بلغة بصرية أنيقة وناعمة تدعونا الفنانة التشكيلية المصرية نازلي مدكور، إلى استقبال الربيع بروح متجددة، وطاقة أمل، فعبر أعمالها التي يضمها معرضها المقام حالياً بغاليري بيكاسو بالزمالك، ويستمر حتى 10 أبريل (نيسان)، تواصل الغوص في عالم مستوحى من جمال الطبيعة وزهورها، فتنقل حالة التوهج والثراء في خطوطها وألوانها وتكويناتها من سطح اللوحات إلى أعماقنا، لتثير الشغف بتذوق المناظر الخلابة والانطلاق بين ربوع الحياة.
فكأنما تريد أن تأخذنا إلى «حديقة خاصة» - وهو العنوان الذي اختارته لمعرضها - لا تزخر بالزهور والنباتات فقط، لكن إلى جانب ذلك، تبرز الأحاسيس والرؤى الغنية والمحملة بصياغات جديدة تحفزنا على محاكاتها، لإنهاء حالة الثبات، ومواجهة أي شوائب من الحزن واليأس قد تكون عالقة في نفوسنا، فالتوغل في عالم نازلي مدكور هو بمثابة حالة من «الخلاص» من الأوجاع وترسبات الماضي، استعداداً للترحيب بموسم جديد في حياتنا هو موسم الربيع.
وعبر 30 لوحة يحتضنها المعرض تتضح ملامح الذاكرة البصرية للفنانة، التي غذتها روح الطبيعة وجمالها الآسر مما يُعد معادلاً بصرياً لجمال الحياة ذاتها، كما تريد أن تجعلنا نشعر بها، ولذلك تتسم تجربتها الجمالية بشفافية لونية، وتوهج إبداعي يحلق ما بين سماوات الحلم ولحظات الواقع.
ومن هنا نجد زهورها تقف على الخط بين التصريح والتلميح... فهي ليست الزهور بشكلها الواضح المتعارف عليه، فكأن زهورها المشرقة تحمل على أوراقها حلم الإنسان بغدٍ آخر أكثر جمالاً وإشراقاً مما هو عليه اليوم. ومن هنا فإن في أعمالها تجد الألوان الزاهية تنتصر على بعض البقع الداكنة الموجودة خلسة على سطح اللوحات، فمن الظلام نتسلل إلى النور، ومن مسحة التشاؤم ندلف إلى التفاؤل.
وفي السياق ذاته، إذا كنا قد اعتدنا في أعمال سابقة لها على ذوبان الحدود بين التشخيص والتجريد بانسيابية وسلاسة لتبدع لوحات تنتمي إلى الانطباعية الجديدة، فإنها في أعمالها الجديدة تلجأ إلى التجريد لنشعر بحالة ديناميكية قوية، وهي برغم احتفائها بالطبيعة وتجسيد هذا الجمال الخلاب لها، فإنها لا تستقطع منها مشاهد تقدمها بشكلها المألوف الذي اعتادت العين عليه، حيث يطل علينا الجمال الطبيعي في صور متجددة، تثير شغف المتلقي بالاطلاع على المزيد منه، بعد أن يكون قد أدرك أن ثمة متعة تشبع وجدانه تنتظره بين ثنايا لوحاتها، ومفاجآت لا تنتهي تقدمها له الفنانة.
وفي لوحاتها متنوعة المقاسات، التي اعتمدت فيها على استخدام الأكريلك على الورق أو على كانفاس يتضح إلى جانب ميلها إلى تجريد الزهور وتلخيص تفاصيلها، أنها تستعين بتكنيك جديد، يظهر في اهتمامها بتعدد الطبقات اللونية في لوحاتها، ومزيج الألوان غير التقليدي، وتكون النتيجة في صورة أعمال متميّزة على المستويين التقني والفكري.
تقول مدكور لـ«الشرق الأوسط»: «أبدأ دون أن أعرف إلى أين سأصل، وإلى أين ستأخذني أحاسيسي وأفكاري وحالتي الوجدانية في تلك اللحظة، ولأن ذلك كله يتغير من لحظة إلى أخرى لدى كل البشر لا سيما الفنان، فإن لوحاتي تأتي متغيرة، ونهاياتها مختلفة، دون تكرار حتى في ظل وجود شغف لدي بموضوع واحد منذ سنوات، وهو الطبيعة والزهور».
وتتابع: «انفعالات داخلية تحركني، وتنتقل إلى سطح اللوحات بتلقائية دون وسيط بينها، وهي تجسيد لرؤيتي الخاصة للطبيعة، ولنظرتي الفلسفية للحياة». وإذا أردنا أن تلخص مثلها فلسفتها الحياتية فربما يكون أفضل توصيف لها هو «فلسفة الجمال».
بهجة الربيع تتفتح بمعرض «حديقة خاصة» في القاهرة
عبر 30 لوحة للتشكيلية المصرية نازلي مدكور
بهجة الربيع تتفتح بمعرض «حديقة خاصة» في القاهرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة