وسائل تحليل الصوت ونظم «الرؤية الشعاعية»... لرصد الأمراض

برامج إلكترونية لتسريع التشخيص الطبي الدقيق

نظم التصوير الإلكتروني
نظم التصوير الإلكتروني
TT

وسائل تحليل الصوت ونظم «الرؤية الشعاعية»... لرصد الأمراض

نظم التصوير الإلكتروني
نظم التصوير الإلكتروني

يوماً بعد يوم، تزداد أهمية الدور الذي تلعبه التقنية في الوقاية من الأمراض وتشخيصها. وتستخدم حالياً تقنيات حديثة عديدة مثل الذكاء الصناعي، وأجهزة الاستشعار، وما يعرف بإنترنت الأشياء، لإتمام عدد هائل من المهام... من رصد مرض ألزهايمر من نبرة الصوت، إلى اطلاع مرضى سرطان الثدي على نتائج العلاج الكيميائي الذي يتلقونه بشكل آني.
- تشخيص خاطئ
وتأتي أهمية هذه التقنيات بسبب اتساع ظاهرة التشخيصات الطبية الخاطئة. وعلى سبيل المثال فقد تناول الإعلام الأميركي قصة جيف برو، عملاق التقنية المشهور في أفلام هوليوود، إذ إنه يشرف على نظام خاص للتخزين الرقمي «أوبن درايفز» جعل منه نجماً في الفيلم وصناعة الترفيه.
كان السيّد برو يمضي شهر عسله في مكسيكو عام 2016 عندما تعرّض لتمزّق في الطحال وسارع إلى مستشفى في قرية «زيهواتانيجو» لاستئصاله. بعد عودته إلى منزله في لوس أنجليس، حصل من الأطباء على تشخيص خاطئ بأنّه يعاني من الساركوما الوعائية، وهي نوع نادر من السرطان يحدث داخل بطانة الأوعية الدموية واللمفاوية، فبدأ بعدها بتلقي علاج كيميائي شديد. وكان حينها في الرابعة والثلاثين من عمره. بعد شهر، اعترف الأطباء أنّهم ارتكبوا خطأ في التشخيص وقالوا إنّ المريض يعاني حقيقة من لِمْفُوما لَاهودجكينيَة قابلة للعلاج. ولكن بعد مرور كل ذلك الوقت، كان جهازه المناعي وكبده قد تضرّرا جرّاء العلاجات الكيميائية الخاطئة وسبع خزعات أخذت منه، وهو حالياً بانتظار عملية لزراعة الكبد في مدينة بيتسبرغ.
- تقنيات سريعة
حمل برو معه إلى قطاع العناية الصحية نظامه الخاص للتخزين الرقمي «أوبن درايفز». ويتيح نظامه للمستشفيات تخزين صور الرنين المغناطيسي والأشعة المقطعية بدقّة عرض عالية، إلى جانب صور ثلاثية الأبعاد دون الاضطرار إلى ضغطها، أي ضغط تفاصيلها.
وتعمد معظم المستشفيات إلى ضغط الصور المخزّنة لديها، مما قد يؤدي إلى تشوّه هذه الصور وتفويت معلومات هامة على الأطباء، بحسب ما أفاد تشاد كنولز، الرئيس التنفيذي في «أوبن درايفز». ولفت برو إلى أنّ نظامه يتميّز أيضاً بالسرعة، حيث إنه يتيح العثور على صورة مقطعية عند التصوير بالإصدار البوزيتروني في غضون خمس ثوانٍ، بعد أن كان يتطلّب أربع دقائق في أنظمة أخرى.
وكشف برو أنّ مستشفى «ستيدمان كلينيك» في فيل، كولورادو، الرائدة في مجال جراحة العظام، كانت أوّل منشأة صحية تستعين بنظام «أوبن درايفز»، وأنّ المحادثات قائمة مع مستشفيات أخرى تريد الحصول عليه.
- التحليل الصوتي
تعتبر تقنية التحليل الصوتي Voice analysis، التي تستطيع رصد الحالات المرضية الجسدية والعقلية من صوت الإنسان، من مجالات التطوّر الواعدة أيضاً. وهي توظف لتشخيص مرض الأوعية التاجية وألزهايمر وحتى انقطاع التنفس أثناء النوم.
تستخدم هذه التقنية الذكاء الصناعي لتقييم مئات القياسات، مثل درجة شدة الصوت، والنبرة، والترددات، وخيارات الكلام، والتنفس، وكيفية وصف الشخص لصورة ما، لتحديد المشكلة.
ويقول ريتش روس، مدير قسم أبحاث العناية الصحية في شركة «غارتنر» المتخصصة بالبحث والاستشارة: «يمكن تقييم الطريقة التي نتكلّم بها والكلمات التي نختارها لرصد لائحة طويلة من المشكلات الصحية بشكل دقيق».
وتعمل اليوم شركات كثيرة من بينها «سوندي هيلث» و«وينترلايت لابز» و«بيوند فيربال» على تطوير هذه التقنية. وقد كشف ليام كوفمان، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة «وينترلايت لابز» بأنّ «شركته تحلّل نحو 540 مقياساً مختلفاً».
- تقدّم علم الأشعة
يستخدم المزيد من الباحثين الذكاء الصناعي لمساعدة علماء الأشعة في اتخاذ القرارات التشخيصية بدقة أكبر، وتحديداً في مجال سرطان الثدي.
يشكّل الرصد المبكّر لهذا المرض عاملاً رئيسياً للنجاة.
وقد طوّر كل من البروفسورة ريجينا بارزيلاي من معهد ماساتشوستس للتقنية، وكونستانس ليهمان رئيس قسم تصوير الثدي والأشعة في مستشفى ماساتشوستس العام في بوسطن، نظام ذكاء صناعي لتحسين رصد وتشخيص النتوء (الذي يعبر عن الورم) التي تظهرها صورة الثدي الشعاعية (ماموغرام) في الأنسجة. وتجدر الإشارة إلى أنّ بارزيلاي هي أيضاً عضو في مختبر علوم الكومبيوتر والذكاء الصناعي التابع للمعهد.
شدّدت بارزيلاي أنّ 70 في المائة من الأورام التي تظهر في الصورة الشعاعية حميدة، و20 في المائة منها خبيثة، إلى جانب 10 في المائة «عالية الخطورة» تنتج عن حقن الخزعة. إلا أنه يتّضح لاحقاً بعد الإجراء الجراحي أنّ 90 في المائة من تلك الأورام «عالية الخطورة» كانت من النوع الحميد.
وتتوقع البروفسورة من معهد ماساتشوستس للتقنية اختبار تقنيتها للكشف المبكّر، والتي تستخدم اليوم في مستشفى ماساتشوستس العام، من قبل 10 أو 15 مستشفى قبل نهاية العام الجاري.
وفي مختبر الطب الحيوي للتقنيات البصرية التابع لجامعة بوسطن، طوّر الباحثون مجسّاً قابلاً للارتداء مهمّته مراقبة فعالية العلاج الكيميائي لدى مرضى سرطان الثدي أثناء تلقّيه وفي الوقت الحقيقي.
- «الرؤية الشعاعية}
ومن التقنيات العصرية الواعدة الأخرى، يمكننا أيضاً الحديث عن «الرؤية الشعاعية» (الرؤية عبر الأجسام الصلبة) التي تسعى مختبرات معهد ماساتشوستس التقنية لتطويرها. وتعتمد هذه التقنية المتقدّمة على موجات الـ«واي - فاي» والموجات الراديوية للرؤية عبر الجدران ومراقبة المرضى الذين يعانون من اضطرابات حركية أو المعرّضين للسقوط.
تعمل البروفسورة دينا قتابي، عضوة مختبر علوم الكومبيوتر والذكاء الصناعي التابع لمعهد ماساتشوستس التقني، حالياً على اختبار نظام منزل ذكي لاسلكي يعرف باسم «إيميرالد»، تستخدم فيه نظم الذكاء الصناعي وأجهزة الاستشعار وإشارات الراديو لتعقّب حركة الشخص ومراحل نومه ومعدل ضربات قلبه، وتنفسه وسرعة سيره وغيرها من المقاييس، حتى عبر جدران المنزل طالما هو متصل بال،«واي - فاي». ولكن رغم أنّ الكثير من هذه التقنيات الحديثة أظهرت نتائج أولية واعدة، فإنها ستحتاج إلى سنوات عديدة قبل الوصول إلى المستخدمين.


مقالات ذات صلة

خبراء يؤكدون: التحدث مع ذاتك بصوت عالٍ يعزز صحتك النفسية

يوميات الشرق الكثير من الناس يتحدثون بصوت عالٍ مع أنفسهم (أ.ف.ب)

خبراء يؤكدون: التحدث مع ذاتك بصوت عالٍ يعزز صحتك النفسية

يتحدث الكثير من الناس بصوت عالٍ مع أنفسهم، وهو ما يُطلق عليه عادةً الحديث الذاتي الخارجي أو الحديث الخاص، فما مميزات أو عيوب هذا الأمر؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رجل يركب دراجة نارية وسط ضباب كثيف بالقرب من نيودلهي (إ.ب.أ)

استنشاق هواء نيودلهي يعادل تدخين 50 سيجارة يومياً

مع تفاقم الضباب الدخاني السام الذي يلف نيودلهي هذا الأسبوع، فرضت السلطات في العاصمة الهندية مجموعة من القيود الأكثر صرامة على حركة المركبات والسكان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
صحتك الذكاء الاصطناعي يمكنه التنبؤ بدقة بحدوث تفاقم في الأعراض قبل ما يصل إلى 7 أيام من بدء ظهورها (رويترز)

الذكاء الاصطناعي قد يتنبأ بتفاقم أمراض الرئة قبل أسبوع من ظهور الأعراض

كشفت دراسة أن تحليل عينات البول باستخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يتنبأ بتعرض المصابين بالانسداد الرئوي المزمن لتفاقم أعراض مرضهم، قبل أسبوع من ظهور الأعراض.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك شعار «شات جي بي تي» يظهر أمام شعار شركة «أوبن إيه آي» (رويترز)

هل يساعد «شات جي بي تي» الأطباء حقاً في تشخيص الأمراض؟ الإجابة مفاجئة

يتساءل الكثير من الأشخاص حول ما إذا كان برنامج الدردشة الآلي الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي قادراً على مساعدة الأطباء في تشخيص مرضاهم بشكل أفضل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة

ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة
TT

ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة

ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة

ابتكر أليكس ويلشكو، مؤسس شركة الذكاء الاصطناعي «أوسمو»، وفريقه نسخة «ألفا» من جهاز خيالي بحجم حقيبة الظهر مزودة بمستشعر شمّ يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد المنتجات المقلدة من خلال تحليل تركيبها الكيميائي.

وأقامت شركة «أوسمو» (Osmo) شراكة مع منصات إعادة بيع الأحذية الرياضية لإظهار أن اختبار الشم عالي التقنية قادر على تحديد المنتجات المزيفة بدرجة عالية من الدقة.

الجزيئات المتطايرة تحدد الرائحة

كل شيء في العالم له رائحة، من الملابس إلى السيارات إلى جسمك. هذه الروائح هي جزيئات متطايرة، أو كيمياء «تطير» من تلك الأشياء وتصل إلى أنوفنا لتخبرنا بالأشياء. ويختبر الإنسان ذلك بوعي ووضوح عندما يكون هناك شيء جديد قرب أنفه، مثل شم سيارة جديدة أو زوج من الأحذية الرياضية. لكن حتى عندما لا تلاحظ الروائح، فإن الجزيئات موجودة دائماً.

رائحة المنتجات المقلَّدة

الأحذية المقلدة لها رائحة مختلفة عن الأحذية الحقيقية. إذ لا تختلف الأحذية الرياضية الأصلية والمقلدة في المواد، فحسب، لكن في التركيب الكيميائي. حتى الآن، اعتمدت شركات مثل «استوكس» (StockX) على اختبارات الشم البشري والفحص البصري لتمييز الأصالة - وهي عملية تتطلب عمالة مكثفة ومكلفة. وتهدف التقنية الجديدة إلى تبسيط العملية.

خريطة تحليل الفوارق اللونية

تدريب الذكاء الاصطناعي على الاختلافات الجزيئية

ووفقاً لويلشكو، درَّب فريقه «الذكاء الاصطناعي باستخدام أجهزة استشعار شديدة الحساسية للتمييز بين هذه الاختلافات الجزيئية».

وستغير هذه التكنولوجيا كيفية إجراء عمليات التحقق من الأصالة في الصناعات التي تعتمد تقليدياً على التفتيش اليدوي والحدس. وتهدف إلى رقمنة هذه العملية، وإضافة الاتساق والسرعة والدقة.

20 ثانية للتمييز بين المزيف والحقيقي

ويضيف أن آلة «أوسمو» تستغرق الآن نحو 20 ثانية للتمييز بين المنتج المزيف والحقيقي. وقريباً، كما يقول، ستقل الفترة إلى خمس ثوانٍ فقط. وفي النهاية، ستكون فورية تقريباً.

تم بناء أساس التقنية على سنوات من العمل المخبري باستخدام أجهزة استشعار شديدة الحساسية، كما يصفها ويلشكو، «بحجم غسالة الأطباق»، ويضيف: «تم تصميم أجهزة الاستشعار هذه لتكون حساسة مثل أنف الكلب، وقادرة على اكتشاف أضعف البصمات الكيميائية».

وتعمل هذه المستشعرات على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وتجمع باستمرار البيانات حول التركيب الكيميائي لكل شيء من البرقوق والخوخ إلى المنتجات المصنعة»، كما يوضح ويلشكو.

خريطة الرائحة الرئيسية

تشكل البيانات التي تم جمعها العمود الفقري لعملية تدريب الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة، والتي تساعد في إنشاء فهم عالي الدقة للروائح المختلفة ومنحها موقعاً في نظام إحداثيات يسمى خريطة الرائحة الرئيسية.

إذا كنت على دراية بكيفية ترميز ألوان الصورة في الصور الرقمية، فان الطريقة تعمل بشكل مماثل. إذ تقريباً، يتوافق لون البكسل مع مكان على خريطة RGB، وهي نقطة في مساحة ثلاثية الأبعاد بها إحداثيات حمراء وخضراء وزرقاء.

تعمل خريطة الرائحة الرئيسية بشكل مشابه، باستثناء أن الإحداثيات في تلك المساحة تتنبأ بكيفية ورود رائحة مجموعات معينة من الجزيئات في العالم الحقيقي. يقول ويلشكو إن هذه الخريطة هي الصلصة السرية لشركة «أوسمو» لجعل الاختبار ممكناً في الوحدات المحمولة ذات أجهزة استشعار ذات دقة أقل وحساسة تقريباً مثل أنف الإنسان.

من المختبر إلى الأدوات اليومية

يقول ويلشكو إنه في حين أن أجهزة الاستشعار المحمولة أقل حساسية من وحدات المختبر، فإن البيانات المكثفة التي يتم جمعها باستخدام أجهزة الاستشعار عالية الدقة تجعل من الممكن إجراء اكتشاف فعال للرائحة. مثل الذكاء الاصطناعي لقياس الصورة القادر على استنتاج محتويات الصورة لإنشاء نسخة بدقة أعلى بناءً على مليارات الصور من نموذجه المدرب، فإن هذا يحدث بالطريقة نفسها مع الرائحة. تعدّ هذه القدرة على التكيف أمراً بالغ الأهمية للتطبيقات في العالم الحقيقي، حيث لا يكون نشر جهاز بحجم المختبر ممكناً.

من جهته، يشير روهينتون ميهتا، نائب الرئيس الأول للأجهزة والتصنيع في «أوسمو»، إلى أن مفتاح عملية التعريف لا يتعلق كثيراً بالروائح التي يمكننا إدراكها، لكن بالتركيب الكيميائي للكائن أو الشيء، وما يكمن تحته. ويقول: «الكثير من الأشياء التي نريد البحث عنها والتحقق من صحتها قد لا يكون لها حتى رائحة محسوسة. الأمر أشبه بمحاولة تحليل التركيب الكيميائي».

وهو يصف اختباراً تجريبياً أجرته الشركة مؤخراً مع شركة إعادة بيع أحذية رياضية كبيرة حقق معدل نجاح يزيد على 95 في المائة في التمييز بين الأحذية المزيفة والأحذية الحقيقية.

إلا أن الطريقة لا تعمل إلا مع الأشياء ذات الحجم الكبير، في الوقت الحالي. ولا يمكن للتكنولوجيا التحقق من صحة الأشياء النادرة جداً التي تم صنع ثلاثة منها فقط، مثلاً.

هذا لأنه، كما أخبرني ويلشكو، يتعلم الذكاء الاصطناعي باستخدام البيانات. لكي يتعلم رائحة طراز جديد معين من الأحذية، تحتاج إلى إعطائه نحو 10 أزواج من الأحذية الرياضية الحقيقية. في بعض الأحيان، تكون رائحة البصمة خافتة لدرجة أنه سيحتاج إلى 50 حذاءً رياضياً أصلياً ليتعلم الطراز الجديد.

خلق روائح جديدة

لا يشم مختبر «أوسمو» الأشياء التي صنعها آخرون فحسب، بل يخلق أيضاً روائح جديدة داخل الشركة باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي والروبوتات نفسها. أظهر علماء الشركة كيف يعمل هذا بطريقة عملية خلال تجربة أطلقوا عليها اسم مشروع نقل الرائحة. لقد التقطوا رائحة باستخدام مطياف الكتلة للتفريق اللوني الغازي (GCMS)، الذي يحللها إلى مكوناتها الجزيئية ويحمل البيانات إلى السحابة. أصبحت هذه البيانات الملتقطة إحداثيات على خريطة الرائحة الرئيسية. بمجرد رسم الخريطة، يتم توجيه روبوت التركيب في مكان آخر لخلط عناصر مختلفة وفقاً لوصفة الرائحة، وإعادة إنشاء الرائحة الأصلية بشكل فعال.

رائحة مصنّعة لتعريف المنتجات

باستخدام تقنية تصنيع الرائحة نفسها، يتخيل ويلشكو أن «أوسمو» يمكن أن تدمج جزيئات عديمة الرائحة مباشرة في المنتجات بصفتها معرفاتٍ فريدة؛ مما يخلق توقيعاً غير مرئي لن يكون لدى المزورين أي طريقة لاكتشافه أو تكراره. فكر في هذا باعتباره ختماً غير مرئي للأصالة.

وتعمل شركة «أوسمو» على تطوير هذه العلامات الفريدة لتُدمج في مواد مثل الغراء أو حتى في القماش نفسه؛ ما يوفر مؤشراً سرياً لا لبس فيه على الأصالة.

هناك فرصة كبيرة هنا. وكما أخبرني ويلشكو، فإن صناعة الرياضة هي سوق بمليارات الدولارات، حيث أعلنت شركة «نايكي» وحدها عن إيرادات بلغت 60 مليار دولار في العام الماضي. ومع ذلك، تنتشر النسخ المقلدة من منتجاتها على نطاق واسع، حيث أفادت التقارير بأن 20 مليار دولار من السلع المقلدة تقطع هذه الإيرادات. وقد صادرت الجمارك وحماية الحدود الأميركية سلعاً مقلدة بقيمة مليار دولار فقط في العام الماضي في جميع قطاعات الصناعة، وليس فقط السلع الرياضية. ومن الواضح أن تقنية الرائحة هذه يمكن أن تصبح سلاحاً حاسماً لمحاربة المنتجات المقلدة، خصوصاً في أصعب الحالات، حيث تفشل الأساليب التقليدية، مثل فحص العلامات المرئية.

الرائحة هي مفتاح المستقبل

يرى ويلشكو أن النظام جزء من استراتيجية أوسع لرقمنة حاسة الشم - وهو مفهوم بدأ العمل عليه عند عمله في قسم أبحاث «غوغل». إن أساس النظام يكمن في مفهوم يسمى العلاقة بين البنية والرائحة. وتتلخص هذه العلاقة في التنبؤ برائحة الجزيء بناءً على بنيته الكيميائية، وكان مفتاح حل هذه المشكلة هو استخدام الشبكات العصبية البيانية.

إمكانات طبية لرصد الأمراض

إن الإمكانات الطبية لهذه التقنية هي تحويلية بالقدر نفسه. ويتصور ويلشكو أن النظام يمكن استخدامه للكشف المبكر عن الأمراض - مثل السرطان أو السكري أو حتى الحالات العصبية مثل مرض باركنسون - من خلال تحليل التغييرات الدقيقة في رائحة الجسم التي تسبق الأعراض غالباً.

لكنه يقول إنه حذّر بشأن موعد حدوث هذا التقدم؛ لأنه يجب على العلماء أن يحددوا أولاً العلامات الجزيئية لهذه الروائح قبل أن تتمكن الآلة من اكتشاف أمراض مختلفة. وتعمل الشركة بالفعل مع عدد من الباحثين في هذا المجال.

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»