البرلمان العراقي يقيل محافظ نينوى ونائبيه ويتلقى طلباً بحل مجلسها

TT

البرلمان العراقي يقيل محافظ نينوى ونائبيه ويتلقى طلباً بحل مجلسها

صوّت مجلس النواب العراقي، أمس، على إقالة محافظ نينوى نوفل العاكوب ونائبه الأول الكردي عبد القادر سنجاري، والثاني العربي حسن العلاف بناء على طلب مقدم من رئيس الوزراء عادل عبد المهدي على خلفية غرق العبّارة في نهر دجلة في الموصل وتسببها بمقتل 97 مواطنا معظمهم من النساء والأطفال في حين ما زال مصير 79 مواطنا مجهولا، استناداً إلى ما أفاد به لـ«الشرق الأوسط» عضو مفوضية حقوق الإنسان علي البياتي. وتزامن مع تصويت البرلمان على إقالة المحافظ ونائبيه، قدم 121 نائباً طلبا إلى البرلمان لحل مجلس نينوى وإحالة الفاسدين إلى القضاء.
ولم يقتصر تصويت البرلمان على إقالة حكومة نينوى التنفيذية، وشمل أيضا، التصويت على إكمال التحقيقات الأصولية بخصوص العبّارة ومحاسبة المقصرين واعتبار ضحايا الحادثة «شهداء» وتعويضهم مع ضمان حق ذويهم في اللجوء إلى القضاء، وكذلك معالجة قضايا الفساد المالي والإداري وحسم الدعاوى المشار إليها وإعلام المجلس بالإجراءات المتخذة.
وقال رئيس البرلمان محمد الحلبوسي في كلمة افتتح بها الجلسة إن البرلمان في صدد وضع «خارطة طريق» للإصلاح الإداري في نينوى وعموم محافظات العراق. وذكر الحلبوسي ستة محاور لخارطة الطريق المقترحة، تتضمن الأولى «البدء بمشروع إزاحة الفساد من خلال تفعيل الفقرات القانونية المخولة للسلطة التنفيذية بالتعاون مع السلطة الرقابية والتشريعية، وتوسيع رقعة هذا التوجه لتشمل محافظات أخرى ومؤسسات تنفيذية توغَّل فيها الفساد».
وفي المحور الثاني يتم «الإعلان عن معايير جودة واضحة تتم مراقبة تنفيذها بصرامة وحزم في كل مفاصل الحياة (الغذاء، الصحة، الخدمات العامة، السلع بجميع أنواعها) من أبعد قصبة في العراق إلى قلب العاصمة بغداد».
ومن بين النقاط التي أشارت إليها خارطة الطريق التي أعلنها الحلبوسي «ملاحقة جميع عمليات الابتزاز والشراكات الاقتصادية المشبوهة التي تُمارس بأسماء وعناوين محترمة للعراقيين، بهدف التربح من جهة والإساءة لهذه العناوين من جهة أخرى»، في إشارة إلى قضية الهيئات الاقتصادية التي تعمل تحت مظلة بعض فصائل «الحشد الشعبي» في مدينة الموصل.
وإلى جانب ذلك، شددت خارطة الطريق على «سن قانون خاص بضحايا الكوارث العامة على غرار قانون ضحايا الإرهاب، يأخذ بالحسبان استحقاقات عوائل الضحايا».
ولم تتوقف التطورات الدراماتيكية المتعلقة بحادث العبّارة طوال يوم أمس، إذ بينما اتهم النائب عن محافظة نينوى عبد الرحيم الشمري، أعضاء في مجلس نينوى بـ«المساومة» على منصب المحافظ بعد حادث العبّارة، وأن مطلب حل مجلس المحافظة «لا يقل أهمية عن طلب إقالة المحافظ»، رفض عضو مجلس نينوى خلف الحديدي ذلك، واعتبر في مؤتمر صحافي عقده في الموصل أن الاتهامات بالمساومة «كذب وافتراء وتزوير للحقائق».
بدوره، حذّر رئيس «لجنة تقصي الحقائق» في نينوى النائب أسامة النجيفي من «تصعيد سياسي» في حال عدم عرض لجنة التقصي داخل جلسات البرلمان. وقال النجيفي في مؤتمر صحافي عقده مع أعضاء اللجنة في البرلمان إن «تقرير تقصي حقائق نينوى تضمن 30 فقرة وتم اجتزاء أجزاء من التقرير الخاص بنينوى والتصويت عليها فرديا ما يقرب من عشر فقرات ونحن نصرّ على عرض التقرير بشكل كامل»، مشيرا إلى وجود «قضايا متعلقة بموضوع مشاكل الوقفين (السني والشيعي) والمكاتب الاقتصادية ونحتفظ بحقنا بعرض التقرير كاملا ولن نقبل بأن يكون مصير تقصي الحقائق كمصير تقرير سقوط الموصل». واعتبر أن «عدم التصويت على تجميد عمل مجلس المحافظة وإحالته إلى اللجنة القانونية أمر خاطئ».
وفيما قرر مجلس القضاء الأعلى، أمس، تشكيل هيئة خاصة للتحقيق في حادث غرق العبّارة في نهر دجلة بمحافظة نينوى، هددت كتلة «صادقون» النيابية التابعة لـ«عصائب أهل الحق» ، باتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من اتهم «العصائب» في حادثة غرق عبارة الموصل. وطالب عضو الكتلة عدنان فيحان، في مؤتمر صحافي. «كل من ذكر اسم حركة عصائب أهل الحق في قضية العبارة بتقديم الأدلة والإثباتات وسنتخذ كل الإجراءات القانونية بحقهم».



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.