السوق الهندية عملاق استهلاكي يفتح الباب لآفاق النمو الاقتصادي

واحد من كل 10 هواتف ذكية على مستوى العالم يباع في البلاد

تشير تقارير إلى أن الهند ستصبح قريبا ثالث أكبر سوق استهلاكية على مستوى العالم (غيتي)
تشير تقارير إلى أن الهند ستصبح قريبا ثالث أكبر سوق استهلاكية على مستوى العالم (غيتي)
TT

السوق الهندية عملاق استهلاكي يفتح الباب لآفاق النمو الاقتصادي

تشير تقارير إلى أن الهند ستصبح قريبا ثالث أكبر سوق استهلاكية على مستوى العالم (غيتي)
تشير تقارير إلى أن الهند ستصبح قريبا ثالث أكبر سوق استهلاكية على مستوى العالم (غيتي)

توشك الهند أن تصبح ثالث أكبر سوق استهلاكية في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية والصين في المستقبل المنظور. ومن المتوقع أن يحقق الطلب الاستهلاكي في الهند ما يقرب من 1.6 تريليون دولار في الوقت الراهن وصولاً إلى 4 تريليونات دولار بحلول عام 2025، وفق التقرير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.
وتعد الهند، التي يبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي فيها نسبة 7.3 نقطة مئوية، خامس أكبر اقتصاد على مستوى العالم. وبحلول عام 2030، فإنه من المتوقع للاستهلاك المحلي الخاص، الذي يشكل 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الهندي، أن يصل إلى 6 تريليونات دولار كفرصة من أبرز فرص النمو.
وبالإضافة إلى ذلك، ومع تعداد السكان الهنود البالغ 1.3 مليار نسمة، والمتوقع أن يتجاوز تعداد الصين بحلول عام 2025، سوف تحتل الهند مرتبة السوق الكبيرة المقبلة ذائعة الصيت في قارة آسيا.

محفزات النمو المتوقع
على المستوى الكلي، فإن نحو نصف سكان الهند أقل من 26 عاماً من العمر، وبحلول عام 2020، فإن متوسط عمر السكان في البلاد سوف يكون نحو 29 عاماً. ووفقاً لذلك، سوف تُصاغ قصة الاستهلاك الهندي على أيدي جيل الألفية البالغ عددهم نحو 440 مليون مواطن، و390 مليون مواطن من الجيل التالي. وفي ظل الشبان البارعين في شؤون التكنولوجيا الحديثة، ومع تحسن التعليم، والنمو الاقتصادي السريع، فإن الهند تحاول إيجاد السوق الاستهلاكية التي تمكّنها من المنافسة في مواجهة أكبر الأسواق الاستهلاكية حول العالم.
وفي الأثناء ذاتها، من المتوقع لنحو 250 مليون نسمة من سكان البلاد الانضمام إلى القوة العاملة الهندية بحلول عام 2030. ومن شأن الارتفاع في عدد السكان العاملين في الهند أن يؤدي إلى زيادة الدخل المتاح والاستهلاك، مما يمنح الاقتصاد الوطني دفعة حقيقية وكبيرة.
وسوف تشكل قطاعات الدخل النخبوية والثرية نسبة 40 في المائة من إجمالي الإنفاق بحلول عام 2025، وذلك للمرة الأولى، إذ يشكل الأثرياء أكبر شريحة استهلاكية في البلاد. وسوف تكون المدن الناشئة (أي تلك التي لا يتجاوز تعداد سكانها مليون نسمة على الأكثر) من أسرع المدن الهندية نمواً، وسوف تشكل هي الأخرى ثلث إجمالي الإنفاق الاستهلاكي بحلول عام 2025.
وبحلول العام نفسه، سوف تتحول السوق الاستهلاكية الهندية إلى حضرية بالأساس مع نسبة 62 في المائة من الاستهلاك من المناطق الحضرية مقارنة بنسبة 42 في المائة المسجلة اليوم.
ومن شأن الأسر ذات الدخل فوق المتوسط أن تستحوذ على نسبة 47 في المائة (2.8 تريليون دولار) من إجمالي الاستهلاك، والأسر ذات الدخل المرتفع سوف تحرك الاستهلاك بنسبة تبلغ 14 في المائة (0.8 تريليون دولار). ومن المتوقع لنمو الاستهلاك في المستقبل أن يأتي بالأساس من المدن الثرية، والمدن ذات الكثافة السكانية المرتفعة، والآلاف من البلدات الريفية المتقدمة في مختلف أنحاء البلاد. ومن الإجمالي المتوقع للنشاط الاستهلاكي، سوف يتحقق 1.5 تريليون دولار في أكبر 40 مدينة هندية، وكثير من المدن والبلدات الحضرية الصغيرة سوف تدفع الإنفاق الاستهلاكي الكبير سواء بسواء.
ووفقاً لتحليل وكالة «ماكينزي للتصنيف المالي»، إذا استمرت الهند على المنوال ذاته من النمو المرتفع الراهن، وعلى مدى العقدين القادمين، فإن السوق الهندية سوف تشهد تحولاً كبيراً للغاية، ومن شأن مستويات الدخل أن تتضاعف ثلاث مرات تقريباً.
ومع ارتفاع الدخل الهندي، سوف يتغير شكل هرم الدخل القومي في البلاد بصفة جذرية، إذ سوف يؤدي ذلك إلى انتقال أكثر من 291 مليون شخص من شريحة الفقر المدقع إلى مستوى الحياة الأكثر استدامة، وسوف تتضخم الطبقة المتوسطة الهندية لأكثر من 10 أضعاف حجمها الحالي من 50 مليوناً إلى 583 مليون نسمة. وبحلول عام 2025، سوف يكون أكثر من 23 مليون مواطن هندي - أي أكثر من إجمالي تعداد أستراليا الحالي - من بين أغنى المواطنين في البلاد.
تقول مايوري غوش، مديرة المشروع لدى مبادرة مستقبل نظام الاستهلاك بالمنتدى الاقتصادي العالمي: «تمر الهند بمرحلة تحول، من حيث النمو الاقتصادي أو من حيث التنمية البشرية للمواطنين الذين يزيد تعدادهم على مليار نسمة. ومع دخول البلاد إلى عهد جديد من النمو المتصوّر، فإن الجهود المتآزرة، لا سيما في القطاعين العام والخاص للتعامل مع التحديات الرئيسية يمكنها إطلاق العنان الكامل لإمكانات الشباب الهندي الهائلة، من أجل تشكيل وجه الأمة الهندية التقدمية والديناميكية لصناعة النموذج الهندي العالمي ضمن الأسواق الاستهلاكية العالمية سريعة النمو».
كما حازت المرأة الهندية، في خضم ذلك، المزيد من الزخم والقوة. إذ أصبحت حقوق المرأة من القضايا المهمة والمحورية في الهند، وصارت المرأة الهندية تحصل على رعاية صحية أفضل من أي وقت مضى، وتحتل أهمية أكبر في وسائل الإعلام المحلية. والعامل الأولى بالأهمية الآن هو فرصة التعليم. من عام 2005 وحتى عام 2014، كان معدل التحاق الفتيات بالتعليم الثانوي في الهندي يتراوح بين 45.3 و73.7 في المائة. وهو يبلغ الآن معدلاً أكبر من التحاق الفتيان بمرحلة التعليم الثانوي.
وتمكنت المرأة الهندية الشابة من تجسير الفجوة في التعليم الجامعي كذلك، إذ بلغ معدل التحاقهن 20 في المائة مقابل 22 في المائة للشبان. ومن شأن هذا التحول أن يكون له أثره الكبير على العوامل المجتمعية على المدى البعيد، مثل السمات السكانية للقوة العاملة والاستقلال الاقتصادي.

الأعمال التجارية المتنامية
وسواء كان الأمر يتعلق بالسفر الجوي، أو شراء الهواتف الذكية، أو التسوّق الإلكتروني، أو شراء السيارات، فإن المواطن الهندي قد صار أكثر إنفاقاً عن ذي قبل، وهذا بدوره يغذي المزيد من النمو الاقتصادي في البلاد. ولقد ساعد ذلك وجود عدد كبير من الشباب في تعداد البلاد، وارتفاع الدخل المتاح، والتطلعات الاستهلاكية.
وجاء في تقرير صادر عن «وكالة التصنيف والأبحاث الهندية» ما مفاده: «على مدى السنوات القليلة الماضية، كان إنفاق الاستهلاك النهائي الخاص والإنفاق الاستهلاكي النهائي الحكومي من المحركات الرئيسية للنمو الاقتصادي الهندي».
وحقق قطاع الطيران الهندي نجاحات كبيرة. وكانت سوق الطيران المحلية هي القطاع الأسرع نمواً في العالم لسنة الرابعة على التوالي. وبحلول عام 2025، من المتوقَّع للهند أن تحتل المرتبة الثالثة كأكبر سوق للطيران في العالم.
وهناك قصة نجاح مماثلة حققها قطاع السيارات. فمن المتوقّع أن تظهر الهند كثالث أكبر سوق لسيارات الركاب في العالم بحلول عام 2021، وذلك وفقاً لشركة «آي إتش إس» البريطانية لأبحاث السوق.
والشعب الهندي مولع بالأجهزة الحديثة لدرجة أن واحداً من كل 10 هواتف ذكية على مستوى العالم يُباع في الهند. وخلال العام الماضي، سجل قطاع مبيعات الهواتف الذكية نمواً بنسبة 14.5 في المائة مع شحن 142.3 مليون وحدة منها إلى البلاد.
ويستخدم الهنود الإنترنت الآن في شراء كل شيء من البقالة إلى الجواهر. ونتيجة لذلك، فإن القيمة الإجمالية للسلع (أو القيمة الإجمالية للسلع التي جرى بيعها في الأسواق) آخذة في التزايد بوتيرة مطردة.
وحققت المبيعات في سوق التجارة الإلكترونية الهندية حالياً مبلغ 38.5 مليار دولار، ومن المتوقع أن يقفز الرقم إلى ما بين 125 و150 مليار دولار بحلول مارس (آذار) من عام 2020 المقبل، وذلك وفقاً إلى مؤسسة «كير» للتصنيفات.
ويوفر النمو الاقتصادي السريع والتركيبة السكانية القوية النظرة الإيجابية المطلوبة لقطاع أعمال الاستهلاك في الهند، على نحو ما جاء في تقرير ديلويت إنديا ورابطة تجارة التجزئة في البلاد.
ومن شأن أنماط الإنفاق الهندية أن تتطور أيضاً اتساقاً مع تراجع أهمية الضروريات الأساسية مثل الغذاء والملابس لصالح لفئات أخرى، مثل الاتصالات والرعاية الصحية التي تنمو بوتيرة متسارعة.
وسوف تشهد سوق المستهلكين الهندية، إثر التغيرات المقبلة على البلاد، فرصاً وتحدياتٍ كبرى أمام الشركات الهندية والشركات متعددة الجنسيات العاملة في البلاد.
والشركات التي يمكنها الوفاء باحتياجات الطبقة المتوسطة الهندية الطامحة، والمحافظة على نقاط التسعير منخفضة بما يتماشى مع مستويات الدخول الهندية، والعاملة على تأسيس الولاء للعلامات التجارية لدى المستهلكين الجدد، التي تتكيف مع بيئة السوق سريعة التغير، سوف تجد مكافآت جمة في سوق الاستهلاك الهندية الآخذة في التوسع. وعلى نحو مماثل، سوف يناضل الساسة الهنود للمحافظة على طريق الإصلاح الاقتصادي الذي اعتمدته البلاد مع مجابهة التحديات الكبرى في قطاع البنية التحتية والاستثمار الاجتماعي.
ويعتبر النمو الاقتصادي القائم على الاستهلاك المحلي أو على الإنفاق الحكومي سليما ما دام مدعوماً بنمو موازٍ على مسار الصناعات والاستثمار.



الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات اقتصادية محبِطة قد تشير إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة خلال التعاملات المبكرة، متجهاً نحو خَسارته الثالثة في الأيام الأربعة الماضية، وهو ما يشير إلى تعثر ملحوظ بعد ارتفاعه الكبير، هذا العام.

وفي المقابل، ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 23 نقطة، أو 0.1 في المائة، في حين انخفض مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.4 في المائة، مقارنةً بأعلى مستوى سجله في اليوم السابق، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وتأثرت الأسواق بتقرير يُظهر ارتفاعاً في عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة، الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى تحديث آخر أظهر أن التضخم على مستوى الجملة، قبل أن يصل إلى المستهلكين الأميركيين، كان أعلى من المتوقع في الشهر الماضي.

وعلى الرغم من أن هذه التقارير لا تشير إلى كارثة وشيكة، فإنها تثير القلق بشأن بعض الآمال التي كانت تدعم مؤشرات الأسهم، وخاصة «ستاندرد آند بورز 500» الذي وصل إلى أعلى مستوى له، هذا العام، حيث كانت السوق تُعوّل على تباطؤ التضخم بما يكفي لإقناع بنك الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة، مع بقاء الاقتصاد قوياً بما يكفي لتفادي الركود.

ومن بين التقريرين، قد يكون التحديث الأكثر تأثيراً هو الأضعف لسوق العمل، وهو ما يَعدُّه كريس لاركين، المدير الإداري للتداول والاستثمار في «إي تريد» من «مورغان ستانلي»، عاملاً مهماً في حسم مسار السوق. ولفت إلى أن ارتفاع أسعار البيض ربما يكون السبب وراء أرقام التضخم التي جاءت أعلى من المتوقع. وأضاف لاركين أن «أسبوعاً واحداً من البيانات الضعيفة لا ينفي الاتجاه العام القوي لسوق العمل، لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون حذراً في التعامل مع أي إشارات على ضعف سوق الوظائف».

ويتوقع المستثمرون بشكل شبه مؤكَّد أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي، في اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل، ما يمثل التخفيض الثالث على التوالي، بعد أن بدأ خفض الفائدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما كانت عند أعلى مستوياتها منذ عقدين. ويأمل البنك أن يسهم هذا التخفيض في دعم سوق العمل المتباطئة مع السعي لتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة. إلا أن هذه الخطوة قد تثير أيضاً القلق بشأن تعزيز التضخم في المستقبل.

في سياق مماثل، كان هذا التوجه في السياسة النقدية مواكباً لخطوات مماثلة اتخذتها بنوك مركزية أخرى. فقد قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، كما كان متوقعاً، بينما خفَّض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، في خطوة حادة تعكس التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة. من جانب آخر، أشار البنك المركزي السويسري إلى أن الوضع الاقتصادي العالمي يشوبه عدم اليقين، ولا سيما مع تأثيرات السياسة الاقتصادية المرتقبة تحت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إضافة إلى التقلبات في السياسة الاقتصادية بأوروبا.

على صعيد الأسهم، تراجعت أسهم شركة «أدوبي» بنسبة 11.4 في المائة، على الرغم من إعلانها أرباحاً تفوق توقعات المحللين للربع الأخير، حيث قدمت الشركة توقعات لأرباح وإيرادات في سنتها المالية المقبلة التي جاءت أقل قليلاً من تقديرات السوق. في المقابل، ارتفعت أسهم «كروغر» بنسبة 2.9 في المائة، بعد أن أعلنت عودتها لشراء أسهمها مرة أخرى، بعد إلغاء محاولتها السابقة للاندماج مع «ألبرتسونز». ووافق مجلس إدارة «كروغر» على برنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة تصل إلى 7.5 مليار دولار، ليحل محل تفويض سابق كان بقيمة مليار دولار فقط.

وفي أسواق الأسهم العالمية، ظلت المؤشرات الأوروبية مستقرة إلى حد ما، بعد قرار البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة، بينما كانت الأسواق الآسيوية أكثر قوة، فقد ارتفعت مؤشرات الأسهم في هونغ كونغ بنسبة 1.2 في المائة، وفي شنغهاي بنسبة 0.8 في المائة، في حين سجل مؤشر «كوسبي» في كوريا الجنوبية زيادة بنسبة 1.6 في المائة، محققاً ثالث مكاسبه المتتالية، مع تراجع الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد، الأسبوع الماضي، حين أعلن رئيسها، لفترة وجيزة، الأحكام العرفية.

وفي سوق السندات، ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.29 في المائة، مقارنةً بـ4.27 في المائة بنهاية يوم الأربعاء، في حين انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين إلى 4.15 في المائة، من 4.16 في المائة.