ما هي «هواتف البلوك تشين» وهل نحتاج إلى واحد منها؟

وظيفة التشفير في الأجهزة الجوالة الحديثة تؤهلها لعصر «ويب 3.0» المقبل

هاتف «أكسودوس 1»  -  «غالاكسي إس 10» بتقنيات التشفير
هاتف «أكسودوس 1» - «غالاكسي إس 10» بتقنيات التشفير
TT

ما هي «هواتف البلوك تشين» وهل نحتاج إلى واحد منها؟

هاتف «أكسودوس 1»  -  «غالاكسي إس 10» بتقنيات التشفير
هاتف «أكسودوس 1» - «غالاكسي إس 10» بتقنيات التشفير

يعجّ عالم التشفير بالمصطلحات والتعابير الطنانة، التي إن استطعتم نزع الغطاء التسويقي عنها، قد تجدون فيها القليل من الابتكار. ولكن لا بدّ من تذكيركم بأنّ هذه التقنية، أي تقنية «بلوك تشين» لا تزال في بداياتها. أمّا الموضوع الأبرز اليوم في هذا المجال فهو «هاتف البلوك تشين».
- وظيفة التشفير
فجأة، أصبحنا نرى أو ننتظر العديد من الهواتف التي تركّز على وظيفة التشفير في الأسواق. تعتبر شركة «سامسونغ» اللاعب الأهمّ في هذا المجال الجديد، بعد أن أكّدت في مارس (آذار) الجاري أنّ هاتف «غالاكسي إس 10 «Galaxy S10 سيتضمّن نظاماً آمناً لتخزين مفاتيح العملة المشفرة الخاصة. وبذلك، تنضمّ «سامسونغ» لشركة «إتش تي سي». التي روّجت لهاتف «إكسودوس 1» Exodus 1 لأشهر، و«مختبرات سيرين» التي استخدمت مبالغ كبيرة جمعتها من العروض الأولى للعملات لتطوير جهاز «فينّي» Finney، وشركة «إلكترونيوم» Electroneum التي بدأت منتصف هذا الشهر ببيع هاتف أندرويد، يتيح لمستخدميه تعدين العملة المشفرة بسعر 80 دولاراً. ولكن ما هو الهدف من هذه الأجهزة؟ في أحلام المتحمّسين والداعمين لها، تشكّل هذه الأجهزة منافذ لما يعرف بالشبكة اللامركزية أو «ويب 3.0».
وفي الإصدار المستقبلي لهذا النوع من الإنترنت، ستدعم تقنية البلوك تشين وغيرها من التقنيات ما يسمى «التطبيقات اللامركزية decentralized applications» أو اختصارا «دابس»، «dapps» التي تبدو، كما تعطي انطباعاً شبيهاً بذلك الذي تعطيه التطبيقات التي نستخدمها اليوم، ولكن مع اختلاف بسيط، هو أنّها تعمل على شبكات عامّة، بدل الخوادم الخاصة التابعة لشركات التقنية الكبرى.
يعتقد الكثيرون أنّ عائقاً كبيراً يقف في طريق اعتماد العملة المشفرة والتطبيقات اللامركزية، وهو أنّ هذه التقنيات صعبة للاستخدام بالنسبة للأشخاص غير المتخصصين بالتكنولوجيا. إلّا أنّ تحسين تجارب المستخدم، بدءاً من إدارة المفتاح التشفيري، سيغيّر هذا الواقع. ولكنّ تطبيق هذا الحلّ ليس سهلاً على اعتبار أنّ مفتاح الأمن عامل أساسي، ما يعني أنّ خسارة المفاتيح تؤدّي إلى خسارة الأموال.
يقدّم هذا الأمر أيضاً شرحاً لسبب حماسة فيتاليك بوتيرين، مبتكر العملة الرقمية «إيثريوم» تجاه ميزة واحدة في هاتف «إكسودوس 1» من «إتش تي سي»، التي تعرف بـ«المفتاح الاجتماعي للتعافي».
تتيح هذه الميزة للمستخدمين اختيار مجموعة صغيرة من جهات الاتصال لتزويدهم بأجزاء من مفاتيحهم، ففي حال خسر هؤلاء مفاتيحهم، يمكنهم استعادة كلّ مفتاح على حدة من جهات الاتصال. وكالمعتاد، ينظر بوتيرين بعيداً في المستقبل، وفي هذه الحالة، ينظر إلى مستقبل يستخدم فيه الناس عملات تقنية البلوك تشين للحفاظ على سيطرة أكبر على هوياتهم الرقمية وبياناتهم الشخصية، من تلك التقنيات المتاحة اليوم. وكتب بوتيرين عبر «تويتر»: «المفتاح الاجتماعي للتعافي هو خطوة أولى نحو هويات رسمية غير مدعومة».
- أمور أساسية
لكنّ الأمور الأساسية تأتي أولاً. فبهدف جذب المستخدمين من خارج بيئة المتحمسين والداعمين لها، على هذه الهواتف أن تقدّم لهم وظائف أهمّ من مجرّد الحفاظ على سلامة مفاتيحهم.
وفي منتصف هذا الشهر، تحدّثت شركتا سامسونغ و«إتش تي سي». عن بعض الجوانب التي تأملان أن تفي بهذا الغرض. فقد بدت «سامسونغ» وكأنها تحضّر للكشف عن شراكات مع عدّة مشاريع «بلوك تشين» ومن ضمنها خدمات التجميل «داب كوزمي» ومنصّة الألعاب الإلكترونية التي تعتمد على البلوك تشين «إنجين». بدورها، أعلنت «إتش تي سي». عن شراكة بدأتها مع «أوبرا»، الشركة الصانعة لمحرك البحث هذا، لتسهيل استخدام التشفير، سواء لتسديد المدفوعات الصغيرة على المواقع الإلكترونية أو لاستخدام التطبيقات اللامركزية.
وفي تصريح له حول الشركة التي تجمع بين شركته و«إتش تي سي»، قال تشارلز هانل، رئيس قسم التشفير في «أوبرا» لمجلة «تكنولوجي ريفيو»: «نحن نشهد ولادة جيل جديد من الشبكات الإلكترونية... شبكة ستتحدّى فيها الخدمات اللامركزية الجديدة الوضع السائد».
- اقتناء الهواتف
ولكن هل يجب أن تقتنوا واحداً من هذه الأجهزة؟ في حال كنتم مهتمين بتقنية التشفير وتستطيعون تحمّل تكلفة شراء أحد هذه الأجهزة، إذن لا بأس من الاطلاع على هذه التقنية.
وفي حال كنتم قد دخلتم عالم التشفير، وأصبحتم تملكون محفظة موثوقة، لا شكّ في أنّ هذا الجيل من الهواتف سيقدّم لكم خدمات إضافية كثيرة. وفي مقال نشر على موقع «وايرد»، وصف المراقبون هاتف «إكسودوس» «بالهاتف الذكي الذي يغطّي جانباً مهمّاً خاصاً بالعملات الرقمية»، إلّا أنّ هذا الأمر يرتبط طبعاً بعدد «هواتف البلوك تشين» التي سنراها في هذه المرحلة. ولكنّ الحقيقة هي أنّه حتى ولو سلكت هذه الهواتف الطريق المرسوم لها، ستبقى الشبكة اللأمركزية حلماً، لأنّ تطوير بنيتها التحتية الأساسية لا يزال في مراحله الأولى. ولعلّ تدفّق المستخدمين الجدد يمكن أن يطلق العنان لإنتاج تطبيقات جديدة جاذبة تشكّل بدورها مصدر وحي لتطوير بنية تحتية جديدة. ولكنّ أفضل ما قد تقدّمه الجولة الأولى من هواتف البلوك تشين هو تزويدنا بلمحة عن مستقبل محتمل لا يزال بعيداً جداً عنّا.
- اليوم، يمكنكم شراء هاتف «إكسودوس 1» بـ699 دولاراً عبر الإنترنت فقط. ولكنّ فيل تشن، مدير قسم اللامركزية في «إتش تي سي». صرّح لموقع «كوين ديسك» بأنّ الشركة تعمل على طرح الجهاز في متاجر مزوّدي الخدمات.
- أمّا هاتف غالاكسي 10 من سامسونغ، فسيصل إلى الأسواق قبل «إكسودوس» بكثير، ولكنّ بسعر أعلى يبدأ من 900 دولار.
- بدورها، تبيع مختبرات «سيرين» هاتفها بـ999 دولاراً.
- بينما تعتمد «إلكترونيوم»، مقاربة مختلفة عبر استهداف الأسواق بجهاز زهيد جداً.


مقالات ذات صلة

كيف تستخدم صور الهاتف للبحث على الإنترنت؟

تكنولوجيا كيف تستخدم صور الهاتف للبحث على الإنترنت؟

كيف تستخدم صور الهاتف للبحث على الإنترنت؟

الصورة تساوي ألف كلمة، لكنك لا تحتاج إلى كتابة أي منها من أجل البحث على الإنترنت هذه الأيام، إذ تستطيع البرامج الموجودة على هاتفك، بمساعدة الذكاء الاصطناعي....

جيه دي بيرسدورفر (نيويورك)
تكنولوجيا بطاريات «مورفي» الخارجية للهواتف

دليلك لاستغلال البطارية القديمة... لأطول وقت ممكن

خطوات للاستفادة منها أو استبدالها أو إصلاحها

الاقتصاد شعار أكبر مصنع أشباه موصّلات في العالم فوق شريحة إلكترونية (رويترز)

أزمة لأكبر مصنع أشباه موصّلات في العالم بسبب هاتف «هواوي» الجديد

علّقت شركة تصنيع أشباه الموصّلات التايوانية «تي إس إم سي»، شحناتها إلى شركة تصميم الرقائق الصينية «سوفغو» بعد العثور على شريحة خاصة بها في معالج «هواوي» الحديث.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق تحوّلت الهواتف الذكية بما فيها من تطبيقات إلى إدمان العصر (رويترز)

كيف تقطع يدك الافتراضية... 7 خطوات للحدّ من الإدمان على الهاتف

باتت الهواتف الذكية امتداداً لليَد البشريّة، وكأنها يدٌ جديدة التصقت بها. العيون لا تفارقها ليل نهار، فهل من سبيل للتخفيف من هذا الإدمان المستجدّ؟

كريستين حبيب (بيروت)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
TT

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين، وإبرام عقود مع الجهات المعنية بتوفير هذه الخدمات لتحقيق المداخيل من محتواها.

واقترحت دار النشر «هاربر كولينز» الأميركية الكبرى أخيراً على بعض مؤلفيها، عقداً مع إحدى شركات الذكاء الاصطناعي تبقى هويتها طي الكتمان، يتيح لهذه الشركة استخدام أعمالهم المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وفي رسالة اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية»، عرضت شركة الذكاء الاصطناعي 2500 دولار لكل كتاب تختاره لتدريب نموذجها اللغوي «إل إل إم» لمدة 3 سنوات.

آراء متفاوتة

ولكي تكون برامج الذكاء الاصطناعي قادرة على إنتاج مختلف أنواع المحتوى بناء على طلب بسيط بلغة يومية، تنبغي تغذيتها بكمية مزدادة من البيانات.

وبعد التواصل مع دار النشر أكدت الأخيرة الموافقة على العملية. وأشارت إلى أنّ «(هاربر كولينز) أبرمت عقداً مع إحدى شركات التكنولوجيا المتخصصة بالذكاء الاصطناعي للسماح بالاستخدام المحدود لكتب معينة (...) بهدف تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتحسين أدائها».

وتوضّح دار النشر أيضاً أنّ العقد «ينظّم بشكل واضح ما تنتجه النماذج مع احترامها حقوق النشر».

ولاقى هذا العرض آراء متفاوتة في قطاع النشر، إذ رفضه كتّاب مثل الأميركي دانييل كيبلسميث الذي قال في منشور عبر منصة «بلوسكاي» للتواصل الاجتماعي: «من المحتمل أن أقبل بذلك مقابل مليار دولار، مبلغ يتيح لي التوقف عن العمل، لأن هذا هو الهدف النهائي من هذه التكنولوجيا».

هامش تفاوض محدود

ومع أنّ «هاربر كولينز» هي إحدى كبرى دور النشر التي أبرمت عقوداً من هذا النوع، فإنّها ليست الأولى. فدار «ويلي» الأميركية الناشرة للكتب العلمية أتاحت لشركة تكنولوجية كبيرة «محتوى كتب أكاديمية ومهنية منشورة لاستخدام محدد في نماذج التدريب، مقابل 23 مليون دولار»، كما قالت في مارس (آذار) عند عرض نتائجها المالية.

ويسلط هذا النوع من الاتفاقيات الضوء على المشاكل المرتبطة بتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يتم تدريبه على كميات هائلة من البيانات تُجمع من الإنترنت، وهو ما قد يؤدي إلى انتهاكات لحقوق الطبع والنشر.

وترى جادا بيستيلي، رئيسة قسم الأخلاقيات لدى «هاغينغ فايس»، وهي منصة فرنسية - أميركية متخصصة بالذكاء الاصطناعي، أنّ هذا الإعلان يشكل خطوة إلى الأمام، لأنّ محتوى الكتب يدرّ أموالاً. لكنها تأسف لأنّ هامش التفاوض محدود للمؤلفين.

وتقول: «ما سنراه هو آلية لاتفاقيات ثنائية بين شركات التكنولوجيا ودور النشر أو أصحاب حقوق الطبع والنشر، في حين ينبغي أن تكون المفاوضات أوسع لتشمل أصحاب العلاقة».

ويقول المدير القانوني لاتحاد النشر الفرنسي (SNE) جوليان شوراكي: «نبدأ من مكان بعيد جداً»، مضيفاً: «إنّه تقدم، فبمجرّد وجود اتفاق يعني أن حواراً ما انعقد وثمة رغبة في تحقيق توازن فيما يخص استخدام البيانات مصدراً، التي تخضع للحقوق والتي ستولد مبالغ».

مواد جديدة

وفي ظل هذه المسائل، بدأ الناشرون الصحافيون أيضاً في تنظيم هذا الموضوع. ففي نهاية 2023، أطلقت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية اليومية ملاحقات ضد شركة «أوبن إيه آي» مبتكرة برنامج «تشات جي بي تي» وضد «مايكروسوفت» المستثمر الرئيسي فيها، بتهمة انتهاك حقوق النشر. وقد أبرمت وسائل إعلام أخرى اتفاقيات مع «أوبن إيه آي».

وربما لم يعد أمام شركات التكنولوجيا أي خيار لتحسين منتجاتها سوى باعتماد خيارات تُلزمها بدفع أموال، خصوصاً مع بدء نفاد المواد الجديدة لتشغيل النماذج.

وأشارت الصحافة الأميركية أخيراً إلى أنّ النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو كأنها وصلت إلى حدودها القصوى، لا سيما برامج «غوغل» و«أنثروبيك» و«أوبن إيه آي».

ويقول جوليان شوراكي: «يمكن على شبكة الإنترنت، جمع المحتوى القانوني وغير القانوني، وكميات كبيرة من المحتوى المقرصن، مما يشكل مشكلة قانونية. هذا من دون أن ننسى مسألة نوعية البيانات».