سودانيون يباغتون السلطات بمظاهرة مفاجئة تطالب بإسقاط النظام

نائب البشير يقود وفد السودان إلى تونس للمشاركة في القمة العربية

TT

سودانيون يباغتون السلطات بمظاهرة مفاجئة تطالب بإسقاط النظام

باغت مواطنون السلطات الأمنية، أمس، بتنظيم مظاهرة غير مجدولة، طالبت بإسقاط نظام حكم الرئيس البشير، من دون ترتيب من «تجمع المهنيين السودانيين»، الذي يقود الاحتجاجات، وخصص للدعاية لموكب اليوم (الخميس)، الذي يتوقع أن تشارك فيه أعداد كبيرة.
وبحسب شهود عيان، فإن مئات المواطنين من منطقتي «أم بدة وسوق ليبيا» نظموا على نحو مباغت مظاهرة حاشدة وسط «سوق ليبيا»، إلى الغرب من العاصمة القومية أم درمان، ورددوا شعارات غاضبة من قبيل «حرية سلام وعدالة»، و«الثورة خيار الشعب»، و«تسقط تسقط بس»، قبل أن تفرقهم أجهزة الأمن مستخدمة الغاز المسيل للدموع.
وحدد جدول المعارضة، المنضوية تحت لواء قوى «الحرية والتغيير» أمس، «يوماً للمبادرات الفردية والجماعية، وأساليب المقاومة الجديدة»، إضافة إلى اعتبار اليوم «دعائياً» لموكب اليوم (الخميس).
في غضون ذلك، دعا تجمع المهنيين وحلفاؤه إلى تسيير مواكب ختام الأسبوع، تحت شعار «مواكب الحياة للأطفال»، دعا لها سكان ولاية الخرطوم، وولايات السودان الأخرى ومدنه وقراه. وبحسب الجدولة المتبعة، ينتظر أن تتحرك مواكب الخرطوم من تسع نقاط تجمع، وأكثر من ست نقاط تجمع في الخرطوم بحري، وتسع نقاط تجمع في أم درمان.
وعادة ما تلقى دعوات تجمع المهنيين السودانيين استجابة واسعة من قبل المتظاهرين، ولم تفلح «حالة الطوارئ» في البلاد، والعقوبات المشددة التي تواجه المتظاهرين بموجبها، في وقف المظاهرات المستمرة في البلاد طوال الأشهر الأربعة الماضية.
من جهتها، قالت لجنة أطباء السودان المركزية (معارضة) إن شيخاً في الثمانين من عمره لقي مصرعه متأثرا بالغاز المسيل للدموع، بعد إطلاق عبوات منه على منزله الأحد الماضي.
وأوضح تقرير صادر عن اللجنة أن الشيخ هاشم عثمان حضرة توفي نتيجة مضاعفات تعرضه للغاز، ورجحت أن تكون الوفاة بسبب تأثره بالغاز. وبحسب اللجنة أيضا، فإن سيدة مسنة أخرى توفيت بعد يومين من تعرضها لأزمة ربو حادة نتيجة لإطلاق الغاز المسيل للدموع على منزلها.
من جهة أخرى، أعلنت الخارجية السودانية أن النائب الأول للرئيس ووزير الدفاع عوض بن عوف سيقود وفد السودان المشارك في أعمال القمة العربية في تونس نهاية الشهر الحالي، وذلك خلافاً لتقارير نقلتها صحف سودانية بأن الرئيس عمر البشير هو من سيقود وفد البلاد.
ونقل «المركز السوداني للخدمات الصحافية» الحكومي عن وزير الخارجية، الدرديري محمد أحمد، أن السودان حريص على المشاركة في القمة العربية، انطلاقا من التزامه تجاه القضايا العربية.
وأوضح محمد أحمد أن قمة تونس ستناقش دعم السلام والتنمية بالسودان. مبرزا أن الوفد السوداني سيتجه إلى العاصمة التونسية في الثلاثين من الشهر الحالي، وينتظر أن يلتقي رئيسه عددا من القادة العرب، فضلا عن لقاءات بين وزير الخارجية ونظرائه على هامش القمة.
وتأتي هذه التطورات عقب مطالبة منظمة مراقبة حقوق الإنسان «هيومن رايتس ووتش» لتونس بمنع دخول الرئيس السوداني عمر البشير لأراضيها، أو توقيفه حال قدومه.
وبحسب وكالة «سبوتنيك» الروسية، فإن تونس تواجه حرج خرق التزامها تجاه المحكمة الجنائية الدولية، واعتقال رئيس عربي يحضر للمشاركة في القمة العربية.
ونقلت الوكالة أمس عن إعلامي تونسي أن بلاده تشهد أحاديث ونقاشات حول المشكلة، رغم عدم صدور قرار رسمي من الحكومة التونسية متعلق، استناداً إلى التزام تونس، بتنفيذ قرارات المحكمة الجنائية الدولية.
وأضافت نقلا عن الإعلامي ذاته أن تونس تتعامل مع القوانين الدولية بـ«احترام»، ويمكن أن ترفض زيارة البشير لأنها لا ترغب في الدخول في سجالات سياسية ومتاهات قانونية، وفي الوقت ذاته لا تستطيع اعتقال الرئيس السوداني.
ولم تشر أي من الدولتين إلى أن قيادة النائب الأول للبشير لوفد البلاد إلى تونس، لها علاقة بموقف تونسي مرتبط بتعقيدات وضع الرئيس السوداني، الناجم عن مذكرات القبض الصادرة بحقه من الجنائية الدولية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».