«قوات سوريا الديمقراطية» تتعهد قتال «داعش» بعد القضاء على مناطقه

رئيسة المجلس السياسي تقترح الحوار مع دمشق... والسفير الأميركي يؤكد استمرار دعم التحالف الدولي

القائد العسكري لـ«قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي يتحدث خلال الاحتفال بإعلان النصر على «داعش» في حقل «العمر» بدير الزور أمس (إ.ب.أ)
القائد العسكري لـ«قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي يتحدث خلال الاحتفال بإعلان النصر على «داعش» في حقل «العمر» بدير الزور أمس (إ.ب.أ)
TT

«قوات سوريا الديمقراطية» تتعهد قتال «داعش» بعد القضاء على مناطقه

القائد العسكري لـ«قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي يتحدث خلال الاحتفال بإعلان النصر على «داعش» في حقل «العمر» بدير الزور أمس (إ.ب.أ)
القائد العسكري لـ«قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي يتحدث خلال الاحتفال بإعلان النصر على «داعش» في حقل «العمر» بدير الزور أمس (إ.ب.أ)

أعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» بعد ستة أشهر من هجوم بدأته في سبتمبر (أيلول) العام الماضي، ضد آخر معقل لعناصر «داعش» في ريف دير الزور الشمالي، انتهاء العمليات العسكرية وانتهاء مناطق التنظيم جغرافياً التي أقامها على مناطق واسعة سيطر عليها في سوريا، بعد سنوات أثار فيها التنظيم الرعب ونشر الخوف حول العالم.
وقال مظلوم عبدي القائد العام لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، في مؤتمر صحافي عقد بحقل عمر شمال مدينة دير الزور، بحضور السفير الأميركي ويليام روباك ممثل الرئيس الأميركي لدى التحالف، ومسؤولين عسكريين من التحالف الدولي المناهض لتنظيم داعش، «نعلن اليوم عن تدمير ما كان يسمى بتنظيم داعش وإنهاء سيطرته الميدانية بآخر جيوبه في منطقة الباغوز، بدعم ومساندة من التحالف الدولي»، وأضاف أنهم فخورون «بما أنجزناه بحربنا ضد تنظيم داعش وإنقاذ 5 ملايين نسمة، وتحرير 52 ألف كيلومتر وإزالة خطر الإرهاب الذي هدد البشرية».
وكشف عبدي عن حصيلة القتلى والجرحى في صفوف «قوات سوريا الديمقراطية»، وأوضح قائلاً: «هذه الانتصارات كانت باهظة الثمن، ارتقى أكثر من 11 ألف مقاتل من قواتنا، كما سقط ضحايا مدنيون كانوا هدفاً لإرهاب (داعش)، وأصيب أكثر من 21 ألف مقاتل بجراح وإصابات مستدامة».
وخلال الأسابيع الأخيرة، علّقت هذه القوات مراراً هجومها ضد جيب التنظيم، ما أتاح خروج عشرات الآلاف من الأشخاص، غالبيتهم نساء وأطفال من أفراد عائلات المقاتلين، وبينهم عدد كبير من الأجانب. وبحسب إحصاءات «قوات سوريا الديمقراطية»، خرج أكثر من 66 ألف شخص من جيب التنظيم منذ مطلع العام الجاري، بينهم 37 ألف مدني و5000 متطرف يشتبه بانتمائه للتنظيم ونحو 24 ألفاً من أفراد عائلاته، كما أفادت باعتقال 520 إرهابياً في عمليات خاصة.
وشدّد عبدي عن بدء مرحلة جديدة في محاربة إرهابيي تنظيم داعش من خلال الاستمرار بحملات عسكرية وأمنية دقيقة بالتنسيق مع قوات التحالف الدولي، وقال: «بهدف القضاء الكامل على الوجود العسكري السري لتنظيم (داعش)، المتمثل في خلاياه النائمة والتي ما تزال تشكل خطراً كبيراً على منطقتنا والعالم بأسره»، وطالب تركيا بالكف عن التدخل في شؤون سوريا الداخلية وتهديد أمنها باستمرار، وأضاف: «ندعو تركيا الخروج من الأراضي السورية وفي مقدمتها عفرين واعتماد الحوار سبيلاً لحل المشاكل العالقة في المنطقة على أساس الاحترام المتبادل وعلاقات حسن الجوار».
ولا يعني حسم المعركة في ريف دير الزور شرق سوريا انتهاء خطر التنظيم، في ظل قدرته على تحريك خلايا نائمة في المناطق الخارجة عن سيطرته واستمرار وجوده في البادية السورية المترامية الأطراف، فعناصر «داعش» يبسطون السيطرة على جيب صحراوي إلى الغرب من نهر الفرات، تحيط به القوات النظامية الموالية للأسد، وميليشيات إيرانية والحشد الشعبي من الجهة العراقية.
وقال السفير روباك: «الولايات المتحدة فخورة بلعب دورها مع 79 دولة لإنجاح هذه الجهود والقضاء على تنظيم داعش جغرافياً. بفضل شركائنا السوريين والذين فقدوا الآلاف من الجنود لاستعادة وطنهم»، مشيراً إلى أنّ الولايات المتحدة الأميركية وأعضاء دول التحالف الدولي 79. «قدمت كل الدعم والمساندة لإنجاح مهامها، ونتعهد بمواصلة تقديم الدعم في محاربة التنظيم حتى إتمام مهمتها على أكمل وجه».
وتنظيم داعش كان قد أعلن في يناير (كانون الثاني) 2014 السيطرة على مساحات واسعة عادلت مساحتها مساحة بريطانيا في ذروة قوته منتصف 2015. ومُني بخسائر ميدانية كبرى خلال العامين الأخيرين، على وقع هجمات شنتها أطراف عدة، أبرزها قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن ومشاركة دول غربية وعربية كالسعودية والإمارات المتحدة والأردن.
ودعت إلهام أحمد، رئيسة «مجلس سوريا الديمقراطية»، وتعد المظلة السياسية لـ«قوات سوريا الديمقراطية» الحكومة المركزية في دمشق إلى تفضيل لغة الحوار على التهديد العسكري، وقالت: «ندعو الحكومة للبدء بخطوات عملية للوصول إلى حل سياسي على أساس الاعتراف بالإدارات الذاتية الديمقراطية التي تدير مناطق شمال وشرق البلاد، والقبول بخصوصية قواتها العسكرية».
ووصفت أحمد المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف وباقي منصات الحوار والتفاوض، بأنها «غير مكتملة»، وتعزو السبب إلى: «عدم إشراك ممثلي الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا والمشاركة فيها، وأشير إلى ضرورة حضور ممثلي الإدارة في جميع المباحثات والمفاوضات للمشاركة في رسم مستقبل سوريا الجديدة».
وتكبد التنظيم أكبر هزائمه العسكرية في عام 2017 عندما فقد السيطرة على مدينة الموصل بالعراق والرقة في سوريا، أبرز معاقل كانت خاضعة لسيطرته في ذروة قوته منتصف 2015، وأُجبر مسلحو التنظيم بعد ذلك على الاتجاه نحو آخر معقل لهم في الباغوز والتي تتألف من مجموعة من القرى وأرض زراعية منتشرة على سهل الضفة الشرقية لنهر الفرات.
وعمدَ تنظيم داعش إلى بثّ الشعور بالرعب من خلال نشر صور وأفلام مروعة، مثل مشاهد حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة حياً بشهر فبراير (شباط) 2015، وتعليق رؤوس جثث عشرات الجنود السوريين - أشباه عراة - الذين أُسِروا في مطار الطبقة العسكري بيوليو (تموز) 2014. وتصفية وقتل عشرات المواطنين الأجانب من صحافيين وعاملين في منظمات إغاثة.


مقالات ذات صلة

تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

المشرق العربي فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)

تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

أبدت تركيا توافقاً مع الأردن على العمل لضمان وحدة وسيادة سوريا ودعم إدارتها الجديدة في استعادة الاستقرار وبناء مستقبل يشارك فيه جميع السوريين من دون تفرقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عبد القادر مؤمن

كيف أصبح ممول صومالي غامض الرجل الأقوى في تنظيم «داعش»؟

يرجّح بأن الزعيم الصومالي لتنظيم «داعش» عبد القادر مؤمن صاحب اللحية برتقالية اللون المصبوغة بالحناء بات الرجل الأقوى في التنظيم

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا سائقو الشاحنات يتجمعون بجوار شاحنات إمدادات المساعدات المتوقفة على جانب الطريق في هانجو يوم 4 يناير 2025 بعد أن نصب مسلحون كميناً لقافلة مساعدات باكستانية (أ.ف.ب)

مقتل 6 أشخاص جرَّاء هجوم انتحاري جنوب غربي باكستان

لقي 6 أشخاص مصرعهم، وأصيب أكثر من أربعين بجروح، جراء هجوم انتحاري استهدف موكباً لقوات الأمن في منطقة تُربت، بإقليم بلوشستان، جنوب غربي باكستان.

الولايات المتحدة​ حاكم ولاية لويزيانا جيف لاندري (الثاني من اليمين) يتفقد شارع بوربون في الحي الفرنسي بنيو أورليانز بعد هجوم إرهابي في 1 يناير (أ.ف.ب)

منفذ هجوم الدهس في نيو أورليانز امتلك مواد تستخدم لصنع قنابل

أفاد مسؤولون في أجهزة الأمن بأن الرجل الذي صدم حشدا من المحتفلين برأس السنة في نيو أورليانز كان يمتلك في منزله مواد يشتبه في استخدامها لصنع قنابل.

«الشرق الأوسط» (نيو أورليانز)
أفريقيا وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية عن أن قوات مكافحة الإرهاب والحرس الوطني أوقفت مؤخراً مجموعة من المتهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» في محافظات تونسية عدة.

كمال بن يونس (تونس)

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.