عقوبات جماعية على 170 أسيراً فلسطينياً في سجن صحراوي

مظاهرات احتجاج في الناصرة وجامعة تل أبيب والضفة الغربية

مظاهرات لفلسطينيين في الضفة الغربية أمس تضامناً مع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)
مظاهرات لفلسطينيين في الضفة الغربية أمس تضامناً مع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

عقوبات جماعية على 170 أسيراً فلسطينياً في سجن صحراوي

مظاهرات لفلسطينيين في الضفة الغربية أمس تضامناً مع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)
مظاهرات لفلسطينيين في الضفة الغربية أمس تضامناً مع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)

فرضت سلطة الاحتلال الإسرائيلي عقوبات جماعية على الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، انتقاماً منهم على طعن ضابط وسجانين في سجن «رامون» وسجن النقب الصحراوي، تضمنت فرض غرامات مالية باهظة ومنع الزيارات والعزل الانفرادي، إضافة إلى القمع الجسدي وممارسات الضرب وإطلاق قنابل الغاز والتشويش على الهواتف النقالة. وقد أثارت هذه الاعتداءات موجة احتجاج واسعة في الضفة الغربية وبعض المدن العربية (فلسطينيي 48) في إسرائيل.
وقررت مصلحة سجون الاحتلال فرض العقوبات، ابتداء من يوم أمس الأربعاء، على مئات الأسرى، وفق أوامر من وزير الأمن الداخلي، جلعاد إردان، رغم التحذيرات التي سمعها من قيادة الجيش والمخابرات، اللتين أكدتا على أنها ستقود إلى مزيد من التصعيد. وذكرت مصادر مصلحة السجون أن المتضررين من هذه العقوبات هم 74 أسيراً ينتمون لحركة «حماس» في سجن «رامون» شمالي النقب، تتهمهم مصلحة السجون بإشعال النار في الغرف، بالإضافة إلى 96 أسيراً من سجن النقب الصحراوي، تتهمهم بالاشتراك في المواجهات التي شهدها السجن بعد عملية الطعن المزدوجة، ولكنها تترك أثراً سلبياً على التعامل مع جميع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وبحسب هذه المصادر، فإن العقوبات تشمل فرض غرامة مالية باهظة تصل إلى 250 ألف شيقل (72 ألف دولار) على كل قسم من أقسام السجنين المذكورين، على أن يتم اقتطاعها من أموال «الكنتينا» التي يحصل عليها الأسرى شهرياً، كما تشمل العقوبات منع زيارات الأهل عن الأسرى ومنع الخروج للباحة، بالإضافة إلى الحبس الانفرادي في الزنازين على بعض الأسرى. وأشارت إلى أن مصلحة السجن أقدمت على نقل اثنين من أسرى سجن النقب الصحراوي إلى الحبس الانفرادي في سجن «إيلا» في مدينة بئر السبع، وذلك للاشتباه في أنهما قادا التصعيد خلال عملية اقتحام قسمي 3 و4 في سجن النقب الصحراوي، بادعاء نقل أسرى من قسمين تابعين لأسرى حركة «حماس» مما أدى إلى مواجهات عنيفة بين الأسرى وقوات مصلحة سجون الاحتلال.
واتضح، أمس، أن مصلحة السجون الإسرائيلية صادرت جميع مقتنيات الأسرى في أقسام «حماس» في هذين السجنين، ولم يتبقَ لهم سوى فراش للنوم والملابس التي يرتدونها، فيما أكد مكتب إعلام هيئة شؤون الأسرى، أن إدارة سجون الاحتلال تركب أجهزة تشويش مسرطنة في سجن «إيشل» وسط حالة من الاستنفار في صفوف الأسرى.
وتثير موجة القمع التي يتعرض لها الأسرى موجة احتجاج واسعة في صفوف الفلسطينيين في القدس الشرقية والضفة الغربية، حيث انطلقت عدة مظاهرات ومسيرات شعبية. كما تظاهر العشراتُ في الناصرة، دعماً للأسرى، بمبادرة من حركة أبناء البلد. كما تظاهر طلاب عرب في جامعتي تل أبيب وبئر السبع أول من أمس، الثلاثاء، دعماً وإسناداً للأسرى. ورفع المتظاهرون أعلام فلسطين، وهتفوا بشعارات مناصرة للأسرى. وتكلم قادة الحركة، محمد كناعنة ومحمد كيال وقادري أبو واصل، عن خطورة الاستفراد بالأسرى في السجون. وقال الطالب باسل إغبارية: «جئنا اليوم لنقول لا للتنكيل بأسرى القضية الفلسطينية ولتحميل المسؤولية كاملة عن إصابتهم للمؤسسة الإسرائيلية وعن أي نتيجة قد يصل إليها وضعهم الصحي، ولنوصل صوتنا إلى الأسرى الموجودين في مستشفى (سوروكا) كي يعلموا أنهم ليسوا وحدهم وأن شعبهم ينتظرهم في الخارج ويترقبهم».
يذكر أن قادة الجيش الإسرائيلي والشاباك كانوا قد حذروا سلطات السجون والوزير إردان من نقل أسرى حركة «حماس» في هذا التوقيت إلى أحد أقسام سجن «رامون»، حيث تم تركيب أجهزة لتشويش الاتصالات بالهواتف الجوالة، بداعي أن ذلك قد يؤدي إلى اندلاع أعمال عنف في السجون وربما يشعل الضفة الغربية وقطاع غزة في وجه السلطة الإسرائيلية. وحسب مصادر سياسية، عبر هؤلاء عن موقفهم خلال جلسة للمجلس الوزاري المصغر، عقدت الأسبوع الماضي، بمشاركة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وممثلي الأجهزة الأمنية. ولكن ممثلي مصلحة السجون أصروا على موقفهم، وادعوا أن إلغاء عملية النقل سيؤدي إلى تفكيك شبكة التشويش التي تم تركيبها، الأمر الذي قد يعتبره الأسرى ضعفاً، وأصروا على عدم تأجيل عملية النقل. وفي النهاية أبدى نتنياهو والوزير إردان، تأييدهما لعملية النقل.
وبحسب تقديرات الأمن الإسرائيلي، فإن هذه الخطوة أدت إلى سلسلة من أعمال الاحتجاج من جانب الأسرى، حيث قاموا، قبل أسبوع، بحرق الفراش في 14 غرفة في سجن «رامون» احتجاجاً على تغيير ظروف حبسهم. ورداً على ذلك قامت مصلحة السجون بتوزيع الأسرى على مختلف السجون في أنحاء البلاد. وفي يوم الأحد الماضي، أقدم أسيران على طعن سجانين في سجن النقب الصحراوي (كتسيعوت)، مما أدى إلى اندلاع مواجهات مع وحدات القمع، والتي أصيب فيها 11 أسيراً، وصفت إصابات اثنين منهم بالخطيرة. كما حاول أحد الأسرى، يوم الاثنين، طعن أحد السجانين خلال عملية التفتيش في سجن النقب، إلا أنه تم اعتقاله قبل أن يوقع إصابات.
وقررت قيادة الأسرى الفلسطينيين من حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» البدء بإضراب عن الطعام، في السابع من أبريل (نيسان) المقبل، ويتوقع أن يلجأ أسرى حركة «فتح» إلى تنظيم احتجاجات تضامناً معهم.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».