إجراءات تعديل الدستور في مصر تقترب من مرحلة الاستفتاء

البرلمان ينتهي من الحوار بشأنها الأسبوع الحالي

TT

إجراءات تعديل الدستور في مصر تقترب من مرحلة الاستفتاء

باتت إجراءات «تعديل الدستور» في مصر أقرب للتنفيذ من أي وقت مضى، إذ أعلن برلمان البلاد عزمه الانتهاء من المناقشات والخطوات المصاحبة للتعديل في غضون منتصف أبريل (نيسان) المقبل، على أن «تتولى الهيئة الوطنية للانتخابات دعوة الناخبين للاستفتاء عليها، وذلك حال موافقة المجلس عليها بالأغلبية المطلوبة».
وأجاز البرلمان بشكل مبدئي، الشهر الماضي، تعديل المواد التي اقترحها ائتلاف الأغلبية النيابية «دعم مصر»، وتتضمن زيادة فترة حكم الرئيس من 4 إلى 6 سنوات، ومنح وضع خاص للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي يسمح بترشحه لفترتين إضافيتين والاستمرار في السلطة حتى عام 2034، وكذلك تعديل طريقة اختيار رئيس المحكمة الدستورية، والنائب العام، فضلاً عن مواد أخرى.
وقال مجلس النواب (البرلمان)، في بيان، أمس، إنه «يتم اتباع الإجراءات الدستورية والبرلمانية المقررة في شأن التعديلات الدستورية في أفضل تطبيقاتها الممكنة، وفي إطار الحرص الكامل على سلامتها من الناحية الدستورية والإجرائية».
واستعرض البرلمان، الخط الزمني لمناقشة التعديلات، التي استقبلها ضمن طلب من 155 نائباً، في فبراير (شباط) الماضي، وبما «يمثل أكثر من خُمس عدد أعضاء المجلس لتعديل بعض مواد الدستور، وذلك في ضوء ما تقضي به المادة 226 من جواز تعديل بعض أحكام الدستور بناء على طلب من رئيس الجمهورية أو من خمس عدد أعضاء المجلس».
وأوضح أن «رئيس المجلس، علي عبد العال، أخطر أعضاء المجلس في الجلسة العامة بطلب التعديل وأحاله مباشرة إلى اللجنة العامة للمجلس للنظر في مدى توافر الشروط والأحكام المنصوص عليها في المادة 226 من الدستور، وذلك وفقاً لما تقضي به اللائحة الداخلية لمجلس النواب».
وبدأ البرلمان، أولى جلسات «الحوار المجتمعي»، نهاية الأسبوع الماضي، التي شهدت حضور ممثلي «الأزهر الشريف» و«الكنسية» والجامعات والقضاء ورؤساء المجالس الصحافية والإعلامية الرسمية.
وأظهرت جلسات الأسبوع الماضي، تأييداً لمعظم المواد المقترحة للتعديل، باستثناء ملاحظات تتعلق بالصياغة، أو تفاصيل مقترح إنشاء المجلس الأعلى للقضاء.
وفي يونيو (حزيران) الماضي، أدى الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليمين القانونية للولاية الثانية، أمام مجلس النواب، بعد إعلان فوزه في انتخابات نافسه فيها مرشح واحد، وتحدد المادة 140 من الدستور الساري الفترة الرئاسية بـ«4 سنوات ميلادية»، كما تحظر «إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة»، لكن التعديلات التي قدمها ائتلاف «دعم مصر» تضع مادة انتقالية تقول إنه «يجوز لرئيس الجمهورية الحالي عقب انتهاء مدته الحالية، إعادة ترشحه».
وفي نهاية الأسبوع الحالي، يختتم البرلمان جلسات الحوار المجتمعي، إذ يستضيف «رجال السياسة، ورؤساء الأحزاب، ورجال الأعمال، وممثلي مؤسسات مالية واقتصادية، وعدداً من الشخصيات العامة وممثلي منظمات بالمجتمع المدني».
ووفق مقترحات التعديلات، فإنها تستهدف كذلك تعديل المادة 139 من الدستور التي تنظم طريقة اختيار رئيس المحكمة الدستورية، والتي تشير - في صورتها الحالية - إلى أن اختيار رئيس المحكمة ونوابه وأعضاء هيئة المفوضين يكون باختيار الجمعية العمومية لها ويصدر الرئيس قرار تعيينهم، لكن المقترح يسعى إلى منح رئيس الدولة سلطة اختيار رئيس «الدستورية» من بين أقدم 5 نواب، كما يعين نائب رئيس المحكمة.
وكذلك، فإن المقترحات تتطرق إلى طريقة تعيين النائب العام، والمحددة في المادة 189 من الدستور لتكون من صلاحيات مجلس القضاء الأعلى اختياره، ويصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية، لكن مقدمي التعديلات يقترحون أن يكون «اختيار النائب العام باختيار رئيس الجمهورية من بين 3 مرشحين يحددهم مجلس القضاء الأعلى».
وأكد البرلمان، أمس، أنه «على مدار 30 يوماً تلقت لجنة الشؤون الدستورية التشريعية عدداً من المقترحات والملاحظات والدراسات على التعديلات الدستورية قدمت من النواب والجهات والمؤسسات المختلفة والمواطنين».
وقال البرلمان، أمس، إن «لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، ستصيغ، بعد انتهاء الحوار المجتمعي بالمداولة، المواد الدستورية محل التعديل في الشكل النهائي، وتعد تقريراً بذلك للعرض على الجلسة العامة للمجلس للتصويت النهائي عليها الذي تتطلب الموافقة عليه توافر أغلبية ثلثي عدد الأعضاء ونداءً بالاسم».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».