عباس: تضحيات 100 عام لن تذهب هدراً

أشتية سيعرض حكومته على الرئيس الفلسطيني الأسبوع المقبل

محمود عباس (أ.ب)
محمود عباس (أ.ب)
TT

عباس: تضحيات 100 عام لن تذهب هدراً

محمود عباس (أ.ب)
محمود عباس (أ.ب)

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، «إن فلسطين لن تكون إلا للفلسطينيين، وإن الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، آتية لا محالة». وأضاف عباس في بيان بمناسبة إحياء الفلسطينيين ذكرى يوم الأرض: «إن المعاناة التي عاناها شعبنا على مدار 100 عام، والتضحيات الجسام التي قدمها هذا الشعب العظيم لن تذهب هدراً». وتابع: «إن ذكرى يوم الأرض الخالد مناسبة لنجدد العهد لشعبنا على التمسك بالثوابت والحفاظ على المقدرات، وبأننا بصمود شعبنا نستطيع إفشال المؤامرات كافة التي تحاك ضده». وحيا عباس بهذه المناسبة «دماء شهداء يوم الأرض وكافة شهداء شعبنا وأمتنا العربية وأحرار العالم، الذين استشهدوا من أجل فلسطين، وكذلك الجرحى والأسرى»، مجدداً التأكيد على عدم «التنازل عن حرية أسرانا البواسل»، ومتمنياً الشفاء العاجل للجرحى.
في غضون ذلك، أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف محمد أشتية، أمس، عزمه عرض تشكيلة حكومته على الرئيس محمود عباس، بعد عودته من اجتماعات القمة العربية في تونس، الأسبوع المقبل. وقال أشتية إنه تلقى ردوداً من معظم فصائل منظمة التحرير حول قراراتها بخصوص المشاركة في الحكومة، لكنه سيحاور الجميع حتى اللحظة الأخيرة. وأكد أشتية أن اللقاءات تمت في بيئة إيجابية ومساندة للحكومة والإطار العام لبرنامجها وخطة عملها. وشدّد أشتية على أن حكومته ستكون حكومة الكل الفلسطيني، وستعمل على تعزيز صمود المواطنين، والتصدّي للحربين السياسية والمالية التي تقودهما الولايات المتحدة الأميركية والحكومة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني.
كان أشتية قد طلب من الرئيس تمديداً لمهلة تشكيل الحكومة بما يسمح به القانون، لضمان أن تُشكّل الحكومة بأكبر قدر من الرضا والدعم الفصائلي والشعبي. والتقى أشتية طيلة أسبوعين الفصائل والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، والنقابات، والمجالس البلدية، من أجل تشكيل حكومته. وكان عباس كلف أشتية، وهو عضو لجنة مركزية لحركة «فتح»، بتشكيل حكومة فلسطينية جديدة قبل أسبوعين خلفاً لحكومة التوافق الفلسطيني التي فشلت في المهمة الأساسية الموكلة لها، وهي استعادة الوحدة.
وجاءت هذه الخطوة، بعد قرار للمحكمة الدستورية الفلسطينية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بحل المجلس التشريعي الذي كانت «حماس» تسيطر على غالبية مقاعده، وإجراء انتخابات تشريعية خلال 6 أشهر. وطلب عباس من محمد أشتية دعم جهود استعادة الوحدة الوطنية، وإعادة غزة إلى حضن الشرعية، واتخاذ الإجراءات اللازمة كافة، وبالسرعة الممكنة، لإجراء الانتخابات التشريعية، وترسيخ الديمقراطية والتعددية السياسية. لكن «حماس» رفضت تكليف أشتية بتشكيل الحكومة، كما رفضت سابقاً حل المجلس التشريعي الفلسطيني وإجراء انتخابات تشريعية فقط، مطالبة بانتخابات عامة تشمل الرئاسة.
وعزز رفض «حماس» هذا إصرار «فتح» على تشكيل حكومة تقودها الحركة، وتسمح لها باستعادة الدور الذي فقدته منذ 2007. ولا يتوقع حدوث تغيير جوهري على سياسة الحكومة في العلاقة مع «حماس»، لكن يتوقع أن تشهد العلاقة مع الفصائل الأخرى وقوى المجتمع المدني والنقابات، وحتى مع الرئيس و«منظمة التحرير»، فيما يخص السياسات الاقتصادية والاجتماعية، تغييرات كبيرة، باعتبار أن أشتية جزء من الحلقة الضيقة حول عباس.
وقال أشتية إن استراتيجية حكومته ستقوم على تعزيز صمود الشعب الفلسطيني، والدفاع عن أراضيه وموارده، والتصدي للتوسّع الاستعماري الاستيطاني. وشدّد أشتية، في تصريح صحافي، أمس، على أن سعي حكومة الاحتلال للسيطرة على أوسع منطقة جغرافية بأقل عدد ممكن من السكان الفلسطينيين، سيقابله تمسك فلسطيني أكبر بالأرض، وتوفير كافة المقومات لتعزيز صمود المواطنين فوق أراضيهم، والتصدي للهجمة الاستيطانية المستمرة. وأشار أشتية إلى أن عدد المواقع الاستعمارية والقواعد العسكرية الإسرائيلية في نهاية عام 2017 في الضفة الغربية وصل إلى 435 موقعاً، منها 150 مستعمرة و116 بؤرة استيطانية. وشدد أشتية على وحدة مصير الشعب الفلسطيني حيثما كان في مواجهة الاحتلال وسياساته العنصرية والاستيطانية.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».