نواب عون يتقدمون باقتراح قانون لانتخاب الرئيس مباشرة من الشعب

النائب حكمت ديب لـ {الشرق الأوسط}: لا موانع إطلاقا لدى حلفائنا في السير بهذه المبادرة

رئيس الوزراء تمام سلام خلال اجتماع مجلس الوزراء في بيروت أمس (دلاتي ونهرا)
رئيس الوزراء تمام سلام خلال اجتماع مجلس الوزراء في بيروت أمس (دلاتي ونهرا)
TT

نواب عون يتقدمون باقتراح قانون لانتخاب الرئيس مباشرة من الشعب

رئيس الوزراء تمام سلام خلال اجتماع مجلس الوزراء في بيروت أمس (دلاتي ونهرا)
رئيس الوزراء تمام سلام خلال اجتماع مجلس الوزراء في بيروت أمس (دلاتي ونهرا)

ترجم الزعيم المسيحي، رئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، المبادرة التي طرحها نهاية يونيو (حزيران) الماضي لحل الأزمة الرئاسية عمليا مع تقديم 10 من نوابه اقتراح قانون يقضي بتعديل دستوري لانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب.
وكان عون أطلق مبادرة لـ«إنقاذ» الاستحقاق الرئاسي المتعثر منذ 25 مايو (أيار) الماضي، تقضي بانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب على دورتين؛ أولى تأهيلية تجرى على مستوى الناخبين المسيحيين، وثانية تجرى على المستوى الوطني. لكن هذه المبادرة جوبهت بحملة عنيفة شنها ضدها نواب «14 آذار»، الذين اعتبروا أنها تضرب الميثاق اللبناني والدستور واتفاق الطائف.
ولا يبدو أن حلفاء عون، وبالتحديد «حزب الله» وحركة أمل وتيار المردة، يتعاطون بإيجابية مع الطرح، إذ يفضلون عدم التعليق عليه في الوقت الحالي وإعطاء موقف نهائي منه، إلا أن أمين عام «حزب الله»، حسن نصر الله، كان قد أطلق في إطلالته الأخيرة يد عون في الملف الرئاسي، لافتا إلى أن ثمة «اسما واحدا وعنوانا واحدا للحديث معه في هذا الموضوع»، ملمحا بذلك بوضوح إلى النائب ميشال عون، ناصحا بعدم انتظار تطورات وتسويات خارجية.
وأكّد النائب حكمت ديب، عضو التكتل الذي يتزعمه عون، أنّه «خلال النقاشات المفتوحة مع الحلفاء، تبين أنه لا موانع لديهم إطلاقا في السير بانتخاب الرئيس مباشرة من الشعب»، لافتا إلى أن «تقديم مشروع القانون بمثابة ترجمة عملية للمبادرة، مما بات يستلزم مواقف سياسية رسمية منها». وقال ديب لـ«الشرق الأوسط»: «نحن اليوم ننتظر أن تأخذ المبادرة مسارها القانوني والسياسي باعتبار أنّها المخرج الصحيح للأزمة الرئاسية التي نتخبط فيها.. فهي تصحح الحياة الديمقراطية وتعيد الكرة لملعب الشعب الذي هو أساس كل سلطة».
وأشار قاسم هاشم، النائب في كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها بري، إلى أنّهم «يؤيدون أي طرح يؤدي لتطوير النظام اللبناني شرط أن يتم ذلك في إطار تفاهم وطني شامل». وتساءل هاشم في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «هل من الممكن السير بطرح العماد عون أو غيره من الطروحات التي تسهم في تطوير النظام في هذا التوقيت بالذات وفي الظروف السياسية المعقدة التي تمر بها المنطقة؟». وأضاف «لا شك أنّه سيكون هناك جواب نهائي ورسمي على المبادرة خاصة بعدما سلكت مسارها القانوني والأصول المتبعة مع تحولها لمشروع قانون».
وليست مبادرة عون الوحيدة التي لم تلق تجاوبا من قبل باقي القوى السياسية، فالمبادرة التي طرحها وزير الاتصالات بطرس حرب، المرشح لرئاسة الجمهورية، مطلع الأسبوع والداعية لانتخاب الرئيس بالاعتماد على نصاب الأكثرية المطلقة (أي على حضور 65 نائبا) عوضا عن نصاب الثلثين (أي حضور 86 نائبا)، لم تلق كذلك آذانا صاغية.
وكان البرلمان اللبناني أخفق في 10 جلسات برلمانية دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في انتخاب رئيس جديد كنتيجة حتمية لتوازن الرعب القائم بين طرفي الصراع في لبنان، حيث يمتلك فريق «8 آذار» 57 نائبا وفريق 14 آذار «54 نائبا»، في حين أن هناك كتلة وسطية مؤلفة من 17 نائبا. وبما أن الدستور اللبناني ينص على وجوب حصول المرشح على 65 صوتا على الأقل في دورات الاقتراع الثانية وما بعد، فإن اشتراط حضور ثلثي أعضاء البرلمان لتأمين النصاب القانوني لانعقاد جلسة لانتخاب الرئيس جعل الطرفين قادرين على التعطيل، من دون قدرة أي منهما على تأمين أصوات 65 نائبا لصالحه.
واعتبر وزير الثقافة ريمون عريجي، المحسوب على تيار «المردة» الذي يتزعمه النائب سليمان فرنجية، أن «أزمة رئاسة الجمهورية باتت خارجية»، مستبعدا أن يكون لقاء البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي بالأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، قادرا على حلها. وأكّد عريجي في حديث إذاعي أنه لم يتم خلال اللقاء الأخير الذي جمع رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط بالنائب فرنجية طرح أي مخرج لأزمة رئاسة الجمهورية، لافتا إلى «وجود طروحات كبيرة ارتبطت بزيارة جنبلاط لبنشعي»، مقر إقامة فرنجية شمال لبنان.
بدوره، شدّد عاطف مجدلاني، النائب في تيار المستقبل الذي يتزعمه النائب سعد الحريري، على أن تياره «ملتزم بالموضوع الأساسي على الساحة اللبنانية وهو الالتزام بالدستور الذي يقول إن الأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية، على أن يتم بعده الذهاب إلى الانتخابات النيابية».
ولا يزال رئيس حزب القوات سمير جعجع مرشح «14 آذار» للرئاسة اللبنانية، فيما يتمسك جنبلاط بترشيح النائب هنري حلو، بوصفه توافقيا، في وقت يربط فيه عون خوضه المنافسة الانتخابية بضمان فوزه رئيسا.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.