لقاء بريتوريا الداعم لـ«بوليساريو» لم يحقق المنشود

TT

لقاء بريتوريا الداعم لـ«بوليساريو» لم يحقق المنشود

رغم الحملة الإعلامية الواسعة التي رافقته، فشل المناوئون لحقوق المغرب في صحرائه، وعلى رأسهم الجزائر وجنوب أفريقيا، في تحقيق الهدف المنشود من مؤتمر «التضامن مع الجمهورية الصحراوية»، الذي نُظِّم يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين في بريتوريا.
وحسب مراسل وكالة الأنباء المغربية في بريتوريا، فإن هذا المؤتمر، الذي نُظم بمبادرة من جنوب أفريقيا وناميبيا، في إطار مجموعة تنمية أفريقيا الجنوبية (سادك)، لم يتمكن من جلب سوى 16 دولة أفريقية، وهو ما شكّل خيبة بالنسبة إلى منظميه. هذا في الوقت الذي شارك في المؤتمر الوزاري الأفريقي الذي عُقد فيف مراكش، الاثنين الماضي، 37 دولة أفريقية ضمنها المغرب، وحضور 8 من مجموع 15 دولة، تشكّل مجموعة «سادك».
ومنذ بداية لقاء بريتوريا، كانت كل الأنظار، بما في ذلك أنظار مسؤولي وزارة العلاقات الدولية والتعاون الجنوب أفريقية، متجهةً نحو مراكش، حيث ضربت غالبية الدول الأفريقية موعداً لمناقشة دعم الاتحاد الأفريقي للمسلسل الجاري بطريقة هادئة وصريحة، تحت رعاية الأمم المتحدة لإيجاد حل للنزاع الإقليمي المفتعل حول وحدة تراب المغرب (نزاع الصحراء).
وسجل مراقبون أن لقاء بريتوريا فقد مصداقيته منذ انطلاقته، وذلك لاختيار منظميه التركيز على دعم الأطروحات الانفصالية، وتوريط الاتحاد الأفريقي في قضية تدخل في نطاق الاختصاص الحصري للأمم المتحدة، وهو ما أكدته قمة نواكشوط عام 2018.
ولاحظ الصحافيون الذين غطّوا المؤتمر، ومعظمهم من جنوب أفريقيا، استياء الرئيس الناميبي هاج جينغوب، الذي أدار النقاشات، بصفته الرئيس الدوري لمجموعة تنمية أفريقيا الجنوبية (سادك). وبدا ذلك في معرض رده على سؤال أحد الصحافيين عما إذا كان مؤتمر بريتوريا يشكّل تدخلاً ومحاولة للتشويش على عمل الأمم المتحدة، التي تعمل من أجل الدفع بقضية الصحراء نحو حل يأخذ بعين الاعتبار متطلبات الاندماج بأفريقيا، إذ اكتفى الرئيس الناميبي بترديد خطاب تضمن مزاعم حول «مكافحة استعمار». وتوقف المراقبون عند عدد البلدان الأفريقية التي شاركت في مؤتمر مراكش، مقارنةً مع تلك التي فضّلت التوجه إلى بريتوريا، ذلك أنه كان لافتاً مشاركة حتى بعض بلدان أفريقيا الجنوبية (8) في مؤتمر مراكش، مع خفض مستوى تمثيليتها في لقاء بريتوريا.
ولاحظ المراقبون في مؤتمر بريتوريا أن مسؤولي وزارة العلاقات الدولية والتعاون الجنوب أفريقية عبأوا أحد كبار مسؤوليهم لتوجيه اللوم إلى جارتهم مالاوي على قرارها المشاركة في مؤتمر مراكش. ويتعلق الأمر بتامي كابلاتجي، العضو في فريق رفيع المستوى أنشأته بريتوريا لمراجعة سياستها الخارجية، الذي شنّ هجوماً شرساً على مالاوي، عبر تصريحات صحافية، مذكراً إياها بـ«المساعدة التي قدمتها لها جنوب أفريقيا إثر إعصار إيداي».
وتخوض جنوب أفريقيا حرباً بلا هوادة ضد المغرب وحقه في صحرائه، وتتزعم إلى جانب الجزائر معركة دبلوماسية تهدف إلى معاكسة المغرب. ويرى دبلوماسيون أفارقة أن أسباب معاكسة جنوب أفريقيا للمغرب هي ذات طابع آيديولوجي محض، حيث إن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي يقود البلاد، لا يزال غير قادر على التخلص من صورته كـ«حركة تحرير»، إضافة إلى أن جنوب أفريقيا تنظر بعدم الرضا إلى الإنجازات التي حققها المغرب في القارة، خصوصاً الإنجازات الاقتصادية التي أحرزها، حسب المصادر نفسها.
تجدر الإشارة إلى أن المغرب ليس لديه سفير في بريتوريا منذ عام 2004، وقد عيّنت الرباط أخيراً سفيراً جديداً لدى جنوب أفريقيا هو يوسف العمراني، الوزير المنتدب السابق في وزارة الخارجية والمستشار في الديوان الملكي المغربي. بيد أنه لم يتسلم مهامه بعد. وتنتظر السفير العمراني مهام جسام، خصوصاً أن جنوب أفريقيا لا تتوقف عن جهرها بمعاداة الرباط.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.