العراق يشرع ببناء علاقات متكاملة مع المحيط العربي

بدءاً من القمة الثلاثية في القاهرة

TT

العراق يشرع ببناء علاقات متكاملة مع المحيط العربي

أكد مصدر مقرب من رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي وعضو الوفد المرافق له في زيارته إلى القاهرة، أن «العراق بدأ ببناء علاقات متكاملة مع المحيط العربي بدءاً من قمة القاهرة الثلاثية، بما ينعكس إيجابياً على العلاقات الثنائية مع كل من مصر والأردن، أو مع كل دول المنطقة، دون أن تكون هذه العلاقة موجهة ضد أحد أو على حساب طرف».
وأضاف المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، طالباً عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته، أن «القمة تناولت العلاقات الثنائية بين الدول الثلاث على كل المستويات وفي المقدمة منها الاقتصاد والأمن والتعاون المشترك في كل المجالات»، مبيناً أنه «من المهم التأكيد على أن هذا التنسيق لن يكون محورا أو جزءا من محور وإنما هو تنسيق مواقف مشتركة بين الدول الثلاث، بالإضافة إلى ما بينها من اتفاقيات تجارية واقتصادية وما سيتم توقيعه من اتفاقيات جديدة».
من جهته، أكد الدكتور حسين علاوي، أستاذ الأمن الوطني في جامعة النهرين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «سياسة المحاور غير المباشرة التي بدأ العراق ينسج خيوطها هي تكاد تكون أفضل من سياسة المحاور المباشرة والتي ستكون مكلفة للأمن القومي العراقي، وهنالك فرصة لهذا التحالف الثلاثي (العراق ومصر والأردن) أن ينجح أكثر من غيره، كونه تحالف حضارات وجغرافيا وشعوب تشترك في ملفات كثيرة». وأضاف علاوي: «بالنسبة لسياسة المحاور، فالعراق صريح بعدم الدخول فيها إن كانت محاور إقليمية أو دولية، ونهج السيد عادل عبد المهدي رئيس الوزراء كان واضحاً في القاهرة وغيره من المحافل الدولية والإقليمية والمحلية، حيث إن سياستنا الخارجية ترتكز على نظرية (حلفاء أقوياء وشركاء متعددين)».
أما حيدر الملا، القيادي في تحالف الإصلاح والإعمار، فقد أكد من جانبه لـ«الشرق الأوسط» أن «رئيس الوزراء قدم في زيارته للقاهرة رسالة واضحة جوهرها الحرص على إقامة أفضل العلاقات مع كل الدول بدءا من دول الجوار، لكنه أكد في الوقت نفسه على عمق العراق العربي، لا سيما أن أول زيارة لمصر لها دلالاتها الهامة، فضلا عن الدور الذي يمكن أن يلعبه العراق عبر المحورين المتصارعين في المنطقة وهما تركيا وإيران اللذان يحاولان تقاسم النفوذ».
وبشأن الطريقة التي ستتعامل بها إيران مع هذه الزيارة، يقول الملا: «لا بد من التمييز بين إيران الدولة وإيران الثورة، حيث إن إيران تعاني أزمة داخلية وبالتالي فإن هناك من يرى حتى داخل إيران أنه ليس لأحد مشكلة مع إيران كدولة بقدر ما أن المشكلة تتركز حول النفوذ الإيراني وتدخلاتها في المنطقة»، مبينا أن «الأطراف التي بدأت تحس بالخطر داخل إيران بدأت تتعامل من منطلق أنها يمكن أن تتعاطى مع مختلف المخاوف وليس عبر الثقافة التي يتعامل بها الجنرالات ومنهم قاسم سليماني». وأكد الملا أنه «ليس أمام إيران سوى أن تؤمن بعلاقات متوازنة مع العراق وتنهي التعامل مع العراق بوصفه ساحة خلفية لها». وأشار الملا إلى أن «حكومة عبد المهدي أكملت ما كانت قد بدأته حكومة سلفه حيدر العبادي عبر خطوات عملية، وهذا مؤشر جيد».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».