37 حافلة عامة فقط لخدمة مليوني شخص في بيروت

خطة لتطوير قطاع النقل العام المهمَل في لبنان تشمل السكك الحديد

اختناق مروري في بيروت (رويترز)
اختناق مروري في بيروت (رويترز)
TT

37 حافلة عامة فقط لخدمة مليوني شخص في بيروت

اختناق مروري في بيروت (رويترز)
اختناق مروري في بيروت (رويترز)

بالتوازي مع انشغال الحكومة اللبنانية بإقرار خطة لإصلاح قطاع الكهرباء الذي يشكل العجز فيه نحو 30% من عجز الموازنة، ينكبّ المعنيون بقطاع النقل العام على تفعيل خططهم التي حدد لها «مؤتمر سيدر» في باريس العام الماضي تمويلاً كبيراً لامس 7.4 مليار دولار.
وحصلت الحكومة في «سيدر» على وعود بتمويل بقيمة 11.5 مليار دولار، بعدما قدمت للدول المانحة خطة حملت اسم «البرنامج الاستثماري الوطني للبنى التحية» الذي وافق عليه مجلس الوزراء في مارس (آذار) 2018، وتصل قيمة مشاريعه إلى 23 مليار دولار تمتد على 12 سنة من خلال 3 مراحل مدة كل منها 4 سنوات.
وحسب البرنامج، تعاني شبكة الطرق الرئيسية في لبنان والممتدة على 22 ألف كيلومتر مربع من حالة سيئة، ولم تخضع لأي توسيعات أو تحسينات ملحوظة منذ الستينات من القرن الماضي. فزحمة السير الخانقة والازدحام المروري آفة يومية تشهدها مداخل بيروت الكبرى، حيث تمر حركة السير بين الشمال والجنوب عبر الشوارع الداخلية لبيروت، فيما النقل العام شبه غائب ولا يُعتمد عليه. كما أن حالة الطرق غير المجهزة تعجز عن استيعاب العدد المتزايد من السيارات.
وتدخل إلى بيروت يومياً 400 ألف سيارة من المناطق المجاورة والبعيدة. وتزايد عدد السيارات في لبنان بشكل غير مسبوق في السنوات العشرين الماضية، ويبلغ حالياً 1.5 مليون سيارة.
وتشير أرقام رسمية إلى أن استخدام السيارات الخاصة في التنقل وما يسببه من زحمة سير يكبّد لبنان خسائر بما يقارب ملياري دولار سنوياً، أي نحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما تتعاظم المخاوف من أن تصبح بيروت الكبرى موقفاً كبيراً للسيارات في عام 2025.
وتقتصر وسائل النقل الحكومية حالياً على 37 حافلة لتسعة خطوط في بيروت لخدمة مليوني نسمة، ولا يستخدم إلا 2% من الركاب النقل المشترك.
ويُتوقع أن يشهد قطاع النقل العام نهضة في الأعوام القليلة المقبلة مع انطلاق تنفيذ مشاريع «سيدر». ويشير المدير العام لمصلحة سكك الحديد والنقل المشترك زياد نصر، إلى أن المصلحة وضعت خطة متكاملة لبيروت الكبرى وأخرى لمنطقة الشمال، ووافق مجلس الوزراء على الأولى وتمت إحالتها إلى المجلس النيابي الذي من المفترض أن يبتّ بها قريباً مؤمِّناً لها التمويل اللازم والذي يبلغ نحو 295 مليون دولار. ولفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذه الخطة تلحظ إنشاء شبكة خطوط متكاملة لتغطية كامل مساحة بيروت الكبرى من خلال مسارات للحافلات مع مواقف ومحطات مرتبطة بمراكز الأقضية.
ولدى لبنان مساحة 403 كيلومترات مخصصة لسكك الحديد لا يستفيد منها. ففي السابق كانت هناك 3 خطوط عاملة هي: خط الناقورة - بيروت - طرابلس مع امتداد نحو حمص في سوريا، وخط بيروت - دمشق، وخط الرياق - حمص. أما اليوم فأصبحت البنية التحتية لسكك الحديد غير قابلة للتشغيل وقد تم التعدي بالبناء على أجزاء كبيرة من حرمها.
وأعدت مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك، حسب نصر، «مشروعاً متكاملاً» لإعادة تأهيل هذه السكك وخطَّي بيروت – طرابلس، وطرابلس - العبودية (الحدود السورية)، مشيراً إلى أنه تم تنفيذ دراسة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي وهي تنتظر التمويل اللازم الذي يبلغ نحو 2.5 مليار دولار. وأوضح أن هذا المبلغ يشكل التكلفة المتوقعة لمشروع متكامل وقد تكون أقل بقليل من ذلك. ويوضح نصر أن «سيدر» لحظ رزمة لمجموعة من المشاريع المرتبطة بقطاع النقل، لكنه يعود للحكومة اللبنانية إن كانت ستعطي الأولوية للمشاريع لتأهيل الطرقات والجسور أو لوسائل النقل.
وفي تقريره السنوي حول مؤشر التنافسية العالمي لعامي 2016 – 2017، صنّف «المنتدى الاقتصادي العالمي» لبنان في المرتبة 101 عالمياً من بين 138 بلداً. وتشكل البنى التحتية إحدى الركائز الأساسية المستخدمة في هذا المقياس.
ودخلت جمعيات المجتمع المدني مؤخراً على الخط للنهوض بقطاع النقل العام، فتم إطلاق مبادرة حملت اسم «تراكس» (ترابط لنقل عصري)، وهي تضم تحت مظلّتها جمعيات تُعنى بقطاع النقل، وتهدف إلى تشكيل ائتلاف وطني يُرسي أسس شراكة ودعم لوزارة الأشغال العامة والنقل.
ويُعتبر قطاع النقل في لبنان، حسب «تراكس»، المسؤول عن نحو 25% من الانبعاثات الملوثة ليجعل منه ثاني أكبر ملوث للبيئة بعد معامل الكهرباء نتيجة وجود 71% من السيارات القديمة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.