جامعة القاهرة تطلق مبادرة "مواجهة الارهاب بالفنون"

أوركسترا جامعة القاهرة («الشرق الأوسط»)
أوركسترا جامعة القاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

جامعة القاهرة تطلق مبادرة "مواجهة الارهاب بالفنون"

أوركسترا جامعة القاهرة («الشرق الأوسط»)
أوركسترا جامعة القاهرة («الشرق الأوسط»)

أطلقت جامعة القاهرة مبادرة "مواجهة الارهاب بالفنون" من خلال دعم المسابقات الإبداعية والأعمال المسرحية لنبذ العنف وترسيخ القيم الوطنية، وكذلك عبر إنشاء أوركسترا للهواة للمرة الأولى في تاريخ الجامعات المصرية.
يقول رئيس جامعة القاهرة الكتور محمد عثمان الخشت لـ "الشرق الاوسط": "نعمل في منظومة متكاملة لها رؤية وهدف لتطوير العقل والنهوض ببلدنا، خاصة بعد الأعمال المؤسفة التي ارتكبها بعض الشباب الذي تم استقطابه بسبب مفاهيم الحفظ التي تعود عليها الطلاب". ويضيف: "قررت الجامعة محاربة كل ذلك بالفن، من خلال تقديم مزيد من الدعم لفرق الكليات المسرحية غير المدعومة من كلياتها والمشاركة في مسابقة لإبداع السابعة بعشرين ألف جنيه".
ويقول منسق الأنشطة الطلابية في الجامعة الدكتور مجدي عمر إن "إنشاء أول أوركسترا طلابي لجامعة القاهرة من الهواة غير المحترفين يعدّ قفزة كبيرة. كانت البداية بنشر إعلان في الكليات لمن يرغب في الانضمام إلى الأوركسترا، بالإضافة إلى إنشاء منصة في أسبوع استقبال الطلاب الجدد لكي يعرضوا مواهبهم ويسجلوا أسماءهم في فئات الغناء والموسيقى والشعر".
ويضيف عمر أن "عدد العازفين وصل إلى 17 عازفاً هم النواة، ومع الوقت سيرتفع العدد حتى نصل إلى 30 عازفا على الأقل هذا العام ".

من الطب إلى عزف الكمان
المفاجئ أن أكثر المنضمين إلى الأوركسترا منتسبون إلى كليات عملية صعبة، كالطب والصيدلة والعلوم والعلاج الطبيعي والتربية النوعية والتجارة. ومع ذلك تحدى هؤلاء الطلاب ضيق الوقت وبرنامجهم الأكاديمي المزدحم ليتعلموا العزف على العود والكمان والأرغن والناي والساكسوفون والكيبورد والأكورديون والطبلة والرق والدرامز وغيرها.
ويشرف على هؤلاء الطلاب المايسترو مازن دراز، أستاذ الصولفيج العربي في المعهد العالي للموسيقى العربية بأكاديمية الفنون، والصوليست في دار الأوبرا المصرية، ومايسترو منتخب جامعة القاهرة للموسيقى والكورال.
يقول دراز لـ "الشرق الاوسط": "الموسيقى ليست عالما منفصلا عن الواقع، بل واقع نعيشه بكل موجاته واضطراباته. والهدف السامي للموسيقى هو خلق جيل مدرك وواعٍ يملك مخزوناً ثقافياً. في الماضي كانت الأسر المصرية توفّر لأبنائها دروساً في الموسيقى للارتقاء بهم أخلاقياً واجتماعياً، وكانت آلة البيانو موجودة في عدد كبير من البيوت. ولهذا لم نجد أي فكر غريب أو متطرف في تلك الأيام إلا في ما ندر".
ويضيف دراز: "الآن تُلغى حصص الموسيقى من المدارس، وهذا أدى إلى بروز أجيال عنيفة ومتطرفة لا تعي معنى الوطن والحفاظ عليه والعمل على التقدم به. الموسيقى تهذّب الفرد وتجعله هادئاً نفسياً، لهذا لا نجد أي موسيقي يميل إلى التطرف أو العنف".
ويشير دراز إلى أنه بذل مجهوداً كبيراً مع الطلاب لتحويل عقليتهم العلمية إلى موسيقية، وفوجئ كثيراً عندما وجد أن ثمة طلاباً يملكون الموهبة ولم يكتشفوها. ويوضح أن جميع الطلاب في الفرقة تلقوا دورة تدريبية لمدة ستة أشهر، وأصبحوا جميعاً على مستوى عال من الكفاءة، مؤكداً أنه سيواصل تدريب أفراد الفرقة لكي يصيروا محترفين بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
ويختتم دراز حديثه قائلاً: "في النهاية، تعليم الطلاب الموسيقى ليس بالأمر السهل إلا في حال تقبُّل الموضوع والإقبال عليه. كما أن كل إنسان لديه طاقة إيجابية وسلبية، ويمكن اخراج السيئ من نفسه من خلال ممارسة ما يحب. وهؤلاء الطلاب اختاروا الموسيقى لتكون لهم عونا في تحمّل الضغوط وإخراج الطاقة السلبية منهم والنظر إلى أنفسهم ومجتمعهم بالطريقة الصحيحة".

*من «مبادرة المراسل العربي»



مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة، بداخلها مجموعة من المومياوات والهياكل العظمية والتوابيت، وغيرها من اللقى الأثرية.

وتوصلت البعثة المشتركة بين مصر وإسبانيا من خلال جامعة برشلونة ومعهد الشرق الأدنى القديم، إلى هذا الكشف الأثري أثناء عمليات التنقيب بمنطقة البهنسا في محافظة المنيا (251 كيلومتراً جنوب القاهرة).

وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر الدكتور محمد إسماعيل خالد، أهمية هذا الكشف، واعتبره سابقة في الاكتشافات الأثرية، قائلاً: «للمرة الأولى يتم العثور بمنطقة البهنسا الأثرية على بقايا آدمية بداخلها 13 لساناً وأظافر آدمية ذهبية لمومياوات من العصر البطلمي، بالإضافة إلى عدد من النصوص والمناظر ذات الطابع المصري القديم، والتي يظهر بعضها لأول مرة في منطقة البهنسا؛ مما يُمثل إضافة كبيرة لتاريخ المنطقة، ويسلط الضوء على الممارسات الدينية السائدة في العصر البطلمي»، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار.

لوحات ومناظر تظهر لأول مرة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأوضح أستاذ الآثار بجامعة القاهرة ومدير حفائر البعثة المشتركة الدكتور حسان إبراهيم عامر، أنه تم العثور على جعران القلب موجود في مكانه داخل المومياء، في إحدى المقابر المكتشفة، بالإضافة إلى العثور على 29 تميمة لـ«عمود جد»، وجعارين وتمائم لمعبودات مثل «حورس» و«جحوتي» و«إيزيس». في حين ذكر رئيس البعثة من الجانب الإسباني الدكتور أستر بونس ميلادو، أنه خلال أعمال الحفائر عثرت البعثة على بئر للدفن من الحجر المستطيل، تؤدي إلى مقبرة من العصر البطلمي تحتوي على صالة رئيسة تؤدي إلى ثلاث حجرات بداخلها عشرات المومياوات متراصّة جنباً إلى جنب؛ مما يشير إلى أن هذه الحجرات كانت قد استُخدمت كمقبرة جماعية.

وأضاف رئيس البعثة أنه «إلى جانب هذه البئر تم العثور على بئر أخرى للدفن تؤدي إلى ثلاث حجرات، ووجدوا جدران إحدى هذه الحجرات مزينة برسوم وكتابات ملونة، تمثل صاحب المقبرة الذي يُدعى (ون نفر) وأفراد أسرته أمام المعبودات (أنوبيس) و(أوزوريس) و(آتوم) و(حورس) و(جحوتي)».

إلى جانب ذلك، تم تزيين السقف برسم للمعبودة «نوت» (ربة السماء)، باللون الأبيض على خلفية زرقاء تحيط بها النجوم والمراكب المقدسة التي تحمل بعض المعبودات مثل «خبري» و«رع» و«آتوم»، حسب البيان.

مناظر عن العالم الآخر في مقابر البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وكان اللافت للانتباه، وفق ما ذكرته البعثة، هو «وجود طبقة رقيقة من الذهب شديدة اللمعان على وجه المومياء التي يقوم بتحنيطها (أنوبيس)، وكذلك على وجه (أوزوريس) و(إيزيس) و(نفتيس) أمام وخلف المتوفى». وأوضحت أن «هذه المناظر والنصوص تمثل صاحب المقبرة وأفراد أسرته في حضرة معبودات مختلفة، وهي تظهر لأول مرة في منطقة البهنسا».

وقال الخبير الأثري المصري الدكتور خالد سعد إن «محتويات المقبرة توضح مدى أهمية الشخص ومستواه الوظيفي أو المادي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر وجدت الكثير من الدفنات المماثلة من العصرين اليوناني والروماني، وكانت الدفنة سليمة؛ لم يتم نبشها أو العبث بها».

ويوضح الخبير الأثري أن «الفكر الديني في ذلك الوقت كان يقول بوضع ألسنة ذهبية في فم المومياوات حتى يستطيع المتوفى أن يتكلم كلاماً صادقاً أمام مجمع الآلهة».

ألسنة ذهبية تم اكتشافها في المنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أما بالنسبة لتلابيس الأصابع (الأظافر الذهبية)، فهذا تقليد كان ينتهجه معظم ملوك الدولة الحديثة، وتم اكتشافها من قبل في مقبرة «توت عنخ آمون»، وكانت مومياؤه بها تلابيس في أصابع اليد والقدم، وفي البهنسا تدل التلابيس والألسنة الذهبية على ثراء المتوفى.

وتعدّ قرية البهنسا (شمال المنيا) من المناطق الأثرية الثرية التي تضم آثاراً تعود للعصور المختلفة من المصري القديم إلى اليوناني والروماني والقبطي والإسلامي، وقد عثرت فيها البعثة نفسها في يناير (كانون الثاني) الماضي على عدد كبير من القطع الأثرية والمومياوات، من بينها 23 مومياء محنطة خارج التوابيت، و4 توابيت ذات شكل آدمي.

مناظر طقوسية في مقابر منطقة البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وفسّر الخبير الأثري العثور على مجموعة من الأواني الكانوبية في المقابر بأنها «تحفظ أحشاء المتوفى، وهي أربعة أوانٍ تمثل أربعة من أولاد (حورس) يرفعون أطراف الكون الأربعة، وفقاً لعقيدة الأشمونيين، ويتمثلون في ابن آوى والقرد والإنسان والصقر، ويوضع في هذه الأواني المعدة والأمعاء والقلب والكبد، وكانت على درجة عالية من الحفظ، نظراً للخبرة التي اكتسبها المحنّطون في السنوات السابقة».

وأشار إلى أن «اللقى الأثرية الأخرى الموجودة بالكشف الأثري مثل الأواني الفخارية والمناظر من الجداريات... تشير إلى أركان طقوسية مرتبطة بالعالم الآخر عند المصري القديم مثل الحساب ووزن القلب أمام ريشة (ماعت)؛ مما يشير إلى استمرارية الديانة المصرية بكافة أركانها خلال العصر اليوناني والروماني، بما يؤكد أن الحضارة المصرية استطاعت تمصير العصر اليوناني والروماني».

بدورها، أشارت عميدة كلية الآثار بجامعة أسوان سابقاً الدكتورة أماني كرورة، إلى أهمية منطقة البهنسا، واعتبرت أن الكشف الجديد يرسخ لأهمية هذه المنطقة التي كانت مكاناً لعبادة «الإله ست» في العصور المصرية القديمة، وفق قولها، وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة كانت تضم العديد من المعابد والمنشآت العامة، فهناك برديات تشير إلى وجود عمال مكلفين بحراسة المنشآت العامة بها؛ مما يشير إلى أهميتها».