شوارع «صاخبة» لا تفوتك عند زيارة القاهرة

من «كورنيش النيل» إلى «طلعت حرب» وصولاً إلى «رمسيس» و«شبرا»

شارع طلعت حرب
شارع طلعت حرب
TT

شوارع «صاخبة» لا تفوتك عند زيارة القاهرة

شارع طلعت حرب
شارع طلعت حرب

لا تقل متعة التجوال في شوارع العاصمة المصرية القاهرة جاذبيةً عن زيارة المناطق الأثرية والسياحية بها. فالزائر يمكنه القيام بما هو أكبر من مجرد زيارة للمعالم الأثرية، لأن مجرد السير في شوارع القاهرة سيجعلك تتعرف على وجه آخر للمدينة الصاخبة.
من شارع الكورنيش إلى قصر النيل ومنه إلى ميدان رمسيس وصولاً إلى شارع شبرا، يمكن للسائح أن يمنح نفسه فرصة للتعرف على ثقافات تعكسها الروح الصاخبة لهذه الشوارع، التي لا تعرف النوم بما تضمه من مظاهر قديمة وأخرى واكبت التطور والحداثة بأشكال مختلفة.
«الشرق الأوسط» ترصد أبرز الشوارع الكبرى التي يمكن زيارتها، والمرور عليها في رحلتك بالعاصمة المصرية.

- الكورنيش
يعد شارع كورنيش النيل من أكثر الأماكن ازدحاماً في القاهرة، كما هو الأطول في العاصمة القاهرة، حيث إنه يبدأ من حي المعادي، ويمتد إلى مصر القديمة، حتى حي شبرا الخيمة، ويجتذب في المنطقة القريبة من وسط القاهرة وميدان التحرير زهواً لكثرة المباني العريقة والفنادق الفارهة، بينما على ضفاف النهر تنتشر المقاهي والمراكب العائمة التي تحمل على متنها مزيجاً من المطاعم ذات النجوم الخمسة.
وعلى الكورنيش يمكن أن تتخذ نزهتك أكثر من شكل، حيث يمكن القيام برحلة طويلة مشياً، بموازاة نهر النيل، بما يعني استنشاق نسمات الهواء المنعش بعيداً عن ضجيج السيارات، أو امتطاء عربات «الحنطور» السياحية التي تجرها الخيول في نزهة ليلية بطول الكورنيش، أو ركوب المراكب أو الأتوبيس النهري في جولة داخل مياه النيل، أو مشاركة المصريين الاستمتاع بالجلسات البسيطة فوق الكباري أعلى النيل، لا سيما كوبري قصر النيل وكوبري الجامعة وكوبري عباس.
كذلك، ما يميز هذه الرحلة على طول الكورنيش، أنه يمكن الاستمتاع بالمشروبات الساخنة والمأكولات الشعبية، كون الطريق أصبح جاذباً لعدد كبير من الباعة الجائلين، التي يعد من أشهرها مشروب حمص الشام، والشاي، والذرة المشوية، والسميط، والبطاطا، والترمس، واللب.

- شارع طلعت حرب
شارع وميدان طلعت حرب هو واحد من أهم شوارع وسط القاهرة الرئيسية، وتعد الشوارع المتفرعة من الميدان، الذي يستقي اسمه من الاقتصادي المصري الشهير، قلب المدينة الصاخب، إلا أن شارع طلعت حرب نفسه يمتاز بوجود عدد من دور السينما الشهيرة مثل «مترو» و«ميامي» و«راديو»، إلى جانب العقارات ذات الطراز المعماري الأوروبي الكلاسيكي الفخم العتيق، وأبرزها «عمارة يعقوبيان» الشهيرة. كما يضم «مقهى جروبي» الشهير، و«مقهى ريش التاريخي»، الذي يرتاده المثقفون، وكان على رأسهم الأديب العالمي الراحل صاحب «نوبل» نجيب محفوظ.
ويتسم الشارع بالصبغة التجارية، حيث تصطف محلات بيع الملابس على جانبيه، ومنه يتفرع ممر «بهلر» أحد أشهر الممرات ذات البنايات الخديوية، وهو يصل بين شارعي قصر النيل وطلعت حرب، ويحتوي على الكثير من المتاجر ذات السمعة الجيدة.

- شارع رمسيس
بزيارة شارع رمسيس، فأنت في واحد من أكثر بقاع العاصمة ازدحاماً، بل يمكن القول إنه المعبر عن صخب القاهرة. لكن رغم الزحام فهو يشعر المتجول بالألفة، حيث يبدأ من المتحف المصري بالتحرير، مروراً بأحياء بولاق والفجالة والسكاكيني وانتهاءً بالعباسية.
وخلال هذه المسافة يمكنك أن تشاهد طرز العمارة الأوروبية على جانبي الشارع. فهناك مبنى دار القضاء العالي، ومبنى مصلحة الشهر العقاري.
كما يوجد بالشارع مقر «جمعية الإسعاف» و«مبنى معهد الموسيقى العربية»، ومستشفى «الهلال الأحمر»، و«عمارة رمسيس»، ثم مبنى «محطة مصر» الرئيسية للسكك الحديدية بميدان رمسيس.

- شارع قصر العيني
هو أحد شوارع منطقة وسط القاهرة، يبدأ من ميدان التحرير وينتهي عند ميدان فم الخليج، أهمية الشارع تتمثل في تاريخه الذي يعود إلى القرن التاسع عشر، حيث سمي بذلك نسبة لأول مدرسة طيبة أنشأها محمد علي باشا وهو مستشفى قصر العيني الشهير.
المرور على الشارع يعني أنك في أحد مراكز صنع القرار السياسي، حيث توجد به مجلسا الوزراء والنواب، ووزارات التعليم والبحث العلمي والإسكان والتموين، بجانب المؤسسات الصحافية العريقة كمجلة «روزاليوسف»، والنقابية، كنقابة الأطباء، والثقافية كالهيئة العامة لقصور الثقافة، و«مسرح السلام»، و«مجمع التحرير»، و«الجامعة الأميركية»، كما يوجد به «المجمع العلمي المصري»، و«مبنى الجمعية الجغرافية المصرية» التي أنشئت سنة 1875، و«المتحف الإثنوغرافي» الذي تأسس سنة 1924. ويتميز الشارع بوجود مجموعة من العمارات ذات الطرز الكلاسيكية، التي شيد معظمها أوائل القرن الماضي. أما المقاهي فهي منتشرة بشكل ملحوظ في الشارع، ويغلب عليها السمة الشعبية، وهو ما يجعل الشارع ينبض بالحياة والصخب طوال الليل.

- شارع شبرا
في هذا الشارع الكائن بحي شبرا، الذي تغلب عليه الصبغة الشعبية، سيكون السائح في أحد أكبر مناطق القاهرة وأكثرها كثافة بالسكان. وبالطبع ينعكس ذلك على أهميته كشارع تجاري. ويعد شارع شبرا الرئيسي هو الأقدم في الحي الواقع بشمال القاهرة، إذ يقترب عمره الآن من مائتي عام، وأنشأه محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة سنة 1809. التجول بالشارع قد لا يكون معروفاً لدى السائحين أو زوار القاهرة الأجانب، لكنه يعطى صورة مكثفة عن المجتمع المصري، نظراً للزحام واختلاف الثقافات، حتى سماه البعض بـ«الصين المصرية». كما أنه يعكس التركيبة السكانية شديدة الخصوصية، التي تمتزج فيها الطقوس والمظاهر والعادات والتقاليد بين الأسر المسلمة والمسيحية وأيضاً لجاليات أجنبية قديمة سكنته.
ونتيجة لتنوع الثقافات والديانات في شارع شبرا، نجد به الكثير من دور العبادة، ففي الشارع يقع «مسجد الخازنداره»، وهو من المساجد الكبرى في المنطقة، وكان في السابق مقراً لكلية أصول الدين، و«كنيسة سانت تريزا» التي تسمى باسمها إحدى المناطق بالحي.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».