وزراء إسرائيليون يطالبون بإعادة احتلال غزة

الدولة العبرية تلتزم التهدئة وترفض الإقرار بها

TT

وزراء إسرائيليون يطالبون بإعادة احتلال غزة

على الرغم من الالتزام الإسرائيلي بالتفاهمات التي توصلت إليها مع حركة «حماس» بالوساطة المصرية، للتهدئة، فقد رفضت الاعتراف بأنها تهدئة. وصرح أكثر من وزير في حكومة بنيامين نتنياهو بأن «إسرائيل ستواصل ضرباتها على (حماس) حتى ترتدع ولا تعود تفكر في إطلاق الصواريخ». وفي ختام مباحثات «الكابنيت» (المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن والسياسة في الحكومة)، أمس (الثلاثاء)، خرج عدد من الوزراء يهددون بالعودة إلى سياسة الاغتيالات.
وكان نتنياهو قد عاد من واشنطن مباشرة إلى اجتماع الكابنيت في وزارة الدفاع في تل أبيب، لتقييم الموقف من التدهور الأمني، الذي صدم إسرائيل، بإطلاق صاروخ من غزة إلى المنطقة الشمالية من تل أبيب، على بعد 120 كيلومتراً. وقال إنه قطع زيارته التاريخية إلى الولايات المتحدة لكي يتدارس مع الوزراء وقادة الأجهزة الأمنية كيفية وضع حد للاعتداءات على البلدات الإسرائيلية. وفي رد على المعارضة التي اتهمته بالعمل على تقوية «حماس»، قال إنه يمنح الجيش اليد الطليقة لتثبيت ردع إسرائيلي في الجنوب. وعاد نتنياهو ليؤكد ما قاله وزراؤه من أنه لا توجد تهدئة مع «حماس». وقال إن جيشه وجّه أقسى ضربات لمرافق «حماس» في قطاع غزة، عبر الإغارة على 100 موقع لها، بينها «موقع سري للغاية، لا تعرف أننا نعرف أنها تستخدمه لأغراضها العسكرية»، وإنه منذ الحرب الأخيرة سنة 2014 لم تتلق «حماس» ضربة بهذه القسوة، وإن جيشه جاهز لتوجيه مزيد من الضربات الأقسى. وأكد أنه أعطى الأوامر لتكون إسرائيل صاحبة الضربة الأخيرة، وبذلك فسر سبب الاستمرار في القصف حتى بعد التهدئة.
وخلال الاجتماع، أزال الجيش الإسرائيلي الحواجز العسكرية التي كان قد نصبها في محيط قطاع غزة. وتمت إعادة حركة القطارات إلى العمل تدريجياً في الجنوب، بناء على تعليمات أجهزة الأمن، وتحديداً في منطقة النقب الغربي وبئر السبع.
المعروف أن مصر توصلت إلى اتفاق تهدئة، يتوقف بموجبه إطلاق النار في الساعة العاشرة من ليلة الاثنين (الثلاثاء)، لكن «حماس» أطلقت صاروخاً في العاشرة إلا 5 دقائق، فردّت إسرائيل بغارات حتى الثانية عشرة ليلاً. ثم عادت «حماس» وأطلقت زخات من الصواريخ، فردّت إسرائيل بموجة غارات أخرى. واستمر الحال على هذا المنوال حتى ظهر أمس. وخلال ذلك، فكّر نتنياهو أن يواصل زيارته إلى الولايات المتحدة؛ خصوصاً بعدما تلقى حملة انتقادات واسعة ضد قراره قطع الزيارة بسبب صاروخ واحد. وقد انضم إلى حملة الانتقادات مسؤولون في اليمين، فقال نفتالي بنيت: «(حماس) تحدد لرئيس حكومتنا أين ينام». ولكن استمرار التوتر جعل نتنياهو يقرر قطع الزيارة. واتفق مع اللوبي الإسرائيلي في واشنطن (أيباك) على أن يوجه كلمته لمؤتمره بخطاب مباشر حي عبر الأقمار الصناعية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.