لبنان على موعد مع موازنة تقشفية ـ إصلاحية

ترجيحات بأن تطال تخفيضات الإنفاق وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية

TT

لبنان على موعد مع موازنة تقشفية ـ إصلاحية

يترقب اللبنانيون أن يطرح وزير المال علي حسن خليل موازنة العام 2019 على طاولة مجلس الوزراء خلال الأسبوعين المقبلين بعد الانتهاء من مراجعة نهائية لجدول خفض النفقات الذي سيلحظ بشكل أساسي بحسب المعنيين خفض موازنات أكثر من وزارة، وأبرزها وزارتا الصحة والشؤون الاجتماعية، ما سيؤدي إلى إجراءات «قاسية وغير شعبية»، بدأ عدد من النواب بالتمهيد لها.
فبعد إعلان عضو تكتل «لبنان القوي» نعمة أفرام عن اتجاه خلال الأسبوعين المقبلين لطلب «إصلاحات تقشفية كبيرة غير شعبية تلبية لالتزامات مؤتمر سيدر وإنقاذ البلد»، أكد مقرر لجنة المال والموازنة النائب نقولا نحاس أن الموازنة الجديدة ستلحظ «إجراءات قاسية» تطال النفقات التي اعتاد عليها اللبنانيون في السنوات الماضية، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بات واضحا للجميع أن الأمور لا يمكن أن تستمر على ما كانت عليه، وقد آن أوان شد الحزام، وهذا ما سيلمسه اللبنانيون لمس اليد بما ستضمنه الموازنة». وقال: «ما يؤخر هذه الموازنة هو البحث في الأبواب التي سيطالها عصر النفقات، خاصة أنه أصبح محسوما أنه لن يكون هناك زيادة ضرائب، لذا فإن خفض النفقات لا يتم إلا بخفض فوائد الدين (وهذا غير ممكن) أو الأجور أو المساعدات سواء الطبية أو الاستشفائية أو تلك المرتبطة بالشؤون الاجتماعية إضافة لنفقات أخرى مرتبطة بإدارة شؤون الدولة».
من جهته، شدد مصدر نيابي على وجوب أن تذهب الحكومة بسياستها المالية الجديدة أبعد من عصر النفقات باتجاه تخفيض الرواتب وعدد الموظفين في القطاع العام، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «قرارات مماثلة ستلقى اعتراضا كبيرا في الشارع، لكن في حال قررنا مواجهة الوضع الصعب جدا الذي نرزح تحته، فإن طرق هذا الباب سيكون ملحا جدا، على أن يكون هناك غطاء سياسي كبير من كل القوى السياسية دون استثناء، لأن المضي بالسياسة التي نتبعها اليوم سيجرنا إلى الانهيار الشامل».
ويبدو واضحا وجود قرار نهائي لدى رئيس الجمهورية ميشال عون بعدم وجوب فرض ضرائب جديدة أو المسّ بالرواتب أو بمعاشات التقاعد، وهو ما أشار إليه بوضوح وزير المال علي حسن خليل الذي أكد أنه لن يتم تحميل أعباء جديدة للطبقات الفقيرة أو ذوي الدخل المحدود. إلا أن ما أدلى به نائب رئيس منطقة الشرق الأوسط في البنك الدولي فريد بلحاج الذي جال قبل أيام على المسؤولين اللبنانيين معتبرا أن الإصلاحات التي انطلق تطبيقها «لا ترتقي إلى المستوى المرتقب»، قد يستوجب مزيدا من «الإجراءات الموجعة»، بحسب مدير «معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر الذي أشار إلى أن صندوق النقد الدولي كان قد طرح على لبنان زيادة الضرائب على أن تتم بإطار رزمة كبيرة من الإصلاحات، لكن ما نتخوف منه هو أن يلجأوا حصرا إلى هذه الضرائب ما سينعكس بشكل مباشر على الاستهلاك والطلب وبالتالي يعمّق الركود ويفاقم الدين العام. وقال نادر لـ«الشرق الأوسط»: «عادة نلجأ إلى رفع الضرائب في فترة نمو اقتصادي وليس في فترة ركود كالتي نعيش فيها حاليا، علما بأنهم جربوا أصلا مؤخرا رفع الضرائب، وهو ما حصل في العام 2018، لكنهم للأسف لا يتعلمون من التجارب».
ويستبعد الخبير الاقتصادي الدكتور غازي وزني اللجوء إلى رفع الضرائب كـ«إجراءات تقشفية غير شعبية»، لافتا إلى أننا سنكون على موعد مع سياسة تقشفية بالإنفاق تطال وزارة الصحة والاعتمادات للأدوية والمستشفيات والشؤون الاجتماعية والاتصالات والمواد الاستهلاكية وتعويضات موظفي القطاع العام لعملهم ساعات إضافية ومكافآتهم والمدارس الخاصة التي كانت تخصص الدولة لها 212 مليار ليرة والجمعيات الخيرية التي تبلغ حصتها 397 مليار ليرة.
وأشار وزني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الإجراءات ستطال أيضا رفع تعرفة الكهرباء، وهو ما تضمنته خطة وزيرة الطاقة ندى البستاني، معتبرا أن الموازنة المقبلة ستكون «تقشفية – إصلاحية»، مضيفا: «الأهم أن يترافق كل ذلك مع إصلاح القطاع العام والتصدي لقنبلة المعاشات التقاعدية التي تضاعفت مرتين ونصفا منذ العام 2010 نتيجة النظام المعتمد». ودعا لوجوب مساهمة القطاع المصرفي بالإصلاحات من خلال الاكتتاب بسندات خزينة بالليرة اللبنانية بقيمة 6 مليارات دولار.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.