بعثة الاتحاد الأوروبي في عدن... والحكومة تطلب ضغطاً أكثر على الانقلابيين

المبعوث الأممي في المنطقة مجدداً لإنقاذ «اتفاق استوكهولم»

TT

بعثة الاتحاد الأوروبي في عدن... والحكومة تطلب ضغطاً أكثر على الانقلابيين

في وقت عاد مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث إلى المنطقة مجدداً ضمن مساعيه لإنقاذ اتفاق استوكهولم، طالبت الحكومة اليمنية المجتمع الدولي بممارسة ضغط أكبر على الحوثيين لإجبارهم على تنفيذ الاتفاق الذي مر عليه أكثر من 100 يوم دون إحراز تقدم لجهة تعنت الميليشيات. وجاءت دعوة الحكومة اليمنية خلال محادثات أجراها رئيس الوزراء معين عبد الملك أمس في العاصمة المؤقتة عدن مع رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن أنتونيا كالفو.
وجدد عبد الملك التأكيد على حرص «الشرعية» لتحقيق السلام الدائم والشامل والعادل المنطلق من المرجعيات الثلاث، مشدداً على ضرورة تنفيذ اتفاقات استوكهولم الموقعة برعاية الأمم المتحدة، وإجبار ميليشيات الحوثي على الانسحاب من مدينة وموانئ الحديدة، وفق ما نصت عليه خطة إعادة الانتشار دون مماطلة أو تسويف.
وطالب رئيس الحكومة اليمنية المجتمع الدولي بممارسة المزيد من الضغوط على الانقلابيين، حيث قال إنهم «لا يزالون يمارسون سياسة التلكؤ والتنصل عن اتفاق استوكهولم بشأن الحديدة، الذي لم يتم تنفيذه رغم مرور أكثر من 100 يوم على توقيعه، وهو ما يؤكد عدم جدية الميليشيات في التوجه نحو تحقيق السلام». وذكرت وكالة «سبأ» أن رئيس الوزراء اليمني ناقش مع رئيسة البعثة الأوروبية «المستجدات وتطورات الأوضاع على الصعيد المحلي في الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية، وما تقوم به الحكومة الشرعية من جهود لتطبيع الأوضاع في المناطق المحررة والنجاحات التي حققتها، بدعم من تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية، والدور الأوروبي الداعم لهذه الجهود حتى استكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب وتنفيذ القرارات الدولية الملزمة». كما تم التطرق إلى القضايا الإنسانية والحقوقية، وما ترتكبه ميليشيات الحوثي الانقلابية من انتهاكات سافرة وجرائم حرب بحق اليمنيين، ودور الحكومة في تكثيف الإغاثة لتخفيف المعاناة القائمة، بما في ذلك صرف مرتبات موظفي الدولة للموظفين في المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين.
وكان غريفيث عاد إلى الرياض أول من أمس، للقاء مسؤولين في الحكومة اليمنية في سياق مساعيه لإنجاح اتفاق استوكهولم المتعثر بسبب مماطلات الحوثيين. وذكرت مصادر حكومية أن وزير الخارجية اليمني خالد اليماني جدد خلال لقائه غريفيث «التأكيد على موقف الحكومة الملتزم بتنفيذ بنود اتفاق استوكهولم نصاً وروحاً، بناء على توجيهات مباشرة من الرئيس عبد ربه منصور هادي»، منوهاً في الوقت نفسه «إلى استمرار التعنت والمماطلة من قبل الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، التي تسعى لإفشال الاتفاق بعد مرور أكثر من مائة يوم على إعلانه في السويد».
وقال اليماني إن «فشل تنفيذ اتفاق استوكهولم سينعكس سلباً على جهود إحلال السلام في اليمن، وسيحد من فرص تحقيق أي تسوية سياسية مستقبلاً»، وأكد أن التنفيذ «مرهون بمزيد من الضغط الدولي على الميليشيات الانقلابية». ونقلت المصادر الرسمية اليمنية عن غريفيث أنه «تطرق إلى جهوده الرامية لتحقيق تقدم في تنفيذ الاتفاق والخطوات التي يقوم بها رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار الجنرال مايكل لوليسغارد لحل المسائل الخلافية». وبحسب وكالة «سبأ»، أكد غريفيث أن «الأمم المتحدة والمجتمع الدولي حريصان على منح السلام فرصة من خلال تنفيذ اتفاق استوكهولم، وأن الأمم المتحدة ستواصل مساعيها حتى يرى الاتفاق النور على أرض الواقع». ونسبت الوكالة إلى المبعوث الأممي قوله إنه «ملتزم بمقترح الرئيس هادي بشأن الرقابة على تنفيذ الانسحابات من خلال لجان ثلاثية من الأمم المتحدة والحكومة والحوثيين».
وكانت مصادر حكومية أبلغت «الشرق الأوسط» أن وفد الحكومة في لجنة تنسيق الانتشار وافق على الخطة المعدلة لإعادة تنسيق الانتشار في مرحلته الأولى التي أعدها لوليسغارد، بانتظار انعقاد اجتماع للجنة المشتركة التي تضم لوليسغارد وممثلي الحكومة والحوثيين لوضع الاتفاق موضع التنفيذ. وكان من المقرر أن ينعقد اللقاء أمس غير أن الميليشيات الحوثية رفضت حضور الاجتماع لجهة أنه سينعقد في المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية جنوب الحديدة. وبحسب مصادر ميدانية كثفت الجماعة الموالية لإيران من خروقها لاتفاق وقف إطلاق النار، في سعي منها لاستعادة مواقع خاضعة للقوات الحكومية شرق مدينة الحديدة وجنوبها، إضافة إلى قصف مدفعي متكرر على القرى والمناطق المحررة في مديريات حيس والتحيتا والدريهمي.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.