انطلاق فعاليات «أسبوع بيروت السينمائي» في عدة مناطق لبنانية

تلتقي فيه «أيام بيروت السينمائية» ومهرجانا «لوكارنو»

مشهد من فيلم الافتتاح لـ«أيام بيروت السينمائية» بعنوان «عن الآباء والأبناء»
مشهد من فيلم الافتتاح لـ«أيام بيروت السينمائية» بعنوان «عن الآباء والأبناء»
TT

انطلاق فعاليات «أسبوع بيروت السينمائي» في عدة مناطق لبنانية

مشهد من فيلم الافتتاح لـ«أيام بيروت السينمائية» بعنوان «عن الآباء والأبناء»
مشهد من فيلم الافتتاح لـ«أيام بيروت السينمائية» بعنوان «عن الآباء والأبناء»

مجموعة من الأفلام الوثائقية، وأخرى من «القصيرة» و«الروائية الطويلة» و«التجريبية»، التي تعكس واقع المجتمعات العربية، تتلقفها عروض مهرجان «أسبوع بيروت السينمائي». وابتداء من 29 مارس (آذار) الحالي إلى 6 أبريل (نيسان) المقبل ستتوزع عروض هذا الحدث، الذي بات تقليداً سنوياً في لبنان، ما بين العاصمة بيروت وعدد من المناطق الجبلية. وينظم هذا الحدث بالشراكة مع «بيروت دي سي» و«جمعية متروبوليس للسينما» و«مؤسسة سينما لبنان».
«ما تتميز به الدورة العاشرة من (أيام بيروت السينمائي) خيارات غنية بأعمال سينمائية عربية شاركت في مهرجانات عالمية»، تقول كارين خلف المشاركة في تنظيم هذا الحدث. وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «كما أنه يتضمن ورش عمل ونشاطات تقام للمرة الأولى مثل مسابقة (موسيقى الفيديو)، التي نشجع من خلالها هواة صناعة الأفلام القصيرة والكليبات الغنائية. فهذه الموهبة يمكن أن تتطور مع الوقت لتصبّ في صناعة الأفلام السينمائية». وتشير خلف في سياق حديثها إلى أن اللامركزية التي يتبعها المهرجان هذه السنة تعزز فعالياته، فهو يقدم عروضاً سينمائية في «سينما أشبيلية» في صيدا وفي «بيت الفنان» في حمانا، إضافة إلى أخرى تحتضنها «صالات متروبوليس» و«دار النمر» في بيروت.
ويفتتح «أسبوع بيروت السينمائي» مع الدورة العاشرة لمهرجان «أيام بيروت السينمائية»، التي تنظمها جمعية «بيروت دي سي». وتحت عنوان «التنوّع» سيأخذنا في جولة على أهم القضايا الراهنة في العالم العربي. فكما المجازر الإسرائيلية في حق الفلسطينيين، والتشتت الذي يعانونه، مروراً بثورات مصر وتونس وليبيا وظاهرتي التطرف والعنف ومعاناة اللجوء، ووصولاً إلى قضايا الفقر والفساد المتفشية في مجتمعاتنا وقضايا إنسانية أخرى تتناول سعي المرأة العربية إلى التحرر والانطلاق.
ومع الفيلم الوثائقي «عن الآباء والأبناء» للمخرج السوري طلال ديركي، يفتتح المهرجان فعالياته في 29 من الشهر الحالي. ويحكي الفيلم قصة عائلة أحد عناصر التنظيمات الإسلامية المتطرفة، وكيف يريد الأب انخراط ابنه فيها ليصبح مقاتلاً. فيتعرف المشاهد عن كثب إلى موضوع التطرف وتوارث ثقافة العنف ومستقبل الجيل الجديد في سوريا. وقد مثّل هذا الفيلم سوريا في «جائزة الأوسكار» لهذا العام، وكان أحد الأفلام الخمسة المرشحة عن فئة الفيلم الوثائقي. كما عُرضَ في «مهرجان الأفلام الوثائقية» في أمستردام و«مهرجان صندانس» في الولايات المتحدة وسواهما.
«هو عمل سينمائي وثائقي من النوع التوعوي، إذ يحكي واقعاً نعايشه، وعلينا التنبه منه، لأنه قد يأخذنا إلى مستقبل متطرف وقاتم»، تقول زينة صفير المسؤولة الفنية في المهرجان. وتوضح في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «غالبية الأفلام المعروضة في هذا المهرجان تعكس واقعنا العربي والمشكلات التي نعاني منها على جميع الأصعدة. ويأتي فيلم الافتتاح ليلقي الضوء على هذه المعاناة من ناحية، وليبرز الناحيتين الفنية والتقنية المتطورتين اللتين ساهمتا في وضع أعمالنا العربية على الخريطة العالمية. فجميع الأفلام التي اخترناها ترتكز على مستوى فني رفيع، أولاً، كما على فكرة أو قصة تحكي واقعنا».
ومع فيلم «يوم الدين»، يختتم المهرجان فعالياته في 6 أبريل المقبل، وهو من تأليف وإخراج السينمائي المصري أبو بكر شوقي. ويتناول قصة رجل ترعرع داخل مُستعمرة للمصابين بالجُذام، ينطلق في رحلة بحث عن جذوره. ويؤدي دور هذا الرجل راضي جمال الذي أرسل إلى هذه المستعمرة في سن المراهقة بسبب تشخيص خاطئ. وتعلّق صفير في سياق حديثها: «هناك اليوم في مصر ظاهرة لافتة تتمثل بموجة السينما المستقلة بعناصرها من الشباب الطموح. ولقد اخترنا هذا الفيلم لأبو بكر شوقي ليكون بمثابة نموذج حي لهذه الظاهرة. فالمعروف أن الأفلام المصرية ارتكزت عبر التاريخ على نجوم تمثيل لترويجها، أما اليوم ومع السينما المستقلة الشبابية فنلاحظ العكس، إذ يتم الاعتماد فيها على عناصر تمثيلية مهمشة أو صاعدة. وهي رغم ذلك استطاعت دخول المسابقة الرسمية في (مهرجان كان) لهذه السنة، فلاقت الإعجاب والتقدير المطلوبين، كونها قدمت نمطاً جديداً في عالم السينما المصرية».
ويشمل برنامج المهرجان أفلاماً لأربعة مخرجين مصريين آخرين، بينها الوثائقي «الحلم البعيد» لمروان عمارة والألمانية يوهانا دومكي، و«أمل» لمحمد صيام، الذي عرض في افتتاح «مهرجان أمستردام الدولي للأفلام الوثائقية»، و«ليل خارجي» لأحمد عبد الله، و«عفاريت الأسفلت» للمخرج المصري أسامة فوزي الذي توفي في سن مبكرة أخيراً، في تحية تكريمية له في مناسبة عيد ميلاده الذي يقع في هذا الشهر. ويتناول «تأتون من بعيد» للمخرجة المصرية أمل رمسيس قصة غير عادية لعائلة فلسطينية، تشتتت وافترقت عن بعضها البعض بسبب الاضطرابات التي شهدها القرن العشرون.
ويخصص المهرجان تحية تكريمية للمخرجة الراحلة جوسلين صعب، في ندوة يديرها المخرج هادي زكّاك في «دار النمر» في بيروت، ويشارك فيها كلّ من فواز طرابلسي وميشال تيّان وملاك مروّة، الذين يتناولون نظرة ثلاثة أجيال إلى مسيرة الراحلة.
ومن فلسطين، ومن خلال فئة «نظرة على غزة»، التي تنظّم بالتعاون مع جمعية «التعاون»، سيُعرَض عدد من الأفلام، بينها الوثائقي «طريق السمّوني» للمخرج الإيطالي ستيفانو سافونا، ويتناول أحداث المجزرة التي سقط ضحيتها 29 من أفراد عائلة السمّوني خلال عرس في مدينة غزة.
وفي الفيلم التجريبي الوثائقي نتابع «طرس رحلة الصعود إلى المرئي» للبناني غسان حلواني، ويتناول قصة رجل تم اختطافه في لبنان قبل 35 عاماً.
ومن الأفلام الوثائقية اللبنانية المشاركة في المهرجان «بمشي وبعدّ» لسينتيا شقير، ويتناول اللاجئين في جزيرة لسبوس اليونانية. وفي فيلم «المرجوحة» الوثائقي للبناني سيريل عريس، الذي حصل على الجائزة البرونزية في «مهرجان الجونة»، وجائزة لجنة التحكيم من مهرجان «مدفيلم» في روما، يصور المخرج جده وجدته وطريقة تعاطيهما مع فاجعة وفاة ابنتهما. وتطول لائحة اللبنانيين المشاركين في المهرجان لتطال غسان سلهب في الفيلم التجريبي «وردة» المستوحى من حياة الفيلسوفة والمناضلة الشيوعية روزا لوكسمبرغ.
ويتضمن البرنامج يوماً مخصصاً للأفلام التجريبية، وتعرض فيه أيضاً إلى جانب فيلم سلهب، أفلام للمخرجين الشباب رامي صباغ وغادة الصايغ ولورنس أبو حمدان، وفيلم «It’s a long way from Amphioxus» للفلسطيني كمال الجعفري في أول عرض له بعد مشاركته في «مهرجان برلين».
ومن ليبيا تشارك المخرجة نزيهة عريبي عن فيلم «حقول الحرية»، ومن السودان نتابع قصة حبّ تدور في زمن الحرب الأهلية، من خلال فيلم «أكاشا» للمخرج حجوج كوكا. أما حصة المغرب العربي من المهرجان فهي ثلاثة، بينها «في عينيا» للمخرج التونسي نجيب بلقاضي، و«طفح الكيل» للمغربي محسن البصري، و«ريح ربّاني» للمخرج الجزائري مرزاق علواش.
ويشارك 21 مشروعاً سينمائياً في الدورة الرابعة من «ملتقى بيروت السينمائي»، ويقام في «فندق البريستول» في بيروت ما بين 29 و31 من الشهر الحالي ضمن «أسبوع بيروت السينمائي». وتشكّل منصّة للإنتاج المشترك تجمع نحو 40 اختصاصياً ومنتجاً لبنانياً وعربياً وأجنبياً. وتشمل المسابقة الرسمية للملتقى 14 مشروعاً قيد التطوير، و7 قيد الإنجاز، فيما أدرِجَت 8 مشروعات خارج المسابقة.
وفي إطار برنامج «Good Pitch بالعربي» الذي يندرج ضمن أنشطة «أسبوع بيروت السينمائي»، تُقام ورشة عمل تفاعلية تشاركيّة تمتدُّ على أربعة أيام بعنوان «مختبر صناعة التأثير» Impact Lab، يتدرب المشاركون فيها على دور مهني جديد يُسمّى «منتِج التأثير»، ويتمثل في صناعة التأثير من خلال الأفلام الوثائقية لخدمة قضايا المجتمع والمساهمة في «التغيير المجتمعيّ».


مقالات ذات صلة

جوي فرام لـ«الشرق الأوسط»: أتطلّع لمستقبل سينمائي يرضي طموحي

يوميات الشرق جوي تتسلّم جائزة «أفضل ممثلة» في مهرجان «بيروت للأفلام القصيرة» (جوي فرام)

جوي فرام لـ«الشرق الأوسط»: أتطلّع لمستقبل سينمائي يرضي طموحي

تؤكد جوي فرام أن مُشاهِد الفيلم القصير يخرج منه وقد حفظ أحداثه وفكرته، كما أنه يتعلّق بسرعة بأبطاله، فيشعر في هذا اللقاء القصير معهم بأنه يعرفهم من قبل.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق طاقم فيلم «سكر» على السجادة الحمراء (البحر الأحمر السينمائي)

«سكر»... فيلم للأطفال ينثر البهجة في «البحر الأحمر السينمائي»

استعراضات مبهجة وأغنيات وموسيقى حالمة، وديكورات تُعيد مشاهديها إلى أزمان متباينة، حملها الجزء الثاني من الفيلم الغنائي «سكر».

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق «سلمى وقمر»... قصة حقيقية لسائق سوداني اندمج في عائلة سعودية

«سلمى وقمر»... قصة حقيقية لسائق سوداني اندمج في عائلة سعودية

المفاجأة جاءت مع نهاية الفيلم، ليكتشف الجمهور أن «سلمى وقمر» مستلهمٌ من قصة حقيقية. وأهدت المخرجة عهد كامل الفيلم إلى سائقها السوداني محيي الدين.

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق فيلم «الذراري الحمر» للمخرج لطفي عاشور (فيسبوك المخرج)

«الذراري الحمر» رحلة في أعماق العنف والبراءة

يحمل اسم «الذراري الحمر» رمزيةً مزدوجةً تُضيف عمقاً لمعاني الفيلم، فيتجاوز كونه مجرد وصفٍ للأطفال ليعكس روح القصة والرسائل الكامنة وراءها.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق «إلى عالم مجهول» يسلّط الضوء على معاناة اللاجئين الفلسطينيين بأوروبا

«إلى عالم مجهول» يسلّط الضوء على معاناة اللاجئين الفلسطينيين بأوروبا

يجدد الفيلم الفلسطيني «إلى عالم مجهول» للمخرج مهدي فليفل، تسليط الضوء على معاناة اللاجئين الفلسطينيين في أوروبا.

انتصار دردير (جدة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».