رئيس ديوان الرئاسة في كردستان لـ {الشرق الأوسط}: دخلنا كركوك بطلب من المالكي

فؤاد حسين كشف أسرار الاتصالات مع مكتب رئيس الوزراء بشأن خطورة الموقف في الموصل ومهاجمة داعش

رئيس ديوان الرئاسة في كردستان لـ {الشرق الأوسط}: دخلنا كركوك بطلب من المالكي
TT

رئيس ديوان الرئاسة في كردستان لـ {الشرق الأوسط}: دخلنا كركوك بطلب من المالكي

رئيس ديوان الرئاسة في كردستان لـ {الشرق الأوسط}: دخلنا كركوك بطلب من المالكي

يستغرب من يزور أربيل، عاصمة كردستان العراق، ومحافظتي دهوك والسليمانية، كيف أن الحياة تمضي بشكل هادئ ومسيطر عليه تماما على الرغم من أن تهديد داعش لأمن الإقليم كان قاب قوسين أو أدنى.
ومع وجود أكثر من مليون ونصف المليون نازح أغلبيتهم من العرب، مترافقا مع سوء الأوضاع الاقتصادية بسبب معاقبة حكومة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي لكردستان وقطع الميزانية عنهم وحرمان موظفيهم من رواتبهم، فإن الأوضاع تبدو طبيعية. فالقيادة الكردية المتمثلة برئيس الإقليم مسعود بارزاني، ورئيس الحكومة نجيرفان بارزاني، والمسؤولون الأمنيون والحكوميون لا ينامون أكثر من ساعتين بسبب اجتماعاتهم وإشرافهم على جبهات القتال، كما يؤكد الدكتور فؤاد حسين، رئيس ديوان رئاسة الإقليم.
حسين في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بمكتبه في أربيل، أمس، كشف الكثير من الأسرار، والملابسات التي واكبت التطورات الميدانية والسياسية، مشيرا إلى أن «التهديدات من قبل تنظيم داعش على أمن الإقليم لا تزال موجودة، لكن في الوقت نفسه كانت هناك مقاومة، رغم تراجعات حدثت نتيجة خلل تنظيمي وقد جرى إعادة تنظيم قوات البيشمركة والآن المبادرة بيد قوات الإقليم بينما قوات داعش الإرهابية تتراجع».
وأوضح «حدود مواجهتنا مع داعش تمتد لمسافة تقرب من 1500 كيلومتر، من أطراف الموصل إلى جنوب خانقين، والمجابهة اليوم في أطراف الموصل بعد تحريرنا وسيطرتنا على سد الموصل، وهناك مواجهات في أطراف كركوك وجلولاء». وأضاف «داعش حاول الوصول إلى أطراف أربيل، ووصل ليلة السابع من الشهر الحالي على مقربة من عاصمة الإقليم لكنه بعد يومين انهار وانهزم».
ويوضح حسين قائلا «توازن القوى العسكرية كان لصالح داعش بعد أن سيطر على أسلحة ستة فرق من الجيش والشرطة العراقية عندما سيطر على الموصل، وعندما نتحدث عن أسلحة ستة فرق في الجيش العراقي فإنما نتحدث عن سيطرتها على ألف سيارة مدرعة والآلاف من المدافع مختلفة المدى، ووقعت مخازن الأسلحة الثقيلة والخفيفة والعتاد الهائلة في الموصل وأطراف صلاح الدين بيده.. وبعد سيطرتها على هذه الأسلحة نظمت قوات داعش هجوما منظما على مقرات بعض الفرق والألوية والمعسكرات للجيش السوري داخل أراضي سوريا وسيطرت على أسلحة متطورة بينها صواريخ متوسطة المدى. بمعنى أن داعش حصل على أكثر الأسلحة تطورا وحداثة وقوة من جيشين، العراقي والسوري»، منبها إلى أنه «في المقابل فإن أسلحة قوات البيشمركة بسيطة ومعظمها خفيفة ودفاعية، يضاف إلى ذلك، وبعد سيطرة قوات داعش على الموصل ومناطق واسعة أخرى، توزعت قوات البيشمركة من سنجار إلى خانقين ونحن نتحدث عن مساحات واسعة للغاية، وهذا أدى إلى خلل في موازين القوى كون قوات داعش متحركة وتمتلك أسلحة هجومية متطورة، بينما قواتنا ثابتة في مواقعها وتمتلك أسلحة دفاعية خفيفة».
ويضيف رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان قائلا «يضاف إلى كل هذا سيطرة قوات داعش على قضاء تلعفر قبل سقوط قضاء سنجار بأسبوعين، وهو ما خلق وضعا استثنائيا لصالح القوات الإرهابية ذلك أن غالبية أهالي تلعفر، وخاصة الشيعة التركمان نزحوا من مدينتهم إلى سنجار، وهي مدينة فقيرة أصلا وتبتعد عن الإقليم نحو مائة كيلومتر. وفي أطراف الطريق إلى سنجار بنحو 70 كيلومترا تنتشر عشائر عربية سنية، والوصول إلى سنجار يحتاج إلى طريق، فإذا كان هذا الطريق بيد حلفاء وأصدقاء كان من السهل علينا الوصول إلى سنجار ومساعدة الأهالي، لكن للأسف هذه العشائر انقلبت علينا وصارت من أنصار داعش وأصبح هذا الطريق عدائيا لنا. وكان هناك خلل كبير في تنظيم البيشمركة في سنجار وإدارة العمليات العسكرية هناك لهذا سيطرت قوات داعش على سنجار بدعم من العشائر العربية السنية، وهذا أدى إلى انهيار بقية المناطق المحيطة بسنجار لأن الأهالي سمعوا بجرائم وفظائع داعش التي مارسوها على سكان المناطق التي سيطروا عليها».
وأشار حسين إلى أن «داعش يقاتل بأسلوبين في آن واحد، الهجوم المسلح وإعلام الرعب الذي يصدره والذي يحقق 60 في المائة من نجاحات داعش وخلق حالة من الرعب بين الأطفال والنساء، وهم لا يقاتلون جيشا بل يحاربون الأهالي أولا، هذه العوامل مجتمعة خلقت بعض الانهيارات هنا وهناك، لكن بعد أيام تدخلت القوة الجوية الأميركية في الميدان».
وقال حسين «نحن كنا ومنذ الأيام الأولى مع الإدارة الأميركية نقوم بإطلاعهم على سير الأمور ومدى خطورتها وتدخلهم كان مهما لتغيير موازين القوى». ويحمل حسين نوري المالكي باعتباره رئيسا للوزراء والقائد العام للقوات المسلحة (وقتذاك) مسؤولية انسحاب القوات العراقية من الموصل والسماح لداعش بالسيطرة عليها، منبها إلى أن «رئيس الإقليم مسعود بارزاني كان قد اتصل بالمالكي قبل أشهر وأبلغه بأن داعش موجود وبقوة في الموصل وطلب منه التعاون سوية لتصفية داعش هناك، فأجابه المالكي (أنتم دبروا الأمور في الإقليم ونحن ندبرها ببقية المناطق) ورفض التعاون».
وأضاف أن «المالكي الذي ساعده الأكراد في تثبيته بمنصبه خدمة للعملية السياسية لم يثق يوما بنا، المالكي تحول إلى عدو للمالكي، وبدلا من أن ينقل الأعداء إلى خانة المحايدين، والمحايدين إلى خانة الأصدقاء، نقل الأصدقاء والمحايدين إلى خانة الأعداء».
يقول حسين «لا بد من تثبيت الأمور تاريخيا، قبل سيطرة داعش بأيام قليلة على الموصل كان الرئيس بارزاني خارج العراق، وبناء على توجيهاته وتوجيهات الأخ نجيرفان بارزاني، رئيس حكومة الإقليم، اتصلت بمدير مكتب المالكي طارق نجم، قبل بضعة أيام من سقوط الموصل، وهو صديق للمالكي وأعرف أنه يستطيع الوصول إليه بسهولة، وقلت له أقترح أن تأتي مع مسؤولين عسكريين وأمنيين للاجتماع في أربيل لتبادل المعلومات واتخاذ قرار عاجل لأن الأوضاع صارت صعبة للغاية وأن احتمالات سيطرة داعش على الموصل باتت أكيدة، فقال لي بين الجد والمزاح، وهو صديق لي، أقسم إنكم إذا دخلتم الموصل فلن تنسحبوا منها بعد هدوء الأمور.
وأنا أعرف أن هذه هي فكرة المالكي ففي اجتماعات سابقة قال إن قوات البيشمركة إذا دخلت إلى الموصل لن تنسحب منها، قلت له أنا اتصلت بك لتبليغ رئيس الوزراء بخطورة الموقف، نحن لدينا معلومات ونحتاج إلى جهودكم ومن دون تنسيق مع الجيش العراقي لا نستطيع دخول الموصل وإذا لم يجر تبليغ القيادة العسكرية في الموصل بضرورة التنسيق مع البيشمركة سيتحول الوضع إلى فوضى أمنية ولن يجري التعاون». واستطرد «عند الساعة الثانية من فجر اليوم التالي، أي بعد ساعات من احتلال داعش للموصل، اتصل بي طارق نجم، وكانت أولى كلماتي له أقسم أن الموصل جرى احتلالها من قبل داعش؟ ماذا تبقى؟ الأوضاع انهارت تماما».
ويوضح بقوله «كانت القيادة العسكرية العراقية بالموصل بيد علي غيدان وعبود كنبر، وفي اليوم الثاني كنا قد شكلنا غرفة عمليات، وكان عندنا اجتماع للقيادات الأمنية الكردية ورئيس الوزراء نجيرفان بارزاني ونائب رئيس الإقليم، وتلقى جبار ياور، وكيل وزارة البيشمركة، اتصالا من غيدان يفيد بأنه متجه بسيارته لأربيل ويريد أن يعرف الطريق وأن يجري استقباله من قبل البيشمركة، فأرشده ياور ونسق معه حتى وصوله إلى قوات البيشمركة وتم التعامل معه باحترام كقائد عسكري وفي اليوم التالي أرسلناه بواسطة طائرة إلى بغداد. وفي ذات الوقت استقبلت البيشمركة الآلاف من الجنود العراقيين الذين كان الجيش العراقي قد أرسلهم لمحاربة داعش لكنهم هربوا وانهار الجيش العرقي، وقد ساعدتهم البيشمركة والأكراد للعودة إلى بيوتهم سالمين».
ومن الأسرار التي يكشفها حسين أنه «في العاشر من يوليو (تموز) اتصل بي حامد الموسوي، المدير التنفيذي لمكتب المالكي، وكانت هذه هي المرة الأولى التي نتحدث بها هاتفيا، وقال أنا أتحدث معك باسم رئيس الوزراء (المالكي) ونطلب منكم دخول قوات البيشمركة إلى كركوك لأن داعش سوف يسيطر عليها، وقلت له طيب سوف نتدخل لإنقاذ كركوك، يعني قواتنا دخلت كركوك بطلب من المالكي.
ولو سيطر داعش على كركوك كانت حدثت مصيبة كبرى للناس للعرب والأكراد والتركمان، وكان سيطر على منابع النفط وأنبوب التصدير الذي تعبر من خلاله نصف مليون برميل يوميا إلى تركيا و300 ألف برميل يوميا إلى بيجي، وكان هذا هدفهم، السيطرة على كركوك ومصفى بيجي لتكون منابع النفط والمصفى بأيديهم، وحمت قوات البيشمركة كركوك».
ويشير حسين إلى أنه «عندنا اليوم أكثر من مليون عربي نزحوا من المناطق السنية يضاف إليهم المسيحيون الذين فروا من الموصل وسهل نينوى والأيزيديون، يوجد اليوم في الإقليم أكثر من مليون ونصف المليون نازح بالإضافة إلى اللاجئين السوريين الذين يبلغ عددهم ربع مليون لاجئ». مشيدا «بالدعم الدولي الإنساني فهناك جسر جوي بين الدول الأوروبية وأربيل لإيصال المساعدات على الرغم من أن بغداد تعرقل وصول طائرات المساعدات العسكرية إلينا كون المجال الجوي (الطيران المدني) بأيديهم والحكومة العراقية تتحدث عن السيادة بالوقت الذي لم تبق فيه لا حدود ولا سيادة بعد أن عاث داعش الفساد والقتل في مناطق واسعة من العراق، نحن نؤمن أن المحافظة على السيادة هي الحفاظ على أرواح الناس وأمنهم وتحرير مناطق البلد من سيطرة داعش فالسيادة ليست شعارات».
وحول إمكانية مشاركة الأكراد في الحكومة المقبلة، قال رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان «الإخوة ببغداد يجب أن يتعلموا من دروس الحكومة السابقة في تشكيل الحكومة وإشراك الآخرين بقوة ويجب أن يدركوا مسؤوليتهم وأن يصلوا لقناعة مفادها أن الواقع العراقي قد تغير تماما وأنه لا يمكن أن تحكم فئة أو مذهب أو قومية كل العراق، هناك سنة وأكراد وشيعة ومسيحيون وتركمان، ونحن سنكون جزءا من العملية السياسية والحكومة المقبلة وقد بدأ وفدنا التفاوضي برئاسة الأخ هوشيار زيباري بالاجتماعات ببغداد لهذا الغرض، ونحن متفائلون بإرادتنا وبان نكون جزءا من الحل كما كنا دائما وليس جزءا من الأزمة».
وبلغة العتب الشديد يقول حسين إن «العشائر العربية في مناطقنا والمحيطة بنا وعلى الرغم من كل ما قدمناه لهم ساندوا داعش لقتلنا وخطف نسائنا ومع ذلك نحن لا نفقد إنسانيتنا ونحن لا نعادي العرب ولا نكرههم ولا نخلق آيديولوجية معادية للعرب، بل متمسكون بآيديولجيتنا الكردستانية التي تدعو للتسامح والمحبة.
نعم نحن مجروحون من العرب، نحن دافعنا عن كل العراق وعن الأردن والكويت والسعودية بأن نحارب داعش وحدنا وبدعم أميركي وإشغالهم عن الهجوم والتوسع نحو دول الجوار، ومع ذلك لم يدعمنا أي بلد عربي، باستثناء المملكة الأردنية الهاشمية التي بعثت بمساعدات إنسانية، ولبنان الذي أرسل وزير خارجيته، لم يقولوا أي شيء، لم تصدر حتى إدانة لجرائم داعش وبأن داعش لا يمثل الإسلام والعرب، الولايات المتحدة وأوروبا البعيدة عنا جغرافيا واجتماعيا وتاريخيا هي من هرعت لمساعدتنا ودعمنا عسكريا وإنسانيا».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم