«حماس» تنتظر خرائط زمنية من إسرائيل... وتمنع المتظاهرين من الوصول إلى الحدود

مقتل 3 فلسطينيين وإصابة 300 في الذكرى السنوية الأولى لانطلاق «مسيرات العودة» في غزة

جانب من احتجاجات سكان غزة في ذكرى «يوم الأرض» أمس حيث تصدت لهم القوات الإسرائيلية عبر السياج الحدودي (رويترز)
جانب من احتجاجات سكان غزة في ذكرى «يوم الأرض» أمس حيث تصدت لهم القوات الإسرائيلية عبر السياج الحدودي (رويترز)
TT

«حماس» تنتظر خرائط زمنية من إسرائيل... وتمنع المتظاهرين من الوصول إلى الحدود

جانب من احتجاجات سكان غزة في ذكرى «يوم الأرض» أمس حيث تصدت لهم القوات الإسرائيلية عبر السياج الحدودي (رويترز)
جانب من احتجاجات سكان غزة في ذكرى «يوم الأرض» أمس حيث تصدت لهم القوات الإسرائيلية عبر السياج الحدودي (رويترز)

قُتل 3 فلسطينين أمس وأُصيب آكثر من 300 بنيران القوات الإسرائيلية قرب الحدود بين غزة وإسرائيل، حيث احتشد عشرات الآلاف من الفلسطينيين على طول السياج الحدودي لإحياء الذكرى السنوية الأولى لانطلاق «مسيرات العودة» في اختبار لوقف إطلاق النار الهش بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وقال المتحدث باسم وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» في غزة، أشرف القدرة، في مؤتمر صحافي: «استشهد أدهم نضال عمارة (17 عاماً) بعيار ناري في الرأس من جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأصيب في جميع أنحاء القطاع 300 شخصاً إصابات مختلفة»، وقتل شخص ثالث في وقت لاحق من يوم أمس. وفي ساعة مبكرة من صباح أمس قتل أيضاً محمد جهاد سعد (20 عاماً) جراء «إصابته بشظايا في الرأس من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي شرق غزة» وفق بيان وزارة الصحة في القطاع، فيما شوهد رجال من الداخلية التي تسيطر عليها «حماس» يرتدون بذات برتقالية اللون وينتشرون في خطين، واحد على بعد 500 متر من الحدود والثاني على بعد 200 متر، لمنع أي متظاهر من الاقتراب من السياج الحدودي مع إسرائيل.
وتتزامن الاحتجاجات مع إعلان مسؤولين من الفصائل الفلسطينية التوصل إلى تفاهمات جديدة مع إسرائيل عبر الوساطة المصرية للمحافظة على الهدوء على السياج الحدودي الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل. وقال نائب رئيس حركة «حماس» في غزة، خليل الحية، إن «الوفد الأمني المصري سيتسلم الأحد (اليوم) خرائط زمنية من الاحتلال، لتنفيذ التفاهمات» التي اتفقت عليها خلال الأيام القليلة الماضية، مؤكداً أنهم تلقوا ردوداً إيجابية في آخر اجتماع. وأضاف الحية أن «الاحتلال الآن في مرحلة اختبار، والشعب الفلسطيني والمقاومة ستواصل الضغط على الاحتلال حتى يذعن للمطالب المشروعة». وتابع، في كلمة ألقاها في مخيم العودة القريب من الحدود مع إسرائيل في محاولة للحفاظ على مسيرات هادئة: «نحن نختبر الاحتلال حتى يلتزم أمام إرادة شعبنا، وسنبقى نطارده حتى تحقيق مطالبنا. نحن نريد إنهاء الحصار، وقد حققت مسيرات العودة بعض هذه الأهداف».
وكان وفد أمني مصري اجتمع أول من أمس، للمرة الثالثة في غضون يومين، مع حماس وفصائل فلسطينية لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق استبق «مسيرة العودة المليونية» التي دعت لها الفصائل لإحياء ذكرى يوم الأرض.
وطلب المصريون من الفصائل الحفاظ على سلمية «مسيرة العودة» وضبط النفس وسحب أي ذرائع من إسرائيل حتى ينضج الاتفاق الحالي. ووعد الوفد المصري، الذي ترأسه اللواء أحمد عبد الخالق مسؤول الملف الفلسطيني في المخابرات المصرية، بالعودة إلى إسرائيل ثم إلى غزة اليوم حاملاً جدولاً زمنياً لتنفيذ الاتفاق الذي شمل توسيع مساحة الصيد البحري من 9 أميال إلى 12 ميلاً بحرياً ثم إلى 15 ميلاً، باستثناء منطقة واحدة، ورفع الحظر عن نحو 80 منتجاً ممنوعاً حالياً من دخول غزة بحجة «الاستخدام المزدوجة»، وإجراء مباحثات من أجل إنشاء مناطق صناعية، وزيادة عدد الشاحنات المسموح دخولها إلى القطاع عبر معبر كرم أبو سالم من 800 إلى 1200 شاحنة، وتحويل الأموال من دون تأخير، واستمرار إدخال الوقود وزيادة الإمدادات، ونقاش بناء خزانات إضافية، والسماح بمشاريع بنى تحتية، وزيادة عدد المسموح توظيفهم على بند التشغيل المؤقت إلى 20 ألف شخص.
ونقل الوفد المصري للفصائل الفلسطينية موافقة إسرائيل على جميع هذه الطلبات مقابل الالتزام التام بالهدوء ووقف أي هجمات منطلقة من قطاع غزة، بما في ذلك البالونات الحارقة، ووقف عمليات الإرباك الليلي، ومنع المتظاهرين من الوصول إلى السياج الحدودي، ويشمل هذا المسيرة «المليونية» في ذكرى يوم الأرض. ومرت المسيرة التي شارك فيها نحو 40 ألف شخص بشكل هادئ نسبياً مقارنة مع توقعات سابقة أكثر «دموية». وحشدت إسرائيل قبل المسيرة المزيد من قواتها حول الحدود، وحذرت الغزيين من ردود عنيفة إذا ما فكروا في مداهمة الحدود، لكن «حماس» والفصائل الفلسطينية منعوا المتظاهرين من الوصول إلى الحدود مسافة 500 متر. واستخدم الجيش الإسرائيلي المكالمات الهاتفية، والرسائل، والبيانات العامة، ونشرات أُسقطت من الطائرات، أخبر خلالها الفلسطينيين في القطاع أن أي محاولات لاختراق الحدود ستواجه بالنيران الحية. وأضاف الجيش: «إذا التزمتم بالقواعد، فيمكن إنهاء عطلة نهاية الأسبوع بأمان مع أسرتكم».
وساعد وجود الوفد الأمني المصري على ضبط المظاهرات. وكان الوفد وصل إلى مخيم العودة شرق غزة، وأجرى جولة طويلة قبل أن يغادر. كما وصل رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية ورئيس الحركة في غزة يحيى السنوار وقياديون آخرون للمكان. وأكدت وزارة الداخلية والأمن الوطني أنها نشرت 8000 عنصر من جميع الأجهزة الأمنية والشرطية والخدماتية في محافظات قطاع غزة، في إطار مساندتها للجماهير في إحياء فعاليات «مليونية الأرض والعودة». ونجحت الداخلية في منع أعداد كبيرة من الوصول إلى مناطق التماس القريبة لكن مع ذلك سجلت اختراقات.
كما تظاهر فلسطينيون في الضفة الغربية ورشقوا القوات الإسرائيلية بالحجارة. وهاجمت قوات الاحتلال، مسيرة سلمية عند المدخل الشمالي لمدينة البيرة، قبل أن تتحول المسيرة إلى ساحة مواجهة. وأصيب ثلاثة شبان على الأقل، والعشرات بحالات اختناق خلال قمع المسيرة. كما قمعت القوات الإسرائيلية مسيرة أخرى قرب حاجز حوارة جنوب نابلس قبل أن تغلقه في الاتجاهيين. وفي إسرائيل أيضاً أحيى الفلسطينيون الذكرى بمسيرات مركزية ومهرجانات وندوات ودعوات للتمسك بالأرض.
ويحيى الفلسطينيون عادة هذه الذكرى في 30 من مارس (آذار) من كل عام، وهو اليوم الذي قتلت فيه إسرائيل 6 فلسطينيين في مظاهرات في الداخل عام 1976 احتجاجاً على مصادرة آلاف الدنمات من الأراضي الفلسطينية.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.