مؤتمر الحوار السوري شرق الفرات يطالب باللامركزية

TT

مؤتمر الحوار السوري شرق الفرات يطالب باللامركزية

بدأت في مدينة عين العرب (كوباني)، فعاليات مؤتمر الحوار السوري – السوري، في دورته الثالثة، بمشاركة كثير من القوى والشخصيات السياسية المعارضة، بدعوة من «مجلس سوريا الديمقراطية»، الجناح السياسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، المدعومة من التحالف الدولي بقيادة أميركية.
وناقش المشاركون سلة الدستور والمبادئ الأساسية، وسلة خريطة طريق لحل الأزمة السورية، إلى جانب مناقشة شكل الحَوكمة وتبنِّي أنموذج اللامركزية الديمقراطية، كما طالبوا بضرورة بدء حوار وطني يهدف إلى تلبية تطلعات شعب سوريا، في ظل نظام سياسي ديمقراطي لا مركزي.
وعقد المؤتمر تحت شعار «من العقد الاجتماعي السوري نحو العهد الديمقراطي الجديد»، برئاسة المعارض السوري رياض درار، والقيادية الكردية أمينة عمر، وإلهام أحمد رئيسة الهيئة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية» بمشاركة 132 شخصية يمثلون الأحزاب والكتل السياسية، وشخصيات اجتماعية ووجهاء عشائر مستقلين، إلى جانب حضور نشطاء حقوقيين وخبراء اقتصاديين.
وقالت أمينة عمر، الرئيسة المشتركة لـ«مجلس سوريا الديمقراطية» لـ«الشرق الأوسط»: «هدفنا من هذا اللقاء توحيد الرؤى وخطاب أقطاب المعارضة حول حل الأزمة. سيناقش المشاركون على مدار يومين سلة الدستور وخريطة الطريق، لطرحها على السوريين أولاً، والأمم المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي»، كما أعربت بأنّ الحل النهائي سيكون سورياً وناتجاً عن اتفاق السوريين أنفسهم: «فالشعب وحده من يحدد ماهية مبادئه الدستورية. والمؤتمر ينعقد بعد أيّام من نهاية الوجود الجغرافي لمرتزقة (داعش) في سوريا، وهذا الأمر يدعو للتفاؤل، كسوريين مجتمعين نناقش حل الأزمة».
ويشارك في المؤتمر من الداخل السوري إلى جانب الأحزاب والتيارات المنضوية تحت جناح «مجلس سوريا الديمقراطية»، ممثلون من «حزب الإرادة الشعبية»، و«الكتلة الوطنية الديمقراطية»، و«تيار مجد سوريا»، و«التيار الوطني الديمقراطي لأجل العلمانية»، و«الحزب الديمقراطي الاجتماعي»، و«لجنة العمل الوطني»، و«تيار التغيير السلمي»، و«مجلس الحكماء»، و«الائتلاف الوطني الديمقراطي»، و«حزب الشباب»، و«الحزب السوري القومي الاجتماعي»، و«قامات السنديان»، و«حزب سوريا أولاً»، و«حزب التغيير والنهضة السورية»، و«منظمة الجذور السورية».
وحضر المؤتمر شخصيات سورية معارضة من داخل سوريا وخارجها، من بينهم المعارض السوري فاتح جاموس، رئيس تيار التغير السلمي، والناشط الحقوقي أكثم نعيسة، والمعارض بسام الملك، وسميرة زعيتر، وياسمين العينية، وبتول موسى، من «شبكة المرأة السورية»، والدكتورة ريم حرفوش من «قامات السنديان».
وأشار إبراهيم القفطان، رئيس «حزب سوريا المستقبل» أحد أحزاب الإدارة الذاتية التي تدير مناطق شمال شرقي سوريا، إلى أنّ الأزمة السورية ليست بين أبناء البلد فحسب، وإنما تحولت إلى أزمة دولية على حد تعبيره. ولفت قائلاً: «نحن منفتحون على التفاوض مع الحكومة السورية، وتكون لنا مشاركة أساسية في صياغة دستور سوريا الجديد، وبرأيي هي اللبنة الأولى لحل الأزمة السورية»، مطالباً الدولة التركية بالابتعاد عن تأزيم الوضع المعقد في سوريا، وأضاف: «إن احتلال عفرين وتشريد أبنائها حالة غير سوية، وهي اعتداء من دولة ضد دولة. على المجتمع الدولي العمل على استقرار سوريا، وخصوصاً بعد القضاء على (داعش)».
كما يشارك من خارج سوريا: «تيار اليسار الثوري»، و«الحزب الدستوري السوري»، و«مركز أسبار للدراسات الاستراتيجية»، و«التيار السوري الإصلاحي (صوت داخل السورية)»، و«التيار الوطني الحر».
وطالب المجتمعون بإقرار جملة مبادئ أساسية فوق دستورية، يعتمدها دستور سوريا الجديد، لمراعاة التنوع القومي والإثني والديني، والتعدد الثقافي الذي تتمتع بها مكونات سوريا، وأنّ الشعب المصدر الوحيد للتشريع والسلطة، وسوريا جمهورية موحدة ديمقراطية.
ودعا رياض درار إلى تبني اللامركزية الديمقراطية كـنظام حكم مستقبلي في سوريا، وقال: «لأنه يعبر عن نظام سياسي يجمع اللامركزية مع الديمقراطية، ليكون الشعب مصدر السلطات، ويتحقق حكم الشعب لنفسه عبر تفويض ممثلي المناطق المنتخبة بإدارة موسعة للسلطات المحلية»، مضيفاً: «انتصرنا على الإرهاب والتطرف وقضينا على (داعش) بالباغوز، كآخر أرض يتحصنون بها. سنطارد قلوبهم التي يمكن أن تتحول إلى ثعابين مسمومة تلدغ في الظلمة».
واختارت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار السوري – السوري، مدينة عين العرب (كوباني) لانعقاد أعمال المؤتمر في دورته الثالثة، لرمزية هذه المنطقة الملاصقة للحدود التركية، والتي استقطبت أنظار العالم بعد هجوم واسع نفذه مسلحو تنظيم «داعش» في محاولته للسيطرة عليها في 2 يوليو (تموز) 2014، وباتت محوراً للصراع في سوريا مع مشاركة طائرات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، ونفذت أولى ضرباتها على المدينة الكردية دعماً للمقاتلين الذين دافعوا عنها، وألحقوا الهزيمة بالتنظيم المتشدّد، بعد معارك عنيفة استمرت 6 أشهر بين يوليو وديسمبر (كانون الأول) 2015.
ويعزو باسل كويفي، رئيس الكتلة الوطنية الديمقراطية، سبب انعقاد المؤتمر في مدينة عين العرب (كوباني) إلى: «كونها أول مدينة سورية تحرّرت من قبضة إرهابيي داعش»



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.