رفيف الظل : تاء الحياة المفتوحة

أهدمُ سرايا الضجيج
قبل أن أذهب،
وأعتلي ربوة الكأس الأخيرة
طمعا في لذة الصحو.
حينها، سأطلب من فتاة المضمار أن تقرع جرس السباق.
هناك، سأجدك ترمقُ خط النهاية بتوجسٍ يشبه توجسي،
وسننطلق.
الشاعرُ في أول الصفِّ، ليموتَ أولا.
فيكون هذا فألا حسنا في حسابهم، حيث تصبحُ الطريق سالكةً نحو التغيير الذي يقصدون.
فتستوي المراثي والمدائح، مثلما لا فرقَ بين الموت والحياة إلا بالتاء: مفتوحة هناك ومغلقة هنا.
وبعد ما يفوت الفوتُ لن ينفع الصوت. ولا الريح حتى الأعاصير.
الشاعرُ
محني الظهرِ
متوكئا على عصاه،
وهي في الأصل قلمٌ
لا يصدّه الإعصار،
والدروب التي تفتح أنهارها
تزهر بثمرة النجاة
أو بثورة ضد الحياة.
فإن ضربَ الأرض رجَّ معناها
وأشعل في نعاس النفوس يقظةً
نسيها الزمان.
من ذا الذي خطَّ البيداءَ غيرُ القلم،
ومن عبَرَها غيرُ الشاعر؟!
خيامٌ تلوحُ كأفقِ قصيدة،
يمرّ الموت بها،
فتُذبحُ له الأمسياتُ،
ويُدقُ له سامرُ الشهبِ الضائعة.
يجلسُ في صدر الموكب،
يشيح بوجهه عن بداوة القهوة،
وبكارة الموائد،
بحثا عنك.
كان موكبه آتيا من خيزران العطش،
ولم تكن سوى رملٍ مرّ،
ليُكتبَ الماءُ لهم.
بعد أن ينفضَ الظلامُ عباءته، سيتساقطُ النور. وقبل أن تمتطي قدماي صهوة الطريق، ستهمسُ له:
- لماذا تغوص البدايةُ في نهايتكَ، وتطفو على ساحلك عناقيد التيه؟
لولا عصاه لاستعصى عليه الوقت،
لغتُهُ تسند ظهرَه لئلا ينحني، وبين أضلاعه حدائقُ وبساتين وأحلامٌ مستعدة،
عرضةً لصلاةٍ أكثر ضراوة من عربة النيران،
لكنه لم يزلْ.