مصادر يمنية لـ «الشرق الأوسط»: لجنة الوساطة لم تتوصل إلى حلول

دول «التعاون الخليجي» تعرب عن قلقها من التطورات في صنعاء

مظاهرة في صنعاء تلبية لنداء زعيم الحوثيين للمطالبة بإسقاط الحكومة (رويترز)
مظاهرة في صنعاء تلبية لنداء زعيم الحوثيين للمطالبة بإسقاط الحكومة (رويترز)
TT

مصادر يمنية لـ «الشرق الأوسط»: لجنة الوساطة لم تتوصل إلى حلول

مظاهرة في صنعاء تلبية لنداء زعيم الحوثيين للمطالبة بإسقاط الحكومة (رويترز)
مظاهرة في صنعاء تلبية لنداء زعيم الحوثيين للمطالبة بإسقاط الحكومة (رويترز)

قالت مصادر سياسية يمنية لـ«الشرق الأوسط» إن اللجنة الرئاسية التي أوفدها الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، لنزع فتيل أزمة مشتدة بسبب محاصرة الجماعة لصنعاء، لم تتوصل إلى حلول نهائية.
واستمرت أمس مظاهرات الحوثيين حول صنعاء وداخلها، للمطالبة بإسقاط الحكومة، بعد انقضاء المهلة التي حددها زعيمهم، والتي انتهت أمس. وذكرت المصادر أن وفد الوساطة برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، الدكتور أحمد عبيد بن دغر، التقى زعيم التمرد الحوثي وناقش معه رسالة خاصة من الرئيس عبد ربه منصور بشأن التصعيد الذي يقوم به الحوثيون في صنعاء وحولها وبصورة مسلحة.
واتسم اللقاء بالإيجابية حسب المصادر «لكنه لم يخرج، حتى اللحظة (مساء أمس)، بنتائج إيجابية، حيث يصر الحوثيون على مواصلة احتجاجاتهم كما رفضوا المشاركة في حكومة الوفاق الوطني، إلا بعد التراجع عن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اليمنية فيما يتعلق برفع الدعم عن المشتقات النفطية»، وهو العذر التي اتخذه الحوثيون من أجل تكثيف وجودهم في صنعاء.
وقالت المصادر، التي رفضت الإفصاح عن هويتها، إنه «وعلى الرغم من الوجود لقوات الجيش والحكومة اليمنية في صعدة والمتمثلة في القيادات العسكرية والأمنية والمدنية التي استقبلت اللجنة الرئاسية، إلا أن ذلك يعد موضوعا صوريا، حيث يتحكم الحوثيون بكافة الأمور في صعدة». وإلى وقت متأخر من مساء أمس، واللجنة الرئاسية ما زالت تعقد اجتماعات خاصة.
وتظاهر عشرات الآلاف من الحوثيين أمس في العاصمة صنعاء للمطالبة باستقالة الحكومة وإلغاء قرار بخفض دعم الوقود. وفي وقت سابق هذا الأسبوع حشد الحوثيون عشرات الآلاف من أنصارهم في صنعاء وحذروا من أنهم سيلجأون إلى «أساليب ضغط مشروعة» إذا لم تستجب السلطات لمطالبهم بحلول يوم أمس. واحتشد المتظاهرون أمس في شارع رئيس يؤدي إلى المطار وهتفوا «الشعب يريد إسقاط الحكومة» وشعارات أخرى تندد بقرارات خفض دعم الوقود.
وقال منظمون للاحتجاجات إنهم سينصبون خياما قرب وزارتي الداخلية والاتصالات في شارع يؤدي إلى مطار صنعاء لحين تلبية مطالبهم. ويوجد الحوثيون بصورة مسلحة ومكثفة حول العاصمة صنعاء وفي داخليها ينصبون الخيام بداخلها ويطالبون بإقالة حكومة الوفاق الوطني، في الوقت الذي «أعلن مبعوث مجلس الأمن الدولي إلى اليمن رفضه لكل هذه الإجراءات»، وقال بنعمر، في بيان، إنه «يبذل قصارى جهده بالتنسيق مع الرئيس عبد ربه منصور هادي لمعالجة جذور التوتر الحالي في اليمن ووضع حل مستدام عبر الحوار». وأضاف أنه يجري لهذه الغاية مشاورات مكثفة مع مختلف الأطراف والقيادات السياسية اليمنية لإيجاد حل سلمي توافقي بناء على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي توافق عليها اليمنيون.
وحث بنعمر اليمنيين «على التحلي بالحكمة وتغليب الحس الوطني وروح التعاون البنّاء لتجاوز تحديات المرحلة والمضي قدما في العملية السياسية»، وشدد على ضرورة احترام اتفاق نقل السلطة ومخرجات مؤتمر الحوار وقرارات مجلس الأمن. وجدد تأكيد دعم المجتمع الدولي جهود الرئيس عبد ربه منصور هادي وكافة الجهود المبذولة للتهدئة وللتركيز على مهام العملية الانتقالية من أجل العبور باليمن إلى بر الأمان.
وحسب بيان مكتب بنعمر فقد التقى «إلى جانب الرئيس عبد ربه منصور هادي، خلال الساعات الماضية ممثلين عن أنصار الله ووفدا من التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري برئاسة أمينه العام الأستاذ عبد الله نعمان، إضافة إلى أمين عام الحزب الاشتراكي الدكتور ياسين سعيد نعمان، وعضو مجلس النواب الشيخ حميد الأحمر، ومدير مكتب الرئيس عبد ربه منصور هادي الدكتور أحمد عوض بن مبارك».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم