مخيم «بحركة» في أربيل يجمع كافة مكونات الموصل

أم رضوان قتل زوجها أمام عينيها فهربت مع أطفالها الخمسة مشيا على الأقدام

نازحات بمخيم بحركة بأربيل، نازحو بحركة يصطفون لتلقي المعونات الغذائية، مشهد لمخيم («الشرق الأوسط»).
نازحات بمخيم بحركة بأربيل، نازحو بحركة يصطفون لتلقي المعونات الغذائية، مشهد لمخيم («الشرق الأوسط»).
TT

مخيم «بحركة» في أربيل يجمع كافة مكونات الموصل

نازحات بمخيم بحركة بأربيل، نازحو بحركة يصطفون لتلقي المعونات الغذائية، مشهد لمخيم («الشرق الأوسط»).
نازحات بمخيم بحركة بأربيل، نازحو بحركة يصطفون لتلقي المعونات الغذائية، مشهد لمخيم («الشرق الأوسط»).

على بعد نحو 13 كلم شمال مدينة أربيل يتمركز مخيم بحركة للنازحين، المخيم الذي أنشأ حديثا ليضم أكثر 2500 نازح من جميع مكونات سهل نينوى. مئات العوائل العربية والكردية والتركمانية والمسيحية توزعت على شكل خيام تجاور الواحدة منه الأخرى، فبعد إن كانت هاربة في الأمس من «داعش»، أصبحت اليوم في ملاذ آمن في أربيل.
صابور بايز كاظم مواطن كردي من الطائفة الكاكائية جاء مع عائلته إلى أربيل، بعد أن سيطر مسلحو «داعش» على قريته في قضاء الحمدانية قبل أسابيع، وجرى إيواؤه في مخيم بحركة. قال كاظم لـ«الشرق الأوسط»: «بعد أن انسحبت قوات البيشمركة من قرانا في الحمدانية في السابع من أغسطس (آب) الحالي، هربنا نحن من قرانا التي كانت قريبة من الجبهات الأمامية بين البيشمركة و(داعش)، أنا لا أملك أي وسيلة نقل، اضطررت أن أخرج ليلا مع عائلتي المكونة من سبعة أفراد بعد سماع خبر تقدم (داعش) باتجاهنا، واستمررنا بالمشي ليومين إلى أن وصلنا إلى أربيل، حيث نمنا تلك الليلة في العراء، ثم دخلنا أربيل وجرى إيواؤنا في هذا المخيم».
وتابع كاظم: «الأوضاع هنا صعبة، فرغم أن المشرفين على المخيم يوفرون لنا الطعام والماء باستمرار، فإننا نعيش حالة نفسية صعبة؛ تركنا أموالنا وبيوتنا وماشيتنا، وهناك أخبار تقول إن (داعش) نهبت بيوتنا وأخذت مواشينا، لذا نريد أن نعود إلى مناطقنا لنطرد (داعش) منها».
في الجانب الآخر من المخيم، جرى إيواء عوائل موصلية أخرى في قاعات كبيرة، حيث قسمت عن طريق أقمشة نسيجية إلى عدة غرف تسكن في كل واحدة منها عائلة من العوائل النازحة على اختلاف قومياتها وطوائفها، فعدد النازحين في الإقليم (بحسب المصادر الرسمية) وصل إلى أكثر من مليون ومائتي ألف نازح من جميع أنحاء العراق. الزائر لمخيم بحركة يشاهد عشرات من الشبان الكرد المتطوعين الذين يعملون في المخيم على مدار الساعة لخدمة النازح وتلبية متطلباتهم، لكن أعداد النازحين كبيرة جدا.
يحمل كل نازح من هؤلاء في مخيلته صورة وقصة حزينة وألما بسبب نزوحه من مدينته، لكن قصة أم رضوان النازحة الموصلية كانت مروعة وحزينة؛ أم رضوان نازحة من منطقة حي صدام وسط الموصل، وهي أم لخمسة أطفال لا يتعدى عمر كبيرهم التسع سنوات، قُتل زوجها قبل أن تهرب هي وأطفالها إلى أربيل.
وروت أم رضوان قصتها لـ«الشرق الأوسط»، قائلة: «قُتل زوجي أمام عيني في منزلنا بحي صدام في الموصل، قتلوه لأنه كان من أفراد الشرطة، وذلك في الأيام الأولى لسقوط الموصل، هربت أنا وأطفالي الخمسة إلى أربيل، وجرى إيواؤنا في مخيم خازر، لكن (داعش) هاجمت خازر خلال الأسابيع القليلة الماضية، فهربت مرة أخرى مع أطفالي إلى ناحية كلك في أربيل».
وتضيف هذه النازحة: «توجهنا مشيا على الأقدام من خازر إلى كلك هربا من المواجهات العسكرية التي دارت بين (داعش) والبيشمركة»، مستدركة بالقول: «نزفت أقدام الأطفال دما نتيجة المشي وشدة حرارة الجو، لأن أحذيتنا تقطعت، ومشينا مسافة طويلة حفاة».
ودعت أم رضوان التي أصبحت المعيلة الوحيدة لعائلتها بعد أن فقدت زوجها، العالم إلى تسهيل سفرها إلى الخارج، لأنها تخشى العودة إلى الموصل حتى وإن عاد المواطنون إليها، لفقدانها الثقة في المجاميع المسلحة والحكومة العراقية، وتخشى أن يقتلوا أولادها أيضا.
المواطن محمد حسن نازح تركماني من الموصل كان يحمل بيده وجبة غذاء الظهيرة التي تسلمها من المطعم الذي أنشأته مؤسسة بارزاني الخيرية بالتعاون مع منظمة الغذاء العالمي في المخيم، قال محمد لـ«الشرق الأوسط» إن «الوضع الحالي أفضل من السابق، نتسلم يوميا وجبتي الغذاء والعشاء، ويطبخون لنا اللحم مرتين في الأسبوع»، لكنه شكا من الأجواء الحارة وإصابة الأطفال بالجفاف نتيجة الحر رغم تزويدهم بالكهرباء وتسلمهم مبردات هواء.
وقررت حكومة الإقليم نقل مخيم خازر إلى ناحية بحركة بعد أن شهد خازر عمليات عسكرية خلال الأسابيع القليلة الماضية، فاختارت ناحية بحركة لإنشاء مخيم واسع يؤوي جميع النازحين الذي نزحوا من محافظة نينوى إلى أربيل، حيث يتواصل العمل في توسيع المخيم ليسع أعدادا أكبر من النازحين الذي يأتون باستمرار إلى إقليم كردستان من المحافظات العراقية الأخرى.
مؤسسة بارزاني الخيرية هي المؤسسة الوحيدة التي فتحت لها فرعا داخل مخيم بحركة، لتشرف باستمرار على أوضاع النازحين، حيث توفر المؤسسة، وبالاشتراك مع منظمة الغذاء العالمي، وجبات الطعام اليومية للنازحين، إضافة إلى الدواء والماء والملاءات والمبردات، والاحتياجات اليومية الأخرى.
وقال محمد بهاء الدين محمد مسؤول فرع مؤسسة بارزاني الخيرية في مخيم بحركة في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نستقبل يوميا أعدادا كبيرة من النازحين العراقيين من جميع القوميات والأديان، ونوفر لهم جميع المستلزمات اليومية، إضافة إلى توفير وجبتين من الطعام بالتعاون مع منظمة الغذاء العالمي، وهما وجبة الغذاء والعشاء».
وتابع محمد: «المؤسسة توفر أغلبية هذه المواد للنازحين مع تعاون من قبل الخيرين من أربيل والمنظمات الدولية. حاليا، نوفر الغذاء لأكثر من 450 عائلة نازحة، أي أكثر من 2500 شخص. مؤسستنا توفر الغذاء والدواء وجميع المستلزمات لأكثر من مليون ومائتي ألف نازح في جميع أنحاء الإقليم، لكن الأعداد تتزايد، وهي أكبر من طاقة الإقليم، لذا نحتاج إلى مساعدات دولية كبيرة لاحتواء هذه الأزمة».
وحول أسباب إخلاء الإقليم لمخيم خازر ونقله إلى بحركة، قال محمد: «مخيم خازر كان يستوعب ألف عائلة، لكن بسبب المعارك الأخيرة بين قوات البيشمركة ومسلحي (داعش) بالقرب من جسر خازر، جرى نقل النازحين إلى مخيم بحركة، الأعداد تتضاعف هنا، فاتفقنا مع منظمة كوردس والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين على توسيع هذا المخيم، وسيجري في المرحلة الأولى نصب 500 خيمة في المنطقة، ثم نجمع جميع العوائل النازحة الموجودة في أربيل، وننقلهم إلى هذا المخيم».



«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
TT

«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)

أغلقت الجماعة الحوثية خلال الشهر الماضي 98 منشأة ومتجراً متنوعاً في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في سياق تصعيدها لحملات الدهم والإغلاق وفرض الإتاوات التي تستهدف كبار التجار وأصحاب المتاجر الصغيرة على حد سواء، لإرغامهم على دفع جبايات مالية وعينية تحت مسميات متعددة، تُفاقم من هشاشة الاقتصاد المحلي، وتزيد من معاناة السكان.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تنفيذ نحو 40 لجنة ميدانية تتبع ما يُسمى مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء، عدة نزولات خلال 4 أسابيع، استهدفت بالدهم والإغلاق وفرض الإتاوات ما يقارب 683 منشأة تجارية في أحياء متفرقة من صنعاء، شملت أسواقاً مركزية، ومحال بيع بالتجزئة، ومطاعم ومخازن.

وأقرّ تقرير أولي صادر عن مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين بأن القائمين على الحملة أغلقوا خلال 30 يوماً نحو 98 منشأة ومتجراً، وأصدروا 227 تعميماً، ونحو 110 إشعارات حضور، وأحالوا 55 مخالفة إلى النيابة التابعة للجماعة، فضلاً عن اتخاذ سلسلة إجراءات إدارية وغرامات مالية بحق 190 منشأة بزعم ارتكاب مخالفات.

عناصر حوثيون خلال دهم أحد المتاجر في صنعاء (فيسبوك)

ويزعم الحوثيون أن حملاتهم تهدف إلى ضبط الأسعار، ومكافحة الغش التجاري والاحتكار، والتصدي لمواد مخالفة للمواصفات أو منتهية الصلاحية، ونقص الأوزان، ورفض التفتيش، وغيرها من المبررات التي يرى التجار أنها تُستخدم غطاءً لابتزازهم وجباية الأموال بالقوة.

مضايقات متكررة

واشتكى تجار في صنعاء، تحدّثوا إلى «الشرق الأوسط»، من تكرار المضايقات الحوثية بحقهم، مؤكدين أن الجماعة تواصل شن حملات واسعة لجمع إتاوات نقدية وعينية تحت تسميات عدة، أبرزها تمويل ما تُسمى الوقفات المسلحة، وحملات التعبئة والتجنيد الإجباري، ودورات «طوفان الأقصى» العسكرية، تحت مزاعم الاستعداد لما تصفه بمعارك مرتقبة مع إسرائيل وأميركا.

وأكد تجار أن فرض مزيد من الجبايات يتزامن مع تراجع حاد في النشاط التجاري وكساد البضائع وارتفاع النفقات التشغيلية، ما يجعل كثيراً من المنشآت الصغيرة والمتوسطة مهددة بالإفلاس أو الإغلاق القسري، في ظل غياب أي حماية قانونية أو بيئة أعمال مستقرة.

جرافة حوثية تعتدي على باعة أرصفة بالقرب من متاجر في صنعاء (إعلام حوثي)

ويقول «خالد» (اسم مستعار)، وهو تاجر مواد غذائية في حي السنينة بمديرية معين، إن عناصر حوثية مسنودة بعربات أمنية اقتحمت متجره، وأرغمته على دفع 10 آلاف ريال يمني (الدولار نحو 535 ريالاً) بحجة الإسهام في تمويل أنشطة الجماعة الحالية لاستقطاب وتجنيد مقاتلين جدد. ويوضح أن المبالغ المفروضة تُحدد تقديرياً بناءً على حجم البضائع، دون أي معايير قانونية واضحة.

من جهته، يؤكد صاحب متجر صغير في حي شميلة بمديرية السبعين، لـ«الشرق الأوسط»، تكثيف مسلحي الجماعة خلال الأسابيع الأخيرة من استهداف التجار وصغار الباعة في سوق شميلة المركزية، لإجبارهم على دفع إتاوات غير قانونية.

ويشير إلى أن متجره تعرّض للدهم منتصف الشهر الماضي، وأُجبر بالقوة على دفع مبلغ مالي بزعم وجود مخالفات سابقة، قبل أن يصادر المسلحون أصنافاً غذائية من متجره نتيجة عجزه عن السداد، بذريعة دعم المقاتلين في الجبهات.

تدهور اقتصادي

تأتي هذه التطورات في وقت كشف فيه تقرير دولي حديث عن استمرار تدهور الوضع الاقتصادي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في ظل تصاعد حملات الجباية التي تستهدف الأنشطة التجارية، ما يُعمِّق أزمة انعدام الأمن الغذائي ويقلّص قدرة الأسر على تلبية احتياجاتها الأساسية.

حوثيون يغلقون متجراً في صنعاء لعدم استجابة مالكه لدفع جبايات (إكس)

ووفقاً لتقرير صادر عن «شبكة الإنذار المبكر للاستجابة للمجاعة»، فإن الاقتصاد في مناطق سيطرة الجماعة يواصل التراجع بوتيرة عالية، بفعل الحملات المتكررة التي تطول المطاعم والمتاجر والفنادق وبقية القطاعات، ولا تقتصر على فرض رسوم إضافية فحسب، بل تشمل تشديد القيود التنظيمية، الأمر الذي أدى إلى إغلاق عدد من المنشآت الصغيرة.

وحذّر التقرير من أن استمرار هذا النهج سيُضعف قدرة الأسر على الحصول على الغذاء حتى بالتقسيط، الذي شكّل خلال السنوات الماضية ملاذاً أخيراً لمواجهة الضائقة المعيشية، متوقعاً زيادة حدة انعدام الأمن الغذائي في ظل استمرار الجبايات وتراجع المساعدات الإنسانية أو توقفها.


مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)

أكدت مصر «موقفها الثابت والرافض للمساس بسيادة لبنان ووحدة وسلامه أراضيه، فضلاً عن دعم المؤسسات الوطنية للاضطلاع الكامل بمسؤولياتها في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان». وشددت على «ضرورة منع التصعيد واحتوائه، ورفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية».

جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، كلير لوجندر، على هامش «منتدى صير بنى ياس» في الإمارات، السبت.

وثمن عبد العاطي العلاقات الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، معرباً عن التطلع لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، فضلاً عن تعزيز التعاون في مختلف المجالات وفى مقدمتها قطاعات الصناعة والنقل والسياحة والثقافة والتعليم. كما رحب بقرب انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية المصرية والفرنسية.

وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، رحب وزير الخارجية المصري بالموقف الفرنسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبرزاً الجهود التي تقوم بها مصر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكد «ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803 وسرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة للاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها».

ونوه عبد العاطي بأهمية المضي في خطوات تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة. ولفت إلى أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى قطاع غزة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، مشدداً على أهمية خلق الأفق السياسي للتوصل إلى تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الشيخ عبد الله بن زايد خلال لقاء وزير الخارجية المصري في الإمارات (الخارجية المصرية)

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، تم التطرق خلال اللقاء إلى الأوضاع في السودان، حيث أطلع الوزير عبد العاطي المسؤولة الفرنسية على الجهود المصرية في إطار الرباعية بهدف تحقيق وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق عملية سياسية سودانية شاملة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري بشأن حماية سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، ورفض التقسيم، ودعم مؤسسات الدولة. وشدد على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع مسار التهدئة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية. كما حرص وزير الخارجية على إطلاع المسئولة الفرنسية على نتائج زيارته الأخيرة للبنان.

وقال وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الشهر الماضي، إن بلاده تنظر إلى لبنان بعدّه ركناً أساسياً في منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكداً على أن صون سيادته واستقلال قراره الوطني يظلان أولوية ثابتة في السياسة الخارجية المصرية.

في سياق آخر، التقى عبد العاطي، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، مساء السبت. وتناول اللقاء آفاق تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين والبناء على ما تشهده من زخم إيجابي في مختلف المجالات، في ضوء ما يجمع القيادتين والشعبين من روابط راسخة وشراكة استراتيجية.

وبحسب «الخارجية المصرية»، السبت، تبادل الجانبان الرؤى حول عدد من القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في الضفة الغربية وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام في قطاع غزة، فضلاً عن تطورات الأوضاع في السودان والتنسيق القائم في إطار الرباعية، والأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا. واتفق الوزيران على «أهمية مواصلة التنسيق والتشاور لدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز العمل العربي المشترك».


«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
TT

«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)

تستضيف العاصمة القطرية، الدوحة، اجتماعاً عسكرياً، الثلاثاء، لبحث «تشكيل قوة الاستقرار» في قطاع غزة التي تنص عليها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام، التي دخلت حيز التنفيذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولاقت دعماً من مجلس الأمن في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت.

ذلك الاجتماع المرتقب يأتي وسط ضبابية بشأن مستقبل تلك القوات وتعثر الانتقال للمرحلة الثانية، ويراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» محاولة لسد فجوات، منها مهام تعترض عليها فصائل فلسطينية مرتبطة بالوجود داخل القطاع أو نزع السلاح، بخلاف وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة دول بينها تركيا، وسط تباين بشأن قدرة الاجتماع على تقديم حلول ناجزة، في ظل عدم اتفاق سياسي على الانتقال للمرحلة الثانية، وترقب نتائج لقاء ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أواخر هذا الشهر.

وتوقع مسؤولون أميركيون نشر هذه القوات مطلع العام المقبل، بعد بحث التفاصيل خلال اجتماع للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة عدد من الدول، في العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء، وفق ما أوردت وكالة «رويترز».

وقال مسؤولان أميركيان للوكالة، أخيراً، إنه من المتوقع أن ترسل أكثر من 25 دولة ممثلين عنها للمشاركة في الاجتماع الذي «سيتضمن جلسات لمناقشة هيكل القيادة، وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة»، لافتين إلى أن «قوة الاستقرار الدولية لن تقاتل حركة (حماس)، وأن دولاً كثيرة أبدت رغبتها في المساهمة فيها».

ونقل موقع «أكسيوس»، الجمعة، أن مندوب الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، الذي زار إسرائيل أخيراً، أبلغ نتنياهو ومسؤولين آخرين بأن إدارة ترمب ستتولى قيادة ما تُعرف باسم «قوة الاستقرار الدولية» وستعين جنرالاً قائداً لها.

ويعطي قرار تبناه مجلس الأمن الدولي في 17 نوفمبر الماضي تفويضاً «لمجلس سلام» في غزة والدول التي تتعاون معه، من أجل تأسيس «قوة استقرار دولية» مؤقتة في القطاع.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر الماضي، بأن الولايات المتحدة الأميركية حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

صبيَّان يحتميان من المطر وهما جالسان على عربة يجرُّها حمار في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

رئيس «المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية»، العميد سمير راغب، يرى أن اجتماع الدوحة سيركز على «سد الفجوات» مثل عدم تعيين قائد للقوة، رغم أن التسريبات تشير إلى أنه أميركي، فلا مهام محددة بشأن القوة حتى الآن، كما أنه لم يتم تشكيل «مجلس السلام» الذي صدر له التفويض الأممي بتشكيل القوة، بجانب وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة تركيا، وهذا يعرقل مسار تحديد الدول، بخلاف عدم حسم قضايا سياسية مرتبطة بنزع السلاح.

وأشار إلى أن حديث انتشار القوات بداية العام يكون صحيحاً إذا كنا قد عرفنا الآن مهام وتسليح القوات، وباتت تتجمع هذه الأيام، وبالتالي نحن بصدد ترتيبات ستأخذ ربما شهرين لتحقيق انتشار لو حُسمت الملفات السياسية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن اجتماع الدوحة بشأن تلك القوات يناقش سد الفجوات «لكنه يشكل إطاراً عاماً للتعايش معها، وليس لحلها»، موضحاً أن الفجوات تتعلق بكيفية الانتشار ومهام القوات، وهل ستنزع سلاح «حماس» وتبدأ الانسحابات. ونبه إلى أن هذا الاجتماع قد يحسم التشكيل والتمويل، و«لا يعني مشاركة 25 دولة فيه أن هناك موافقة على الانخراط في القوة؛ لكن ستتم مناقشة الخطوط الأولية».

منظر عام لمخيَّم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بغزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية»، وذلك خلال لقاء المدير العام لـ«أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية»، والمنسق الأممي الخاص السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

وهذا التأكيد ليس الأول من نوعه من جانب مصر؛ حيث أعلنته أكثر من مرة أخيراً.

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين أخيراً بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

وأوضح راغب أن المرحلة الأولى لم تنتهِ بعد، وهناك أمور سياسية لم تُحَل، لافتاً إلى أن «قمة ترمب-نتنياهو» المقررة نهاية هذا الشهر ستكون فاصلة في المرحلة الثانية، وتشكيل القوات، ورفع «الفيتو»، وإنهاء الفجوات.

أما نزال فيرى أن المرحلة الثانية لم تنضج بعد، والهدوء الأميركي في المناقشات محاولة لتفادي الفشل من أي إعلان قد يُحدث ضجة عند أي طرف، في ظل ريبة فلسطينية مما يُعد في الكواليس، متوقعاً أن تزداد مساعي الوسطاء تجاه الانتقال للمرحلة الثانية بأقل تكلفة ومخاطرة، وهذا سيتضح عقب لقاء ترمب بنتنياهو.