مع تشديد العقوبات التي تفرضها عليها الولايات المتحدة، تريد إيران مواجهة التحديات، لا سيما الاقتصاد المتدهور، عبر أساليب تتيح التقليل من أثر العقوبات، ومنها استخدام ميناء معزول في أقصى جنوب شرقي البلاد، للمحافظة على استمرار تدفق السلع.
وتتطلع طهران إلى تنشيط العلاقات التجارية مع دول الجوار، وتُعد أولوية لدى حكومة حسن روحاني لتقليل أثر العقوبات.
ويُعد ميناء تشابهار ذو الأغلبية البلوشية الواقع على المحيط الهندي، الذي لا يبعد سوى نحو 100 كلم من الحدود الباكستانية، أكبر الموانئ الإيرانية غير الواقعة على مياه الخليج.
وحصل الميناء على استثناءات من العقوبات الاقتصادية التي أعادت الولايات المتحدة فرضها في 2018، بسبب أنشطة إيران الإقليمية وتطوير الصواريخ الباليستية.
ورغم أن الحكومة الإيرانية تعمل على تطوير تشابهار، فإن «الحرس الثوري» يملك حضوراً اقتصادياً لا يُستهان به في الميناء، وهو ما يجعل محاولات روحاني لتشجيع الاستثمار الأجنبي في مهبّ الريح.
ويلعب الميناء دوراً مهماً للتجارة مع أفغانستان التي تفتقر إلى منفذ بحري، وتعتمد على باكستان لتجارتها مع العالم، لا سيما الهند.
وحاولت إيران إغراء الشركات الهندية والصينية لتطوير الميناء، وتريد الحكومة الإيرانية منافسة ميناء كوادر الباكستاني، ومن المقرر أن تنشئ سكة حديد تربط الميناء وأفغانستان.
ومن أهم الأسباب التي دفعت طهران إلى استثمار مليارات الدولارات في ميناء تشابهار التجارة الأفغانية، إضافة إلى الطريق التجاري عبر السكك الحديدية بين آسيا الوسطى والمحيط الهندي، المسمى «الممر الشمالي الجنوبي»، بحسب مصادر رسمية.
وتخطط الحكومة الإيرانية لحفر ممر مائي يربط بحر عمان بمياه بحر خزر، ويمرّ عبر صحارى وسط التي تمتد على أراضٍ واسعة وسط إيران، ويعارض ناشطون في مجال البيئة مخطط الحكومة، ويحذرون من تبعاته على البيئة.
وقال وزير الطرق والتطوير الحضري محمد إسلامي لوكالة الصحافة الفرنسية أثناء زيارته ميناء جابهار: «سنواصل تطوير هذا الميناء. ويجري تطوير شبكة سكة الحديد، وشبكة الطرق والمطار، حتى نتمكن من تطوير الممر الشمالي الجنوبي».
وبالنسبة للعقوبات، قال وزير الطرق الإيراني إن هذا التحدي ليس جديداً. وأضاف أثناء إشرافه على تنزيل أول شحنة من السلع الأفغانية المعدّة لإعادة تصديرها من تشابهار: «لقد وُلدنا مع العقوبات. منذ ثورة 1979 ونحن نخضع للعقوبات، ونعمل على كيفية مواجهتها».
وتم استصلاح أكثر من 200 هكتار من الأراضي بطمر البحر، لاستخدامها في المشروع كما تم تجريف أكثر من 17.5 مليون متر مكعب لإحداث عمق 16.5 متر لرسو السفن. ولكن بعد أكثر من عام على بدء تشغيل منشآت الميناء في ديسمبر (كانون الأول) 2017، لم يشهد الميناء حركة كبيرة بعد.
والسفن التي قال مسؤولون إنها رست خلال العام الماضي لم تحمل أو تنزل سوى 2.1 مليون طن من البضائع، وهو أقل بكثير من سعة الميناء السنوية البالغة 8.5 مليون طن. ولم ترسُ سوى 20 سفينة في القسم الجديد من الميناء، ولا تزال معظم المساحة على الواجهة المائية بطول ثلاثة كيلومترات غير مستخدمة، وتقف المعدات الجديدة والرافعات المصطفَّة بشكل منظم دون حراك، غير أن السلطات لا تزال متفائلة بشأن احتمالات النمو.
وقال حسين شهدادي من هيئة الموانئ والملاحة البحرية إنه في الأشهر الـ11 الأولى من السنة الإيرانية الماضية التي بدأت في 21 مارس 2018 «شهدنا زيادة بنسبة 56 في المائة في البضائع التي تم تناولها في الميناء مقارنة مع العام الذي سبق». وأضاف: «كما شهدنا زيادة بنسبة 25 في المائة في عدد السفن التي رست في الميناء» على خليج عُمان.
أما آرون كومار غوبتا مدير شركة «موانئ الهند العالمية المحدودة» التي لديها حقوق امتياز في الميناء، فسعى إلى الطمأنة بهذا الشأن، وقال: «أي ميناء يواجه فترة بداية. وسيشهد فترات توقف، ولكننا واثقون تماماً من أن الحركة ستزداد».
بدأت الشركة الهندية العمل في ديسمبر، ولم يتجاوز معدل البضائع التي مرت في الميناء 60 ألف طن شهرياً. إلا أن غوبتا يعوّل على قرب الميناء من الهند وأفغانستان، ويقول إن ذلك سيستقطب الحركة. ويحمل موقع ميناء تشابهار مخاطر بسبب مخاوف شعبية في محافظة بلوشستان المضطربة التي تنشط فيها جماعات بلوشية مسلحة. وينظر البلوش بعين الشك والحذر لمخطط الحكومة ومشاركة «الحرس الثوري» الذي يواجه تهماً بتنفيذ مخططات لتغيير التركيبة السكانية في المدينة التي يشكل السنّة فيها غالبية السكان.
إيران تتطلع إلى تطوير ميناء لمواجهة العقوبات الأميركية
إيران تتطلع إلى تطوير ميناء لمواجهة العقوبات الأميركية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة