اعتقال 8 نساء في الأقصى لتضامنهن مع الأسرى

متظاهرون فلسطينيون يواجهون قنابل الغاز الاسرائيلية في الخليل (رويترز)
متظاهرون فلسطينيون يواجهون قنابل الغاز الاسرائيلية في الخليل (رويترز)
TT

اعتقال 8 نساء في الأقصى لتضامنهن مع الأسرى

متظاهرون فلسطينيون يواجهون قنابل الغاز الاسرائيلية في الخليل (رويترز)
متظاهرون فلسطينيون يواجهون قنابل الغاز الاسرائيلية في الخليل (رويترز)

شهدت القدس الشرقية والكثير من مدن وبلدات الضفة الغربية المحتلة، أمس الجمعة، مجموعة من المسيرات الشعبية السلمية احتجاجاً على الاستيطان وممارسات الاحتلال، مبرزين إحياء ذكرى «يوم الأرض» الخالد، الذي يصادف اليوم السبت 30 مارس (آذار)، ومؤكدين على أهمية الأرض في نضال الشعب الفلسطيني. وفي عدة مواقع جرت صدامات مع قوات الاحتلال، بأغلبيتها بمبادرة الجنود الذين يصرون على قمع المسيرات والبطش بمنظميها.
ففي القدس، وأثناء خروج نحو 35 ألف شخص شاركوا في صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك، أقدمت قوات الاحتلال على اعتقال 8 نساء من أمهات الأسرى المقدسيين، فور خروجهن من الحرم. وأفاد شهود عيان بأن قوات الاحتلال أرادت معاقبة هؤلاء الأمهات على مشاركتهن في تنظيم وقفة داعمة للأسرى في سجون الاحتلال، وذلك في ساحة المسجد الأقصى المبارك، عقب انتهاء صلاة الجمعة. ورفع المقدسيون صوراً لأبنائهم الأسرى، ورددوا هتافات مناصرة للأسرى والأقصى. وأدى المبعدون عن الأقصى الصلاة عند باب الأسباط.
وأفاد مصدر مطلع على أوضاع سجون الاحتلال، بأن مصلحة السجون منعت بقوة البطش أسرى سجن النقب أمس من أداء صلاة الجمعة بشكل جماعي في ساحات الأقسام، كما هو معمول به منذ عشرات السنين، واقتحمت الوحدات الخاصة أربعة أقسام بعد منعهم من أداء الصلاة. وحمَّل «مركز أسرى فلسطين للدراسات»، سلطات الاحتلال ومصلحة السجون، المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى في سجن النقب بعد هذا الاقتحام.
وأوضح رياض الأشقر الناطق الإعلامي للمركز، أن الأوضاع في سجن النقب توترت بشكل كبير بعد القرار التعسفي، وأن الأسرى في سجن النقب اعترضوا على منعهم من أداء حقهم الديني في صلاة الجمعة بالساحات، وبدأوا بالتكبير داخل الأقسام، حيث ردت الإدارة باستدعاء أعداد كبيرة من الوحدات الخاصة ووحدة «جفعاتي» العسكرية، وقامت باقتحام أقسام «21 - 22 - 23 - 5»، وانتشرت بين الأسرى، وهناك خشية من الاعتداء على الأسرى بشكل همجي، كما جرى خلال الأيام الماضية. وحذر الأشقر من خطورة الأوضاع في سجن النقب، وأنها قابلة للانفجار نتيجة اعتداءات الاحتلال المتكررة على الأسرى بكل وسائل القمع ما يشكل خطورة حقيقية على حياتهم، وقد ينتج عن ذلك إقدام الأسرى على عمليات طعن دفاعاً عن أنفسهم وكرامتهم، كما جرى قبل أيام.
من جهة ثانية، أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي، سراح دورية للأمن الوقائي التابع للحكومة الفلسطينية، بعد احتجازها لساعات قرب مدخل بيت عينون شمال الخليل.
وعلى الصعيد الجماهيري، قمعت قوات الاحتلال، أمس الجمعة، مسيرة لمناسبة «يوم الأرض» على الطريق الواصلة بين جنين ونابلس. وقال مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة، غسان دغلس، إن قوات الاحتلال قمعت المسيرة التي نظمت لمناسبة الذكرى الـ43 لـ«يوم الأرض»، بالقرب من مستوطنة «حومش» المخلاة، منذ عام 2005، التي تعود أراضيها للفلسطينيين. وأضاف أن قوات الاحتلال كثفت من وجودها بمحيط قرى برقة وبزاريا وسيلة الظهر، شمال نابلس، واستهدفت المشاركين بالمسيرة بقنابل الغاز المسيل للدموع.
وقمعت قوات الاحتلال، أيضاً، مسيرة كفر قدوم الأسبوعية، التي انطلقت إحياءً للذكرى الثالثة والأربعين لـ«يوم الأرض»، وتضامناً مع الأسرى الذين يتعرضون للقمع في سجون الاحتلال. وأفاد منسق «المقاومة الشعبية في كفر قدوم»، مراد شتيوي، بأن مجموعة كبيرة من جنود الاحتلال هاجموا المشاركين في المسيرة باستخدام قنابل الصوت والأعيرة المعدنية المغلفة بالمطاط، فيما رد الشبان بالحجارة والزجاجات الفارغة دون وقوع إصابات أو اعتقالات، رغم نصب كمين من قبل جيش الاحتلال في حقول الزيتون.
وذكر شتيوي أن المئات من أبناء البلدة شاركوا في المسيرة التي دعت إليها حركة «فتح»، إحياءً لذكرى «يوم الأرض»، وتضامناً مع أسرانا في سجون الاحتلال، مؤكدين استمرارهم في مقاومتهم الشعبية حتى إنهاء الاحتلال عن كامل أرضنا.
وفي بلدة المغير شرق رام الله، أصيب 8 مواطنين برصاص جيش الاحتلال، بعد قمع المشاركين في صلاة الجمعة على الأراضي المهددة بالمصادرة في القرية. وقالت مصادر طبية إن شاباً أصيب بالرصاص الحي في ساقه، في حين أصيب 7 مواطنين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، خلال المواجهات العنيفة التي اندلعت في القرية. وكان أهالي قرية المغير أدوا صلاة الظهر في أراضيهم الزراعية المهددة بالمصادرة لصالح الاستيطان، التي تتعرض لاعتداءات المستوطنين بحماية جيش الاحتلال. وهاجمت قوات الاحتلال، المواطنين المشاركين في صلاة الجمعة، التي تقام أسبوعياً في المكان ذاته، وأقيمت هذا الأسبوع لمناسبة الاحتفالات بـ«يوم الأرض» الخالد، للتأكيد على تمسك الفلسطيني بأرضه.
وأصيب عدد من المواطنين بالاختناق، نتيجة قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي مسيرة قرية نعلين الأسبوعية السلمية، التي انطلقت إحياءً للذكرى الـ43 لـ«يوم الأرض»، وتضامناً مع الأسرى في سجون الاحتلال الذين يتعرضون لهجمة واعتداء وحشي على يد وحدات القمع التابعة لسجون الاحتلال. وانطلقت المسيرة عقب صلاة اليوم الجمعة، من مسجد القرية، وصولاً إلى بوابة الجدار، حيث هاجمت قوات الاحتلال، المتظاهرين، بالرصاص المعدني المغلف بـالمطاط والقنابل الصوتية، والغاز المسيل للدموع، ما أدى لإصابة عدد منهم بالاختناق.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.