كان المفترض أن يصبح لاعب الوسط الماهر أدريان رابيو هو القوة الضاربة لفريقه لكن الأزمة التي أثيرت بشأن عقده وسلوكه عقب الهزيمة التي مني بها باريس سان جيرمان أمام مانشستر يونايتد تسببت في إبعاده من التشكيل الأساسي بل والإبعاد تماما حتى عن تدريبات بطل فرنسا.
وأصر أدريان رابيو في مقابلة مع التلفزيون الفرنسي الأسبوع الماضي على أنه لم يرتكب أي مخالفة ولم يتخلف عن النادي وقال: «أنا لم أبتعد. أنا في استعداد دائم من أجل النادي، ولو كنت ضمن التشكيل الأساسي للفريق، كنت سأظل دائما اللاعب الأبرز».
واستبعد رابيو عن تشكيلة النادي الباريسي منذ فشل المفاوضات بشأن تمديد عقده، ما دفعه إلى الاحتكام للجنة الشؤون القانونية في رابطة الدوري المحلي لأن سان جيرمان لا يحترم «ميثاق كرة القدم المحترفة»، وهو الاتفاق الجماعي الوطني الذي يحكم مهن كرة القدم.
ثم تفاقمت الأزمة بين الطرفين حين قرر سان جيرمان إيقاف اللاعب من 14 مارس (آذار) حتى 27 منه على خلفية السهر في ملهى ليلي مباشرة بعد خروج بطل فرنسا من الدور ثمن النهائي لمسابقة دوري أبطال أوروبا بخسارته على أرضه أمام مانشستر يونايتد 1 - 3 في السادس من الشهر الحالي، ولإبداء إعجابه على وسائل التواصل الاجتماعي بمقطع فيديو لمدافع يونايتد السابق باتريس إيفرا يحتفل بخسارة النادي الباريسي.
ويعتبر رابيو الذي يتدرب مع الفريق الرديف بقرار إداري، أن سان جيرمان لا يحترم «ميثاق كرة القدم المحترفة»، وتسمح المادة 507 من الميثاق بإنزال لاعب محترف للتمرن مع الفريق الرديف عوضا عن الفريق الأول، لكن «يجب القيام بذلك مؤقتا لأسباب رياضية حصرية تتعلق بإدارة القوى العاملة».
وتواصل المادة «يجب ألا يتم إطالة أمد ذلك في أي حال من الأحوال بطريقة منتظمة ودائمة ونهائية، لأن خطوة مماثلة بإبعاد اللاعب تخالف روح النص وعقد عمل لاعب كرة القدم المحترف».
لكن البعض في العاصمة الفرنسية يميلون إلى تبني وجهة نظر باريس سان جيرمان بأن رابيو سقط في فخ «الزلات الكبيرة» في سلوكه بإعجابه بتغريدة باتريس إيفرا، ومن وجهة نظهر بعض الجماهير أي جريمة يمكن أن تكون أشنع من هذه في ظل هذه الحقبة من الهوس بوسائل الإعلام الاجتماعية؟
لكن رابيو أثبت منذ انتقاله إلى النادي تحت قيادة الإيطالي كارلو أنشيلوتي في بارك دي برانس (ملعب الأمراء) أنه لاعب موهوب، فقد أظهر كفاءة منقطعة النظير تجاوزت التوقعات منه.
تعود مشاكل رابيو في باريس سان جيرمان إلى عام 2014 حين كان يتولى لوران بلان مهمة تدريب الفريق، عندما كان لاعب خط الوسط الشاب الذي قضى بضعة أشهر في أكاديمية مانشستر سيتي في سن المراهقة على وشك المغادرة بعد خروجه من القائمة النهائية للفريق الفرنسي.
وكانت والدة رابيو، فيرونيك، التي تعمل وكيلة أعمال ابنها عقب إصابة والده بجلطة دماغية عام 2007 تنتظر بلان أمام كامب دي لوج، مركز تدريب الفريق، في سيارتها. وقالت السيدة رابيو للمدرب الذي أصيب بالذهول: «لا يمكنك فعل ذلك معه. لن أوافق على ذلك».
خلال أسابيع وافق رابيو، الذي كان في دائرة اهتمام فريق روما الإيطالي، على تمديد تعاقده مع سان جيرمان وتحول لاحقاً إلى أحد أهم لاعبي الفريق الفرنسي. وقال رئيس النادي ناصر الخليفي في العام التالي: «حلمي هو أن يصبح رابيو قائدا لفريق باريس سان جيرمان. لكن عليه احترام النادي والمدرب وزملائه».
على الرغم من مشاركة اللاعب المنتظمة في صفوف الفريق في مباريات الدوري والمشاركات الأوروبية تحت قيادة المدرب أوناي إيمري، فقد تسبب تمسك رابيو برفض تمديد عقده الصيف الماضي، في دخوله هو ووالدته في أزمة مع باريس سان جيرمان مرة أخرى، وكذلك مع الاتحاد الفرنسي لكرة القدم. عندما اكتشف أنه طُلب منه البقاء على أهبة الاستعداد بعد استبعاده من تشكيلة ديدييه ديشامب التي ستخوض نهائيات كأس العالم 2018، حيث بعث بريداً إلكترونياً إلى المدرب قائلاً: «لن أتمكن من متابعة برنامج التدريب وبدلاً من ذلك سأشاهد المباريات في المنزل، بينما كان زملاؤه في الفريق في طريقهم إلى المونديال والفوز بالبطولة».
وتفيد تقارير بأن والدة رابيو دخلت في مفاوضات مع الكثير من الأندية الكبيرة خلال الصيف الماضي عندما دخل ابنها في السنة الأخيرة من عقده، كان من بينها برشلونة ويوفنتوس ومانشستر سيتي ومانشستر يونايتد. وكان برشلونة هو الأكثر جدية، حيث قدم عرضا بالفعل للاعب. وعندما رفض المدير الرياضي في سان جيرمان، أنتيرو هنريك، دخل رابيو ووالدته - اللذان يُعتقد أنهما طلبا نحو 10 ملايين يورو إضافية في الموسم للاستمرار في باريس سان جيرمان - في صراع مع النادي الباريسي.
وأحيل رابيو، الذي شارك بصورة أساسية في 12 مباراة في دوري الدرجة الأولى الفرنسي تحت قيادة المدرب الحالي توماس توخيل، إلى مقاعد البدلاء في ديسمبر (كانون الأول) بعد أن أكد مجددا أنه لا يفكر في توقيع عقد جديد، ومن ثم اختفى اللاعب البالغ من العمر ثلاثة وعشرين عاما من على المستطيل الأخضر مع الفريق.
ودأبت والدته على الشكوى - كانت موضوعاً للكثير من الرسوم الكاريكاتورية في الصحافة الفرنسية التي تسخر من سيطرتها على ابنها - وقدمت طلبا إلى رابطة اللاعبين المحترفين للتدخل، واتهمت باريس سان جرمان، بأنه يحتجز نجلها «رهينة» لديه بعد إبعاده تماما عن الفريق.
وانتقدت فيرونيك ما وصفته بـ«التناقض» في موقف النادي الباريسي، موضحة: «نلومه على السهر بينما لا نريده أن يلعب... لا يمكن حبسه. ابني يعاني بسبب كل ما يحدث، ليس بإمكانه أن يجمد حياته بانتظار ما ستؤول إليه الأمور. من الضروري أن يعتني بنفسه، أن يعيش... أدريان لم يلعب منذ ديسمبر وربما يمتد الأمر حتى يونيو (حزيران)». وأضافت فيرونيك: «لا أحد يقبل هذا الموقف في أي ناد فرنسي».
وعن علاقتها بابنها قالت: «نحن نشكل فريقا رائعا لأننا لا نشك في بعضنا البعض، لا أتدخل في طريقة لعبه ولكن عليه التحدث أمام الكاميرا وعليه أن يضبط تصريحاته، لم أوافقه على تغريدته الأخيرة وطالبته بالسيطرة وضبط أفعاله وكلامه».
ويُعتقد أن عقداً مدته خمس سنوات مع برشلونة يتضمن رسوم توقيع بقيمة 10 ملايين يورو (9 ملايين جنيه إسترليني) بالإضافة إلى راتب يزيد قليلاً على 170 ألف جنيه إسترليني أسبوعياً، لا يزال على الطاولة، على الرغم من أنه لم يجر الإعلان عن ذلك رسمياً، لأن هناك شكوكا كبيرة بشأن إمكانية تراجع برشلونة عقب شراء النادي الكتالوني لاعب وسط نادي أياكس الهولندي فرانكي دي يونغ. وفي الوقت نفسه، فإن قرار باريس سان جيرمان بإجراء تحقيق داخلي في سلوك رابيو بشأن المقطع المصور الذي التقطه لنفسه في الملهى الليلي ونشر على الإنترنت بعد ساعات من هزيمة باريس سان جيرمان أمام مانشستر يونايتد وعلى صفحاته على وسائل التواصل الاجتماعي، لم يحظ باهتمام كاف منه أو والدته، حيث قال الخليفي إنه أخلى مسؤوليته من الفتى الذهبي السابق.
وقال هنريك عندما أعلن عن تعليق رابيو: «أرى أنه موقف غير مقبول وينم عن قلة احترام من أدريان تجاه النادي وزملائه ومشجعيه. يجب أن يتذكر أنه سيظل لاعبا في الفريق حتى 30 يونيو 2019». وربطت تقارير مؤخرا بين مانشستر يونايتد وما قام به منبوذ كرة القدم الفرنسية، الذي بات مؤكدا أنه سيغادر نادي طفولته الذي لعب له 150 مباراة مع الفريق الأول وفاز بست مباريات فقط لبلاده حتى الآن. وتبدو احتمالية مشاركته في المنتخب الفرنسي تحت قيادة ديشامب مع بدء فرنسا رحلة البحث عن البطولة في تصفيات كأس أمم أوروبا 2020 مستبعدة ولو على المدى القصير خلال الشهور المقبلة، إذ لا يتوقع أن يبدي المدير الفني رغبة في ضم هذه الشخصية المثيرة للانقسام في فريقه.
أدريان رابيو... فتى ذهبي تحول إلى منبوذ في سان جيرمان
اللاعب الموهوب استبعد تماماً عن التدريب مع الفريق لسوء السلوك... واتهامات متبادلة بين والدته وناديه
أدريان رابيو... فتى ذهبي تحول إلى منبوذ في سان جيرمان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة