تاجر عراقي دأب منذ سنوات على إطعام الفقراء

نامق فايق (جلوساً) يقدم الطعام في بيت الفقراء (رويترز)
نامق فايق (جلوساً) يقدم الطعام في بيت الفقراء (رويترز)
TT

تاجر عراقي دأب منذ سنوات على إطعام الفقراء

نامق فايق (جلوساً) يقدم الطعام في بيت الفقراء (رويترز)
نامق فايق (جلوساً) يقدم الطعام في بيت الفقراء (رويترز)

يطعم تاجر من أكراد العراق في مدينة السليمانية الفقراء منذ 19 عاماً، لا لسبب سوى ابتغاء مرضاة الله، على حد قوله. وبثّت وكالة «رويترز» تحقيقاً، أمس، عن نامق فايق، الذي حوّل منزلاً قديماً يملكه إلى مطعم صغير يعمل فيه، هو وأبناؤه الثلاثة وطاهٍ، على مدار اليوم، لإعداد وجبات طعام تُوّزع على الفقراء يومياً.
ويرفض فايق (65 عاماً)، الذي يملك محلات وعقارات في أنحاء مدينة السليمانية، أي شكل من المساعدة، سواء من الحكومة أم من جمعيات أهلية.
وقال مؤسس المشروع الخيري: «لا أحد يساعدني، لا الحكومة، ولا أي جهة خيرية. كل ذلك من مالي الخاص بفضل الله تعالى. أواصل مشروعي الخيري منذ عام 2000 حتى الآن، والله يزيد الرزق عاماً بعد الآخر. وأنا أوصي أولادي بأن يتابعوا هذا العمل الخيري بعد وفاتي حيث إن هذا البيت يمثل أملاً للفقراء».
ويستقبل المكان، الذي نما بسرعة ليصبح بمثابة «بيت الفقراء»، 50 شخصاً كل يوم. وينفق فايق نحو 120 ألف دينار عراقي (100 دولار) يومياً على المشروع. وفي أيام الجُمَع، يقدم اللحم والدجاج، بتكلفة تقدر بنحو 280 ألف دينار عراقي (290 دولاراً).
كما أنه يوظف طاهياً يحصل على راتب شهري يبلغ 500 ألف دينار عراقي (417 دولاراً). والجميع مُرحب بهم في مطعم فايق، إيرانيون وأكراد وعرب نازحون، فكلهم يتناولون من طعام فايق اللذيذ.
وقال فقير من المستفيدين من المشروع الخيري، يدعى ويريا ياسين (31 عاماً) بعد أن أخذ وجبته: «نحن مجموعة من الفقراء والعمال من كل الفئات والجنسيات، نأتي لبيت الحاج نامق المعروف باسم بيت الفقراء لنأكل مجاناً. وأحياناً نحمل معنا وعاء صغيراً لنعبئه بالطعام من أجل العشاء وإفطار اليوم التالي». وأضاف ياسين: «هذا البيت أفضل من الحكومة».
وقال فقير آخر من المستفيدين من المشروع الخيري، يدعى كاوا محمد (30 عاماً): «عندما نجوع نأتي لبيت الفقراء، لنتناول الغداء مجاناً. نحن من ذوي الدخل المحدود، نعيش تحت خط الفقر، وليس بوسعنا الذهاب للمطاعم، لذلك نأتي إلى هنا لتناول الغداء. دخلنا قليل للغاية، يتراوح بين 15 ألفاً و20 ألف دينار عراقي (13 - 18 دولاراً) في اليوم، إذا وجدنا عملاً. أغطي بهذا المبلغ نفقات المنزل وأعطي الباقي لوالدي».
وذكر تقرير للبنك الدولي عام 2015 أن تدفق اللاجئين السوريين والنازحين ألقى بظلاله على اقتصاد المنطقة الكردية العراقية، الذي أصبح في حاجة إلى مبلغ 1.4 مليار دولار لدعمه.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.