوجد بها عدد يكاد يكون لا محدوداً من محطات الراديو والتلفزيون، كما أن ملكية الهواتف الذكية تصل إلى 80 في المائة. وفتحت هذه التطورات إمكانات غير مسبوقة أمام المستمع والمشاهد.
من أبرز الأمثلة برنامج إذاعي بالتعاون بين المحطة الرابعة (راديو 4) والمتحف البريطاني حول تاريخ العالم من خلال مائة قطعة أثرية. ويتم شرح المائة قطعة في مائة حلقة كل منها تمتد إلى 15 دقيقة ويرويها مدير المتحف البريطاني بصوته. ويمكن للمستمع أن يتواصل رقمياً مع المتحف البريطاني ويتجول بين القطع المذكورة ويسجل انطباعاته. ويمكن للمشاهد أيضاً تنزيل هذه البرامج رقمياً والاحتفاظ بها. وهنا أصبحت تجربة الاستماع إلى الراديو تجربة ثقافية كاملة.
وعلى صعيد آخر، يمكن لمستخدم الهواتف الجوالة الذكية أن يحصل على تطبيقات مجانية للهواتف الجوالة للاستماع إلى الراديو أو التلفزيون من جميع أنحاء العالم. وأول هذه التطبيقات يسمى «آي بلاير» ويخص محطات «بي بي سي». ويمكن الاستماع إلى البث الحي للبرامج من عليه أو مراجعة أرشيف البرامج لاختيار البرنامج المطلوب مشاهدته. وتوفر جميع محطات التلفزيون البريطانية مثل هذه التطبيقات مثل «آي تي في هاب» والقناتين الرابعة والخامسة. بالإضافة إلى القنوات المتخصصة والمحطات الفضائية التي يتعين الاشتراك فيها.
وتتبع المسيرة نفسها محطات الراديو البريطانية التي يمكن عن طريق تطبيقاتها على الهاتف أو الأجهزة اللوحية الاستماع إليها بنقاء رقمي عالي النوعية. وهناك نوع آخر من التطبيقات يوفر محطات الراديو الخاصة بدول أو لغات معينة. وتشمل هذه التطبيقات كل دول أوروبا وأميركا وكندا والدول اللاتينية والآسيوية والعربية وغيرها.
وهناك أيضاً تطبيقات لمن يريد الاستماع إلى مجالات معينة مثل الموسيقى الكلاسيكية والعناية بالحدائق أو الأغاني من حقبة تاريخية معينة مثل الثمانينات أو موسيقى الجاز أو الروك. كما توجد تطبيقات مثل «ماي تيونر» توفر مجموعة متكاملة من محطات الراديو العالمية. ويوفر هذا التطبيق مجموعة من محطات الراديو العربية التي يستطيع المستخدم أن يستمع إلى البث الحي منها في أي مكان في العالم.
وعلى المنوال نفسه، تنتشر محطات التلفزيون الأرضية والفضائية عبر تطبيقاتها الرقمية لمن يريد المشاهدة. والاستثناء الوحيد بالطبع؛ المحطات المدفوعة التي تشمل محطات الأفلام والأحداث الرياضية الحية مثل مباريات الكرة الأوروبية.
ولا يضطر المستمع أو المشاهد أن يقيد نفسه بالشاشة الصغيرة على هاتفه الجوال، فأجهزة التلفزيون الذكية توفر له إمكانات متعددة لم تكن متاحة في الماضي، مثل مشاهدة ما يظهر على شاشة الجوال مباشرة على شاشة التلفزيون العريضة.
من التطبيقات الحديثة ما يتيح إمكانية استقبال وبث بعض محطات الراديو من دون الحاجة إلى وصل الهاتف الجوال بالإنترنت. وتصلح هذه التطبيقات للاستماع أثناء التجول في مناطق نائية لا توجد فيها شبكات إنترنت. ويمكن اختيار المحطات المفضلة وفقاً للمنطقة الجغرافية أو اللغة أو نوع الموسيقى. من هذه التطبيقات «آي هارت راديو» و«تيون إن راديو» و«سمبل راديو» و«نكست راديو» و«بي سي راديو». وبعضها يتيح إمكانية تخزين الأغاني والموسيقى المفضلة لتشغيلها في حالات الانفصال عن الإنترنت. كما يمكن لزبائن «أمازون برايم» تنزيل الموسيقى المفضلة لديهم عبر تطبيق «أمازون ميوزيك» للاستماع إليها بعيداً عن وصلات الإنترنت.
ويمكن القول إن الراديو باقٍ للمدى الطويل ولا خوف عليه من التقنيات الأخرى، وهو في الغالب يستخدم خلال القيادة في السيارة وينتشر في المناطق الريفية وفي المناطق التي لا تتاح فيها الإنترنت وترتفع فيها معدلات الأمية. ويتألق الراديو في نشر المعلومات والأخبار والتوعية.


مقالات ذات صلة

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

المشرق العربي المسؤول الإعلامي في «حزب الله» محمد عفيف خلال مؤتمر صحافي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:40

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

باغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف تكون إسرائيل انتقلت من اغتيال القادة العسكريين في الحزب إلى المسؤولين والقياديين السياسيين والإعلاميين.

بولا أسطيح (بيروت)
يوميات الشرق «SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر مهرجان «أثر» للإبداع بـ6 جوائز مرموقة

حصدت «SRMG Labs»، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، 6 جوائز مرموقة عن جميع الفئات التي رُشّحت لها في مهرجان «أثر» للإبداع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم سيارة عليها كلمة «صحافة» بالإنجليزية بعد تعرض فندق يقيم فيه صحافيون في حاصبيا بجنوب لبنان لغارة إسرائيلية في 25 أكتوبر (رويترز)

اليونيسكو: مقتل 162 صحافياً خلال تأديتهم عملهم في 2022 و2023

«في العامين 2022 و2023، قُتل صحافي كل أربعة أيام لمجرد تأديته عمله الأساسي في البحث عن الحقيقة».

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي صحافيون من مختلف وسائل إعلام يتشاركون موقعاً لتغطية الغارات الإسرائيلية على مدينة صور (أ.ب)

حرب لبنان تشعل معركة إعلامية داخلية واتهامات بـ«التخوين»

أشعلت التغطية الإعلامية للحرب بلبنان سجالات طالت وسائل الإعلام وتطورت إلى انتقادات للإعلام واتهامات لا تخلو من التخوين، نالت فيها قناة «إم تي في» الحصة الأكبر.

حنان مرهج (بيروت)

استنفار الإعلام المرئي اللبناني على مدى 24 ساعة يُحدث الفرق

إدمون ساسين (إنستغرام)
إدمون ساسين (إنستغرام)
TT

استنفار الإعلام المرئي اللبناني على مدى 24 ساعة يُحدث الفرق

إدمون ساسين (إنستغرام)
إدمون ساسين (إنستغرام)

تلعب وسائل الإعلام المرئية المحلية دورها في تغطية الحرب الدائرة اليوم على لبنان.

نوع من «التجنيد الإجباري» فرضته هذه الحالة على المحطات التلفزيونية وموظفيها ومراسليها، فغالبيتهم يمضون نحو 20 ساعة من يومهم في ممارسة مهامهم. وبعضهم يَصِلون ليلهم بنهارهم في نقل مباشر وموضوعي، وآخرون يضعون دمهم على كفّ يدهم وهم يتنقلون بين مناطق وطرقات تتعرّض للقصف. أما رؤساء التحرير ومقدِّمو البرامج الحوارية اليومية، فهم عندما يحوزون على ساعات راحة قليلة، أو يوم إجازة، فإنهم يشعرون كما السمك خارج المياه. ومن باب مواقعهم ومسؤولياتهم الإعلامية، تراهم يفضلون البقاء في قلب الحرب، وفي مراكز عملهم؛ كي يرووا عطشهم وشهيّتهم للقيام بمهامهم.

المشهدية الإعلامية برمّتها اختلفت هذه عن سابقاتها. فهي محفوفة بالمخاطر ومليئة بالصدمات والمفاجآت من أحداث سياسية وميدانية، وبالتالي، تحقن العاملين تلقائياً بما يشبه بهرمون «الأدرينالين». فكيف تماهت تلك المحطات مع الحدث الأبرز اليوم في الشرق الأوسط؟

الدكتورة سهير هاشم (إنستغرام)

لم نتفاجأ بالحرب

يصف وليد عبود، رئيس تحرير الأخبار في تلفزيون «إم تي في» المحلي، لـ«الشرق الأوسط»، حالة الإعلام اللبناني اليوم بـ«الاستثنائية». ويضيف: «إنها كذلك لأننا في لبنان وليس عندنا محطات إخبارية. وهي، بالتالي، غير مهيأة بالمطلق للانخراط ببث مباشر يستغرق ما بين 18 و20 ساعة في اليوم. بيد أن خبراتنا المتراكمة في المجال الإعلامي أسهمت في تكيّفنا مع الحدث. وما شهدناه في حراك 17 أكتوبر (تشرين الأول) الشعبي، وفي انفجار مرفأ بيروت، يندرج تحت (الاستنفار الإعلامي) ذاته الذي نعيشه اليوم».

هذا «المراس» - كما يسميه عبود - «زوّد الفريق الإخباري بالخبرة، فدخل المواكبة الإعلامية للحرب براحة أكبر، وصار يعرف الأدوات اللازمة لهذا النوع من المراحل». وتابع: «لم نتفاجأ باندلاع الحرب بعد 11 شهراً من المناوشات والقتال في جنوب لبنان، ضمن ما عرف بحرب المساندة. لقد توقعنا توسعها كما غيرنا من محللين سياسيين. ومن كان يتابع إعلام إسرائيل لا بد أن يستشفّ منه هذا الأمر».

جورج صليبي (إنستغرام)

المشهد سوريالي

«يختلف تماماً مشهد الحرب الدائرة في لبنان اليوم عن سابقاته». بهذه الكلمات استهل الإعلامي جورج صليبي، مقدّم البرامج السياسية ونشرات الأخبار في محطة «الجديد» كلامه لـ«الشرق الأوسط». وأردف من ثم: «ما نشهده اليوم يشبه ما يحصل في الأفلام العلمية. كنا عندما نشاهدها في الصالات السينمائية نقول إنها نوع من الخيال، ولا يمكنها أن تتحقق. الحقيقة أن المشهد سوريالي بامتياز حتى إننا لم نستوعب بسرعة ما يحصل على الأرض... انفجارات متتالية وعمليات اغتيال ودمار شامل... أحداث متسارعة تفوق التصور، وجميعها وضعتنا للحظات بحالة صدمة. ومن هناك انطلقنا بمشوار إعلامي مرهق وصعب».

وليد عبود (إنستغرام)

المحطات وضغوط تنظيم المهام

وبالفعل، منذ توسع الحرب الحالية، يتابع اللبنانيون أخبارها أولاً بأول عبر محطات التلفزيون... فيتسمّرون أمام الشاشة الصغيرة، يقلّبون بين القنوات للتزوّد بكل جديد.

وصحيحٌ أن غالبية اللبنانيين يفضّلون محطة على أخرى، لكن هذه القناعة عندهم تتبدّل في ظروف الحرب. وهذا الأمر ولّد تنافساً بين تلك المحطات؛ كي تحقق أكبر نسبة متابعة، فراحت تستضيف محللين سياسيين ورؤساء أحزاب وإعلاميين وغيرهم؛ كي تخرج بأفكار عن آرائهم حول هذه الحرب والنتيجة التي يتوقعونها منها. وفي الوقت نفسه، وضعت المحطات جميع إمكاناتها بمراسلين يتابعون المستجدات على مدار الساعات، فيُطلعون المشاهد على آخر الأخبار؛ من خرق الطيران الحربي المعادي جدار الصوت، إلى الانفجارات وجرائم الاغتيال لحظة بلحظة. وفي المقابل، يُمسك المتفرجون بالـ«ريموت كونترول»، وكأنه سلاحهم الوحيد في هذه المعركة التنافسية، ويتوقفون عند خبر عاجل أو صورة ومقطع فيديو تمرره محطة تلفزيونية قبل غيرها.

كثيرون تساءلوا: كيف استطاعت تلك المحطات تأمين هذا الكمّ من المراسلين على جميع الأراضي اللبنانية بين ليلة وضحاها؟

يقول وليد عبود: «هؤلاء المراسلون لطالما أطلوا عبر الشاشة في الأزمنة العادية. ولكن المشاهد عادة لا يعيرهم الاهتمام الكبير. ولكن في زمن الحرب تبدّلت هذه المعادلة وتكرار إطلالاتهم وضعهم أكثر أمام الضوء».

ولكن، ما المبدأ العام الذي تُلزم به المحطات مراسليها؟ هنا يوضح عبود في سياق حديثه أن «سلامة المراسل والمصور تبقى المبدأ الأساسي في هذه المعادلة. نحن نوصيهم بضرورة تقديم سلامتهم على أي أمر آخر، كما أن جميعهم خضعوا لتدريبات وتوجيهات وتعليمات في هذا الشأن... وينبغي عليهم الالتزام بها».

من ناحيته، يشير صليبي إلى أن المراسلين يبذلون الجهد الأكبر في هذه الحرب. ويوضح: «عملهم مرهق ومتعب ومحفوف بالمخاطر. لذلك نخاف على سلامتهم بشكل كبير».

محمد فرحات (إنستغرام)

«إنها مرحلة التحديات»

وبمناسبة الكلام عن المراسلين، يُعد إدمون ساسين، مراسل قناة «إل بي سي آي»، من الأقدم والأشهر في هذه المحطة. وهو لا يتوانى عن التنقل خلال يوم واحد بين جنوب لبنان وشماله. ويصف مهمّته خلال المرحلة الراهنة بـ«الأكثر خطراً». ويشرح من ثم قائلاً: «لم تعُد هناك خطوط حمراء أو نقاط قتال محددة في هذه الحرب. لذا تحمل مهمتنا التحدّي بشكل عام. وهي محفوفة بخطر كبير، لا سيما أن العدو الإسرائيلي لا يفرّق بين طريق ومبنى ومركز حزب وغيره، ويمكنه بين لحظة وأخرى أن يختار أهدافه ويفاجئ الجميع... وهذا ما وضع الفرق الصحافية في خطر دائم، ونحن علينا بالتالي تأمين المعلومة من قلب الحدث بدقة».

وفق ساسين، فإن أصعب المعلومات هي تلك المتعلقة بالتوغّل البرّي للجيش الإسرائيلي، «فحينها لا يمكن للمراسل معرفة ما يجري بشكل سليم وصحيح على الأرض... ولذا نتّكل أحياناً على مصادر لبنانية من جهة (حزب الله)، و(اليونيفيل) (القوات الدولية العاملة بجنوب لبنان) والجيش اللبناني والدفاع المدني، أو أشخاص عاشوا اللحظة. ومع هذا، يبقى نقل الخبر الدقيق مهمة صعبة جداً. ويشمل ما أقوله أخبار الكمائن والأسر، بينما نحن في المقابل نفتقر إلى القدرة على معرفة هذه الأخبار، ولذا نتوخى الحذر بنقلها».

«لبنان يستأهل التضحية»

في هذه الأثناء، يتكلم مراسل تلفزيون «الجديد» محمد فرحات «بصلابة»، عندما يُسأل عن مهمّته الخطرة اليوم.

محمد كان من بين الفريق الإعلامي الذي تعرّض لقصف مباشر في مركز إقامته في بلدة حاصبيا، وخسر يومذاك زملاء له ولامس الموت عن قرب لولا العناية الإلهية، كما يقول. ويتابع: «لقد أُصبت بحالة إنكار للمخاطر التي أتعرّض لها. في تلك اللحظة عشت كابوساً لم أستوعبه في البداية. وعندما فتحت عيني سألت نفسي لبرهة: أين أنا؟»، ويضيف فرحات: «تجربتي الإعلامية ككل في هذه الحرب كانت مفيدة جداً لي على الصعيدين: الشخصي والمهني. من الصعب أن أُشفى من جروح هذه الحرب، ولكني لم أستسلم أو أفكر يوماً بمغادرة الساحة. فلبنان يستأهل منا التضحية».

العلاج النفسي الجماعي ضرورة

أخيراً، في هذه الحرب لا إجازات ولا أيام عطل وراحة. كل الإعلاميين في مراكز عملهم بحالة استنفار. ولكن ماذا بعد انتهاء الحرب؟ وهل سيحملون منها جراحاً لا تُشفى؟

تردّ الاختصاصية النفسية الدكتورة سهير هاشم بالقول: «الإعلاميون يتعرضون لضغوط جمّة، وفي الطليعة منهم المراسلون. هؤلاء قد لا يستطيعون اليوم كشف تأثيرها السلبي على صحتهم النفسية، ولكن عند انتهاء الحرب قد يكون الأمر فادحاً. وهو ما يستوجب الدعم والمساندة بصورة مستمرة من مالكي المحطات التي يعملون بها». وأضافت الدكتورة هاشم: «ثمة ضرورة لإخضاعهم لجلسات علاج نفسية، والأفضل أن تكون جماعية؛ لأن العلاج الموسمي غير كافٍ في حالات مماثلة، خلالها يستطيعون أن يساندوا ويتفهموا بعضهم البعض بشكل أفضل».