مشروع برلماني لتأسيس مجلس أعلى للمرأة في العراق

يتمتع باستقلال مالي وإداري

سيدة من الأقليات في شمال العراق تخيط ثوباً مزركشاً (أ.ف.ب)
سيدة من الأقليات في شمال العراق تخيط ثوباً مزركشاً (أ.ف.ب)
TT

مشروع برلماني لتأسيس مجلس أعلى للمرأة في العراق

سيدة من الأقليات في شمال العراق تخيط ثوباً مزركشاً (أ.ف.ب)
سيدة من الأقليات في شمال العراق تخيط ثوباً مزركشاً (أ.ف.ب)

قدم 54 نائباً من النساء والرجال إلى رئاسة مجلس النواب، أمس، مقترح قانون لتأسيس «المجلس الأعلى للمرأة العراقية» في خطوة هي الأولى من نوعها منذ عام 2003. وعلى الرغم من تمتع المرأة في العراق بـ«كوتا» (حصة) خاصة تسمح لها بشغل ربع مقاعد البرلمان البالغ عددها 329 مقعداً، فإن طيفاً واسعاً من النساء، وبخاصة الناشطات في منظمات المجتمع المدني يشتكين من التهميش وضعف تمثيل المرأة في المناصب الحكومية العليا والدرجات الخاصة في الدولة العراقية.
وكانت هناك وزارة للمرأة في الحكومات العراقية المتعاقبة بعد 2003، لكنها ألغيت بعد التقليص الذي طرأ على حكومة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، واقتصر الأمر على هيئة تابعة لرئاسة الوزراء تختص بشؤون المرأة. ولم تشغل النساء في تلك الحكومات المناصب الوزارية إلا باستثناءات نادرة، كان آخرها الدكتورة عديلة حمود، التي تولت منصب وزارة الصحة في الحكومة السابقة. ولا تضم الحكومة الحالية التي يرأسها عادل عبد المهدي أي امرأة.
وتقول النائبة اليسارية في كتلة «سائرون»، هيفاء الأمين، التي مررت مقترح القانون إلى البرلمان: إن «تشكيل المجلس الأعلى للمرأة يعزز مشاركة المرأة في التنمية المستدامة والتشريعات، ويؤدي إلى إيقاف التمييز ضدها».
وأضافت الأمين في مؤتمر صحافي عقدته في مقر البرلمان، أمس: «قدمنا مقترح قانون باسم مجلس المرأة مع 54 توقيعاً لنواب من النساء والرجال، وقد وضعنا القانون أمام مجلس الوزراء لإدراجه ضمن جدوله».
وتابعت: «سنعمل ضمن لجنة المرأة على تعديل القانون واستضافة المختصين بهذا الشأن، ونطالب البرلمان بإدراجه ضمن جدول الأعمال، وهو قانون مقدم من تجمع المرأة ولجنة المرأة والأسرة البرلمانية».
واستناداً إلى بنود القانون الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، فإن هدفه «تمكين المرأة من أداء دورها السياسي والاقتصادي والثقافي في المجتمع وتقديم الدعم والرعاية للمرأة العراقية»، إلى جانب «نشر ثقافة حماية المرأة وتنميتها بشكل أفضل ومشاركتها في مقترحات المشروعات والخطط التنموية، وتعريف الجهات الوطنية والإقليمية والدولية بالتضحيات التي قدمتها المرأة العراقية خلال السنوات الماضية».
ويقترح مشروع القانون، أن يكون مجلس المرأة مستقلاً من الناحية المالية والإدارية ويتمتع بالشخصية المعنوية ويرتبط برئاسة الوزراء، وكذلك تكون للمجلس إدارة من خمسة أعضاء، ويكون رئيسه بدرجة وزير.
بدورها، رحّبت بحذر الناشطة وعضو مجلس أمناء جمعية الأمل، هناء أدور، بمقترح القانون، ورأت أن «المقترح جيد، لكنه في حاجة إلى تعديلات كي يتماشى مع حاجات المرأة ودورها الأساسي في المجتمع».
وذكرت أدور في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «مجموعة من منظمات المجتمع المدني قدمت عام 2016، طلباً إلى الحكومة لتأسيس مجلس وطني لتمكين المرأة تمثل فيه جميع السلطات الرقابية والتشريعية والقضائية، ولا يقتصر على جهة واحدة كما هو الحال مع المقترح الجديد المرتبط برئاسة الوزراء».
وتعتقد أدور أن «قضية المرأة غير مرتبطة بوزارة أو جهة محددة، إنما بجميع الجهات على مستوى الدولة ومستوى العمل مع المجتمعات المحلية ومن الضروري مشاركة الجميع في ذلك».
وأبدت أدور خشيتها من أن «تتعرض الهيئة الجديدة إلى المحاصصة من قبل الأحزاب كما يحدث في بقية الهيئات والمؤسسة، لكننا لن نسمح بهذا، وسنناضل من أجل ألا يحدث ذلك، سواء في المجلس المقترح أو غيره».
وعن توقعاتها بشأن إمكانية إقرار مشروع القانون في البرلمان قريباً، استبعدت ذلك؛ لأن «المشروع في حاجة إلى بعض التعديلات، ولأنه يجب أن يمرر إلى الحكومة لتقرّه وتعيده للبرلمان، نظراً لوجود تبعات مالية في مشروع القانون».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.