ملعب «مباراة القمة» يثير موجة استياء في مصر

رغم تعهد اتحاد الكرة بتجهيزه على أعلى مستوى لاستضافة اللقاء

أرضية الملعب ومياه الأمطار سببتا انزلاقات متكررة للاعبي الفريقين خلال المباراة (رويترز)
أرضية الملعب ومياه الأمطار سببتا انزلاقات متكررة للاعبي الفريقين خلال المباراة (رويترز)
TT

ملعب «مباراة القمة» يثير موجة استياء في مصر

أرضية الملعب ومياه الأمطار سببتا انزلاقات متكررة للاعبي الفريقين خلال المباراة (رويترز)
أرضية الملعب ومياه الأمطار سببتا انزلاقات متكررة للاعبي الفريقين خلال المباراة (رويترز)

أثارت حالة أرضية ملعب «برج العرب» السيئة خلال قمة الكرة المصرية بين الأهلي والزمالك مساء أمس (السبت)، انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر.
وكانت أمطار غزيرة هطلت على مدينة الإسكندرية الساحلية الموجود بها الملعب صباح يوم أمس، ما أثار تكهنات بإمكانية تأجيل إقامة المباراة، لكنها توقفت لتقام المباراة في موعدها المحدد.
وانتهت قمة الدوري المصري بالتعادل السلبي، وحافظ الزمالك على صدارة المسابقة بعدما رفع رصيده إلى 54 نقطة من 23 مباراة متفوقا بفارق نقطتين عن غريمه التقليدي وحامل اللقب.
لكن على غير العادة وبعيداً عن النتيجة وأداء الفريقين في المباراة، تصدر الحديث عن أرضية الملعب السيئة مواقع التواصل ووسائل الإعلام المصرية.
وانتقد كثيرون حالة أرضية الملعب الذي غمرته المياه تقريباً بالإضافة إلى حالة العشب المتدهورة، ليؤدي ذلك إلى السقوط المتكرر للاعبي الفريقين، وصعوبة السيطرة على الكرة، وإثارة المخاوف من حدوث إصابات جراء الانزلاق على الأرض.
وقبل ساعات من انطلاق المباراة تداول مغردون صوراً لملعب «برج العرب» الذي يتسع لـ80 ألف مشجع وقد تأثرت أرضيته بشدة جراء الأمطار الغزيرة، ودعوا لمحاسبة المسؤولين عما وصلت إليه حالة الملعب.
من جانبه، قال عامر حسين رئيس لجنة المسابقات باتحاد الكرة المصري، إن حالة الملعب تحسنت كثيراً في الفترة الماضية عما كانت عليه من قبل.
وعزا حسين في تصريحات تلفزيونية ظهور أرضية الملعب بهذه الحالة السيئة إلى «الأمطار الغزيرة» التي «بدأت في الهطول بشدة منذ منتصف ليلة المباراة لتغرق الملعب بأكمله».
وأوضح «لا نمتلك أي موافقات أمنية لإقامة المباراة سوى في ملعب برج العرب، وإذا تم نقلها إلى استاد الماكس (في الإسكندرية) فإن ذلك لن يتم إلا بعد الحصول على الموافقات الأمنية لتغيير الملعب».
وكان رئيس لجنة المسابقات، قد أكد في وقت سابق هذا الشهر أن أرضية ملعب برج العرب ستكون جاهزة بصورة مميزة لاحتضان مباراة القمة ومباريات الأهلي والزمالك الأفريقية.
وأضاف حسين حينها، في تصريحات صحافية، أنه يجري تهيئة الملعب على أعلى مستوى من أجل ترميمه.
جاءت تصريحات حسين غداة إرسال الاتحاد الأفريقي لكرة القدم خطابا لنظيره المصري، يطالب فيه بتحديد ملعب بديل لـ«برج العرب»، لاستضافة مباريات الأهلي والزمالك الأفريقية، نظرا لسوء أرضية الملعب.
يذكر أن استاد برج العرب، تم استبعاده من قبل اللجنة المصرية المنظمة لبطولة كأس الأمم الأفريقية، لاستضافة مباريات المسابقة، وتم اختيار استاد الإسكندرية بديلاً له.
وعبر الإعلامي عمرو أديب عن غضبه من سوء أرضية الملعب، وتساءل في برنامجه «الحكاية» على فضائية «إم بي سي مصر»: «أليس العالم كله به أمطار، يعني يلعبون كرة القدم تحت المطر؟ لماذا حدث ذلك في ملعبنا؟»، مضيفا: «نرى سقوط الثلوج على الملاعب في الخارج ولا يحدث ما حدث اليوم».
ووصف أديب أرضية الملعب بأنها «مستنقع»، وتابع قائلا: «مصر دولة ليست مطيرة ولكن هل هذا منظر؟ نرى ملاعب إنجلترا وألمانيا وإسبانيا، فلما حدث هذا بالملعب».
كما تداول مستخدمون على مواقع التواصل صوراً لعمال نزلوا إلى الملعب بين شوطي المباراة في محاوله لإصلاح أرضيته.
من جهته، أكد سيد عبد الحفيظ، مدير الكرة بالفريق الأول لكرة القدم بالنادي الأهلي، أن الظروف المناخية وأرضية الملعب أثّرت سلبياً على المستوى الفني للفريق.
وأضاف عبد الحفيظ عقب المباراة، أن المكسب الوحيد من المباراة للفريقين هو خروج اللاعبين من دون إصابات.
ولم تقتصر ردود الأفعال على الانتقادات، بل قوبلت صورة أرضية الملعب السيئة ببعض السخرية، وأخذ مغردون يطلقون عبارات ساخرة مثل «بحيرة برج العرب»، و«بركة برج العرب»، مع صور للاعبين وقد سقطوا وسط المياه في الملعب.
وأقيمت قمة الدوري المصري أمس من دون جمهور «بناء على طلب أجهزة الأمن»، بحسب أسامة إسماعيل المسؤول الإعلامي في الاتحاد المصري لكرة القدم.
وأعلنت السلطات المصرية أنها ستسمح بعودة تدريجية للجمهور إلى الملاعب، بعدما تقرر منع الحضور الجماهيري في مباريات الدوري على خلفية مقتل العشرات من مشجعي النادي الأهلي في صدامات باستاد بورسعيد عقب مباراة مع فريق المصري في فبراير (شباط) 2012، فيما عرف إعلاميا بـ«مذبحة بورسعيد».
وقرر الاتحاد المصري في بداية الموسم الحالي، حضور 15 مشجعاً فقط لكل فريق في مباريات الدوري، بينما تقام المباريات الأفريقية بجمهور.
وتساءل مغردون لماذا لم يتم نقل مباراة القمة من ملعب برج العرب رغم أن توقعات الطقس تشير منذ أيام إلى احتمالية هطول غزيرة على المدينة الساحلية.
واستضاف ملعب برج العرب في السنوات الأخيرة غالبية مباريات المنتخب المصري لكرة القدم، وكان شاهدا على التأهل لكأس العالم لأول مرة بعد غياب 28 عاماً، بالإضافة إلى استضافة مباريات قارية ومحلية لناديي لأهلي والزمالك.



سيلين حيدر... أيقونة منتخب لبنان التي دفعت ضريبة الحرب

TT

سيلين حيدر... أيقونة منتخب لبنان التي دفعت ضريبة الحرب

الفتاة الطموح كانت تقترب من أن تمثل لبنان في منتخبه الوطني وتخوض أولى مبارياتها (أ.ف.ب)
الفتاة الطموح كانت تقترب من أن تمثل لبنان في منتخبه الوطني وتخوض أولى مبارياتها (أ.ف.ب)

سيلين حيدر، لاعبة منتخب لبنان للشابات وقائدة فريق أكاديمية بيروت، قصة رياضية شابة خطفتها أقدار الحرب من ملاعبها إلى سرير المستشفى. في لحظة واحدة، تحوَّل حلم اللاعبة التي تعشق الحياة وتعيش من أجل كرة القدم إلى صراع مرير مع إصابة خطيرة في الرأس، نتيجة قصف إسرائيلي استهدف منطقة الشياح، مكان إقامتها.

سيلين ليست فقط لاعبة موهوبة، هي ابنة الوطن الذي دفعها لتحمل مسؤوليات أكبر من عمرها، وهي مَن رفعت راية لبنان في بطولات غرب آسيا، وحملت معها طموحات جيل يؤمن بأن الرياضة أداة تغيير، لا ضحية للظروف. أصابتها شظايا الحديد التي اخترقت سلام بيتها، لكن صوت والدتها، سناء شحرور، لا يزال يردد: «ابنتي بطلة، ستعود لتقف وتكمل حلمها».

 

والدة سيلين حيدر تمنى نفسها بسلامة ابنتها (الشرق الأوسط)

 

وسط الألم، تقف عائلتها وزملاؤها ومدربوها كتفاً بكتف، يعزفون لحن الأمل. من كلمات صديقاتها عن شخصيتها الحنونة وضحكتها التي لم تفارق وجهها، إلى حملات الدعم التي نظمها زملاؤها في الفريق، الكل يترقب اللحظة التي تستيقظ فيها سيلين لتُكمل رحلتها، ليس فقط على أرض الملعب، بل في الحياة نفسها.

في ظل ظروفٍ مأساوية، تسرد والدتها، سناء شحرور، تفاصيل لحظة لا تُنسى، لحظة اختلط فيها الخوف بالأمل. رسالة بسيطة من سيلين تطلب وجبتها المفضلة تحولت إلى كابوسٍ بعد دقائق، عندما أُصيبت إثر تطاير شظايا الحديد. وبينما كانت الأم تمني نفسها بتحضير الطعام، وجدت نفسها تواجه الحقيقة المُرّة في المستشفى في قسم العناية الفائقة.

 

عباس حيدر والد اللاعبة سيلين (الشرق الأوسط)

القصة بدأت عندما اضطرت عائلتها للنزوح من منزلهم بسبب الحرب، في حين بقيت سيلين وحدها في المنزل لتكمل دراستها الجامعية، بعد قرار وزير التربية اللبناني عباس الحلبي باستكمال التعليم، رغم الحرب. وفي إحدى الليالي، أرسلت سيلين رسالة لوالدتها عبر تطبيق «واتساب»، تطلب منها إعداد وجبتها المفضلة. بضحكة خفيفة، ردَّت الأم: «وجهك فقري، سأقوم بإعدادها لك». دقائق بعد ذلك، تلقت الأم اتصالاً غيّر حياتها؛ الرقم الغريب على الهاتف أخبرها بأن ابنتها تعرضت لإصابة في الرأس.

جمع من أصدقاء اللاعبة يلتفون في المستشفى الذي ترقد فيه (الشرق الأوسط)

 

لم تصدِّق الأم ما سمِعَتْ، لا سيما أن سيلين كانت قد أبلغت بأنها ابتعدت عن مكان الاستهداف. شعرت بالذعر والارتباك وبدأت تبحث عن معلومات متضاربة حول حالتها، وتقول شحرور: «لم أعد أعرف ماذا أفعل وكنت في موقف لا أحسد عليه صرت أتجول في البيت من دون جدوى. اتصلت بوالدها وذهب لمستشفى السان جورج قبلي، لأنني كنت بعيدة جداً عنها».

وتكمل شحرور بأنها حين وصلت إلى المستشفى، وجدت ابنتها مغطاة بالدماء، لا تستطيع الحركة، وقد أُصيبت بكسر في الجمجمة ونزف في الرأس. المشهد كان مرعباً، لكن الأم لم تفقد الأمل. وقفت بجوارها وهي تصرخ: «قومي يا سيلين!»، ولكن الأطباء كانوا يؤكدون أن وضعها حرج للغاية، وأن المسألة مسألة وقت.. وتضيف: «الأطباء يقولون لنا إنها مسألة وقت؛ سأنتظرها سنة واثنتين وثلاثاً لكي تستيقظ».

في المستشفى، تجلس الأم يومياً بجانب سرير سيلين، تتحدث معها، تخبرها عن زيارات الأصدقاء، وتعدها بأطيب الأكلات عندما تستيقظ، وتخبرها بأنها ستشتري لها دراجة نارية جديدة، تحاول أن تمنحها القوة بالكلمات، رغم أن سيلين لا تستجيب. تقول الأم: «قلت لها إنني رأيتُ في الحلم أنها استيقظت وغمرتني. أنا أنتظر هذا الحلم يتحقق، حتى لو استغرق الأمر سنوات».

 

هنا خلف هذا الباب الموصد ترقد لاعبة منتخب لبنان نتيجة إصابتها (الشرق الأوسط)

 

أما والدها عباس حيدر، فيصف وضعها بالمستقر دون تحسُّن كبير. يحكي عن شظية حديد أصابت رأسها نتيجة القصف الإسرائيلي، مما تسبب بكسر في الجمجمة ونزف داخلي أدى إلى دخولها في غيبوبة. ويشيد والدها بدعم الاتحاد اللبناني لكرة القدم قائلاً: «منذ اللحظة الأولى، لم يترك الاتحاد اللبناني لكرة القدم عائلة سيلين وحدها؛ قام رئيس الاتحاد السيد هاشم حيدر بتأمين نقلها من مستشفى سان جورج إلى مستشفى الروم، وتابع حالتها بشكل مباشر. الأمين العام للاتحاد جهاد الشحف، رغم غيابه عن لبنان، ظل على اتصال مستمر مع العائلة».

عباس يحاول جاهداً أن تتماسك أعصابه عند الكلام، يحكي ويفضفض لعله يخفف من وطأة الألم؛ فابنته المدللة وآخر العنقود بحالة فُرِضت عليها بسبب الحرب التي يعيشها لبنان منذ شهرين تقريباً، ويقول بحرقة: «سيلين تنتظر دعاء الجميع لتعود لحياتها وفريقها ومنتخب لبنان، وكي تعود أقوى، وتُتوَّج بلقب غرب آسيا، وترفع اسم لبنان، وسننتظرها لترفع علم لبنان مجدداً مع أصدقائها. هذا الجيل الذي يجب أن يبني لبنان وطناً حراً علمانياً بعيداً عن كل الطوائف والمذاهب التي خربت بلدنا».

زملاؤها في فريق أكاديمية بيروت كانوا أيضاً في صدمة كبيرة. ميشال أبو رجيلي، صديقتها وزميلتها في الفريق، قالت إنها لم تصدق في البداية أن إصابة سيلين خطيرة، لكنها أدركت حجم الكارثة بعد سماع الأخبار. تروي كيف أن سيلين كانت دائماً مبتسمة داعمة لزميلاتها ومحبة للحياة. تتذكر رسالتها في عيد ميلادها: «عقبال المليون دولار»، وتقول إنها تنتظر عودتها لتعيد البهجة إلى الفريق.

 

حلم اللاعبة الشابة بات ضحية الحرب (الشرق الأوسط)

 

مدربها في الفريق سامر بربري تحدث عن التزامها العالي وتطورها المذهل كلاعبة. انضمت إلى أكاديمية بيروت منذ ثلاث سنوات، وتدرجت من فريق دون الـ17 عاماً إلى ما دون الـ19. وحققت مع الفريق عدة بطولات، من بينها لقب بطولة الشابات في الموسم الماضي ولقب السيدات، وصفها بأنها قائدة بالفطرة، محترفة في الملعب، وضحكتها لا تفارق وجهها.

رغم الألم الذي تعيشه العائلة، لا تزال والدة سيلين تحتفظ بأمل كبير: «رسالتي للعالم أن سيلين ليست مجرد لاعبة، بل هي رمز لجيل يحب الحياة. أتمنى أن تنتهي الحرب، وأن نعيش أياماً أفضل. الشعب اللبناني لا ينكسر، وسيلين ستعود لتكمل حلمها وترفع علم لبنان مجدداً».

زملاء سيلين نظموا حملة تبرعات لدعم الناس المحتاجة، وأطلقوا دعوات للصلاة من أجل شفائها. الجميع ينتظر اللحظة التي تفتح فيها سيلين عينيها وتبتسم مجدداً، فكما قالت زميلتها ميشال إن الحياة تليق فقط بأولئك الذين يحبون الحياة كسيلين.