مظاهرات هادئة لـ«السترات الصفر» في يوم اختبار للحكومة الفرنسية

قوات من الشرطة الفرنسية للحماية أمام أحد البنوك في باريس أمس (رويترز)
قوات من الشرطة الفرنسية للحماية أمام أحد البنوك في باريس أمس (رويترز)
TT

مظاهرات هادئة لـ«السترات الصفر» في يوم اختبار للحكومة الفرنسية

قوات من الشرطة الفرنسية للحماية أمام أحد البنوك في باريس أمس (رويترز)
قوات من الشرطة الفرنسية للحماية أمام أحد البنوك في باريس أمس (رويترز)

بلغ عدد متظاهري «السترات الصفراء» في السبت التاسع عشر على التوالي 8 آلاف متظاهر، بينهم 3100 في باريس، بحسب وزارة الداخلية، بينما وصل عددهم السبت الماضي إلى 14500 في مختلف أنحاء فرنسا، بينهم 10 آلاف في باريس التي شهدت أعمال نهب وتخريب. ونشرت الشرطة الفرنسية تعزيزات في وسط باريس ومدن أخرى السبت استعداداً لمظاهرة في مناخ من التوتر غذته مخاوف من حدوث أعمال عنف جديدة. وينطوي هذا السبت التاسع عشر من المظاهرات على مخاطر للرئيس إيمانويل ماكرون المصمم على إثبات أن حكومته تسيطر على الفضاء العام، وذلك بعد أسبوع من مشاهد عمليات تخريب ونهب في جادة الشانزليزيه.
وسار المحتجون بهدوء في باريس، وتجنبوا جادة الشانزليزيه التي منعوا من التوجه إليها، وسط تدابير أمنية مشددة. وتم حظر التظاهر في هذه الجادة والمناطق المحيطة بها وضمن مربع يشمل القصر الرئاسي والجمعية الوطنية. ومنع قرار من رئيس شرطة باريس معدات الاحتماء وما من شأنه إخفاء معالم الوجه وحمل الأسلحة، حتى المقلدة منها، ونص على فرض غرامات كبيرة لكل مخالفة لحظر التظاهر. ونددت رابطة حقوق الإنسان بالقرارات معتبرة أنها «تعدٍ خطير وجديد على حرية التظاهر»، وتقدمت بشكوى إلى مجلس الدولة أعلى سلطة قضائية إدارية في فرنسا. لكن الإجراء الأكثر إثارة للجدل تمثل في مشاركة الجيش. ولإنهاء الجدل قال ماكرون إن الجيش ليس مكلفاً البتة بحفظ النظام العام.
وتوعد وزير الداخلية كريستوف كاستنير بعدم التسامح التام مع المخربين، وحض محافظ باريس الجديد على تطبيق التعليمات «بلا تردد وبصورة كاملة».
وتبقى معرفة درجة التعبئة بين المحتجين خصوصاً أن بعضهم دعا على «فيسبوك» إلى «عدم الوقوع في فخ التصعيد الذي لا جدوى منه»، في حين أصر آخرون على تنظيم مظاهرات غير معلنة مسبقاً. وتم منع المظاهرات في الأماكن الرمزية ضمن 15 مدينة، فيما طلب من الجيش حماية بعض المواقع ليتفرغ عناصر الشرطة للحفاظ على النظام. وفي العاصمة، انتشرت آليات عدة تابعة للشرطة، ومدرعات وعربات بمدافع مياه.
وتوجه المحتجون إلى ساحة «دنفر روشرو» جنوب باريس، قبل التوجه بعد الظهر إلى «ساكريه كور» (شمال)، وسط هتافات «ماكرون استقالة»، كما قال صحافي في الصحافة الفرنسية.
ووعدت الحكومة بـ«التشدد» بعدما نفذت هذا الأسبوع تغييرات في أعلى هرم الشرطة التي اعتبرت مسؤولة عن «الخلل» الذي شاب المظاهرة الـ18. وحذرت وزيرة العدل نيكول بيلوبيه: «سنكون بلا رحمة مع المخربين».
وبعد الظهر، كان 51 شخصاً قد اعتقلوا في باريس، وتم استجواب 29 آخرين لتظاهرهم في مساحة ممنوعة، كما جرت 4700 عملية تفتيش وقائية، بحسب ما ذكرت الشرطة.
وفي الصباح، حاول عشرات الأشخاص في نيس (جنوب شرقي) التي تتحضر لاستضافة الرئيس الصيني تشي جينبينغ، تحدي الحظر المفروض على التظاهر في ساحة «غاريبالدي» الواسعة والرمزية في المدينة المتوسطية، ولكن سرعان ما طوقتهم قوات الأمن.
وقالت الشرطة إن 6 أشخاص أوقفوا، فيما أصيبت متظاهرة في هذه المدينة التي تترقب زيارة الرئيسين الصيني والفرنسي الأحد والاثنين.
وفي تولوز (جنوب غربي)، تظاهر بضعة آلاف في وسط المدينة مرددين: «نحن هنا حتى لو لم يرغب ماكرون»، غير أنهم ظلوا خارج ساحة «كابيتول» التاريخية التي منعت فيها السلطات المحلية أي تجمع حتى العاشرة مساء.
ولا يظهر أي مخرج للأزمة رغم أن تأييد الرأي العام لـ«السترات الصفر» في انخفاض شديد (تراجع بثماني نقاط منذ أعمال العنف السبت). وتحوّل هذا الحراك الذي بدأ في نوفمبر (تشرين الثاني) نتيجة استياء من الوضعين الاجتماعي والمالي، إلى احتجاج متعدد الأوجه يفتقد إلى قيادات تمثيلية، ولم يخفت مع إطلاق إيمانويل ماكرون «النقاش الوطني الكبير» في محاولة للإجابة على تطلعات الفرنسيين. والأسبوع الماضي، اختتم هذا النقاش الكبير الذي تخلله انعقاد أكثر من 10 آلاف جلسة في مختلف أنحاء البلاد، تناولت محاور متنوعة مثل القدرة الشرائية، العبء الضريبي، الصحة، الثقافة، أو التربية، وبات يتوجب على الحكومة صوغ مقترحات.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.