بومبيو يكشف عن لائحة عقوبات قريبة تطال حلفاء «حزب الله»

أبلغ من التقاهم حرص واشنطن على عدم الإضرار بالاقتصاد اللبناني

TT

بومبيو يكشف عن لائحة عقوبات قريبة تطال حلفاء «حزب الله»

قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إن واشنطن لن تتوانى عن استخدام كل الأدوات واللجوء إلى كل الوسائل لملاحقة كل من يثبت تعامله مع إيران و«حزب الله»، سواء أكانوا مجموعات أم أشخاصاً، وإن أسماء هؤلاء - كما نقل عنه عدد من الوزراء والنواب الذين دعاهم النائب ميشال معوض لتناول العشاء الذي أقامه على شرف بومبيو وأعضاء الوفد المرافق له - ستُدرج على لائحة العقوبات الأميركية.
وأكد هؤلاء الوزراء والنواب لـ«الشرق الأوسط» أن الموقف الأميركي من العقوبات على «حزب الله» وإيران بتهمة زعزعتهما الاستقرار في لبنان والمنطقة، لم يكن موضع نقاش من وجهة نظره، بمقدار ما أن مهمته بقيت محصورة بمن التقاهم في زيارته لبيروت في إبلاغهم بمضمون الموقف الذي يعبّر عنه باستمرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
ولفت بومبيو، كما نقل عنه الوزراء والنواب، إلى أن تضييق الحصار المالي والاقتصادي على إيران و«حزب الله» أمر ضروري لا بد منه لوقف تدخّلهما في زعزعة الاستقرار وتهديد السلام في لبنان والمنطقة، وأن إدراج مَنْ يثبت تعامله معهما في لبنان على لائحة العقوبات من شأنه أن يساعد على حماية الدولة اللبنانية وسيادتها واستقلالها.
ورأى بومبيو - بحسب هؤلاء - أن إيران من خلال تدخّلها إلى جانب أذرعها في لبنان والمنطقة تمارس شتى أنواع الإرهاب. ولمح إلى أن واشنطن تحرص على حماية الاقتصاد في لبنان، وتعمل على تحييده عن الأضرار التي ستلحق بالذين ستُدرج أسماؤهم على لائحة العقوبات، مؤكداً دعم بلاده لمؤتمر «سيدر» لمساعدة لبنان، للنهوض من أزمته الاقتصادية، إضافة إلى أنها تحث المستثمرين الأميركيين على الاستثمار فيه.
وشدد بومبيو على أن العقوبات لن تتوقف عند حدود معينة، بل ستزداد تدريجياً لتجفيف الموارد المالية لـ«حزب الله» وإيران، وقال - بحسب زواره - إن هذه العقوبات قائمة، ولم تتخذ للتراجع عنها، مهما كانت الاعتبارات.
ومع أن بومبيو أراد من خلال لقاءاته أن يرسم حدود الاشتباك الإيراني مع «حزب الله»، وإيران، تحت سقف المواقف التي تصدر تباعاً عن الرئيس ترمب، فإن وزراء ونواباً لاحظوا أن الوزير الأميركي ترك هامشاً من السماح للبنان، لئلا يتضرر اقتصاده، الذي يعاني أزمة خانقة، شرط التقيُّد بالبيان الوزاري لحكومة الرئيس سعد الحريري. كما أن بومبيو لم يفاجأ بما سمعه من رئيسي الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل، في اعتراضهم على ما سمعوه منه ضد «حزب الله»، مع أن رئيس الحكومة سعد الحريري شدد خلال اجتماعه به على أن الحكومة تتقيد بحرفية ما ورد في بيانها الوزاري حول النأي بلبنان عن الصراعات الدائرة في المنطقة، وتحييده عن النزاعات العسكرية فيها، إضافة إلى التزامها بمكافحة الإرهاب وتبييض الأموال، انسجاماً مع التشريعات التي صدرت في هذا الخصوص عن المجلس النيابي.
ولاحظت مصادر مواكبة للمحادثات التي أجراها بومبيو مع باسيل، أن ما صدر عنهما في مؤتمرهما الصحافي المشترك كان أعداه سلفاً، وأكدت بما توافر لديها من معلومات أنهما أجريا نقاشاً جدّياً من موقع الاختلاف؛ خصوصاً بالنسبة إلى ما حمله الأول لجهة تشدّده في العقوبات على إيران و«حزب الله».
وبالنسبة إلى ترسيم الحدود البحرية لحل استمرار النزاع بين لبنان وإسرائيل في «البلوكين» 8 و9، اللذين يقعان في المنطقة الاقتصادية البحرية للبنان، فإن بومبيو تبنى حرفياً ما كان اقترحه في السابق الوسيط الأميركي فريدريك هوف لتسوية النزاع البحري بين البلدين، الذي يؤخر البدء بالتنقيب عن الغاز والنفط في هذه المنطقة.
لكن كان للرئيس بري وجهة نظر أخرى، تقضي بأن يحال النزاع على اجتماع خبراء من البلدين، برعاية الأمم المتحدة، يُعقد في مقر القوات الدولية في الناقورة، على غرار الاجتماع العسكري الثنائي بين البلدين، تحت إشراف «يونيفيل»، ومع أن باسيل لم يقل كلمة الفصل في هذا الخصوص، إفساحاً في المجال أمام التشاور مع أركان الدولة، فإن تمسّك بومبيو بخطة هوف لم يقفل الباب أمام الطروحات الأخرى، وإن كان شدّد على ضرورة مبادرة لبنان إلى الاستفادة من الوقت، لأن أي تأخير يلحق به الضرر.
يذكر أن بومبيو كرر ما قاله مساعده ديفيد ساترفيلد، الذي حضر في عداد الوفد، وكان زار لبنان سابقاً، أن العقوبات على إيران و«حزب الله» بدأت تحقق نتائج ملموسة أكثر مما كنا نتوقعه، مضيفاً أن واشنطن على تواصل مع دول الاتحاد الأوروبي للانضمام إليها في مكافحتها للإرهاب وتصدّيها للدول الداعمة له، باعتبار أن الحرب الاقتصادية التي تخوضها الآن تبقى أفعل من غيرها.
كما أن موضوع عودة النازحين السوريين إلى بلداتهم وقراهم لم يغب عن جدول أعمال مباحثات بومبيو في بيروت، ونقل عنه عدد من الوزراء والنواب قوله إن عودة هؤلاء يجب أن تكون آمنة وطوعية، انسجاماً مع ما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة الواجب علينا احترامه والتقيُّد به في تعاملنا مع هذا الملف، لكن لن نكون عائقاً أمام العودة الطوعية لمن يرغب من النازحين المقيمين في لبنان، لأننا ندرك الأعباء المالية التي يتحملها، من جراء استضافتهم، رغم ما يقدّمه المجتمع الدولي من دعم له. ونقل هؤلاء عن بومبيو قوله إن العودة الآمنة والطوعية لم تحن بعد، وإن الممر الإلزامي لها يكمن في إيجاد الحل السياسي للحرب في سوريا، وبالتالي من غير الجائز تفسير موقفنا بأننا نغض النظر عن توطينهم في لبنان، فهذا أمر مرفوض، لأننا لسنا في وارد تقويض الخصوصية التي يتمتع بها هذا البلد، والتي لا يمكن أن تحتمل أي إخلال في التوازن الطائفي.
وبالنسبة إلى القرار الذي صدر أخيراً عن الرئيس ترمب بخصوص تأييد واشنطن ضم هضبة الجولان المحتلة إلى إسرائيل، قالت مصادر مواكبة إنه جرى التطرُّق إليه، لأنه يقضي على آخر فرصة لتحقيق السلام في المنطقة، لكن يبدو أن الرئيس الأميركي باقٍ على موقفه، من وجهة نظر من يلاحظون تفاهمه الكامل مع الإجراءات التوسّعية لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، الذي يستعد لخوض الانتخابات النيابية المبكّرة.
ويعزو هؤلاء السبب إلى أن ترمب الذي يتطلع للبقاء في البيت الأبيض لولاية رئاسية ثانية، بات على استعداد لإرضاء إسرائيل، لعله يكسب أصوات اللوبي اليهودي في الانتخابات، على خلاف تصويته في الانتخابات السابقة لصالح منافسته هيلاري كلينتون.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.