إردوغان يلوح بـ«تدخل» شمال سوريا بعد الانتخابات التركية

TT

إردوغان يلوح بـ«تدخل» شمال سوريا بعد الانتخابات التركية

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن حكومته ستعمل على حل الأزمة السورية سواء من خلال المفاوضات أو ميدانيا على الأرض عقب الانتخابات المحلية التي ستشهدها تركيا اليوم.
وقال إردوغان، خلال تجمع انتخابي في إسطنبول أمس إن حل المسألة السورية عبر المفاوضات سيكون أول ما ستعمل عليه حكومته عقب الانتخابات، و«إن تعذر ذلك فحتماً ميدانياَ».
وقال إردوغان إن القوات التركية «ستعطي الدرس اللازم لوحدات حماية الشعب الكردية في منطقة شرق الفرات، إذا لم يتم ضبط الوضع هناك»، قائلا: «ألم نلقنهم درسا في الممر الإرهابي في عفرين بشمال سوريا؟ بلى، لقد فعلنا، والآن، إذا لم يتم ضبط الوضع في شرق الفرات (في إشارة إلى التزام الولايات المتحدة بمقترح إقامة منطقة آمنة هناك)، فإننا سنلقنهم الدرس اللازم، وقد استكملنا جميع استعداداتنا».
كانت أنقرة أعلنت استعداها لشن عملية عسكرية في منبج وشرق الفرات تستهدف وحدات حماية الشعب الكردية، لكنها علقت العملية عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب في ديسمبر (كانون الأول) الماضي سحب القوات الأميركية من سوريا. وبالتوازي مع الحديث عن انسحاب الولايات المتحدة من شمال شرقي سوريا، تتطلع تركيا إلى إقامة منطقة آمنة بعمق 30 إلى 40 كيلومترا شرق الفرات، والإشراف عليها لضمان الأمن والاستقرار، بما يتيح عودة النازحين واللاجئين، وإبعاد الوحدات الكردية عن الشريط الحدودي مع سوريا.
لكن واشنطن التي اقترحت إقامة هذه المنطقة لا ترغب في وجود القوات التركية فيها وتسعى للاتفاق مع دول التحالف الدولي للحرب على «داعش» لنشر قوات أوروبية في المنطقة وضمان أمن الوحدات الكردية أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الذي تحالفت أميركا معه بشكل رئيسي في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي.
وبالتزامن مع تصريحات إردوغان، افتتح وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، غرفة عمليات مشتركة لوضع الخطط وإدارة العملية العسكرية المحتملة في شرق الفرات، وذلك خلال زيارة تفقدية قام بها مع قادة قوات الجيش إلى الوحدات العسكرية على الحدود السورية.
وتعددت في الفترة الأخيرة زيارات أكار وقادة الجيش إلى الوحدات المنتشرة على الحدود السورية، وكان آخرها في 23 مارس (آذار) الجاري، وهي الزيارة التي تفقد خلالها الوحدات العسكرية على الحدود.
وقال أكار خلال افتتاح مركز العمليات إنه «لا بد أن ينتهي وجود الإرهابيين في شرق الفرات، لأنهم يهددون بلادنا وأمتنا وحدودنا ويعرضونها للخطر».
في سياق متصل، أعلن أمس أن القوات التركية سيرت دوريتها التاسعة في المنطقة منزوعة السلاح في أرياف محافظتي حلب وإدلب شمال سوريا ضمن اتفاق سوتشي الموقع مع روسيا في سبتمبر (أيلول) الماضي بشأن إقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح للفصل بين قوات النظام والمعارضة في إدلب.
إلى ذلك، أعلنت إدارة معبر «باب الهوى» الواقع على الحدود التركية - السورية إغلاق المعبر مع تركيا أمام حركة المسافرين اليوم الأحد بسبب إجراء الانتخابات المحلية في تركيا.
ويعد معبر باب الهوى أحد أهم المنافذ البرية لدخول الأراضي التركية بشكل رسمي دون التعرض للملاحقة الأمنية والاصطدام مع قوات الدرك التركية في مناطق الدخول غير الشرعية من الجانب السوري.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».