العثور على ناجٍ بعد 40 ساعة من انفجار مصنع كيماويات بالصين

ارتفاع حصيلة الحريق إلى 64 قتيلاً... و28 مازالوا مفقودين

موقع انفجار مصنع كيماويّات في الصين (رويترز)
موقع انفجار مصنع كيماويّات في الصين (رويترز)
TT

العثور على ناجٍ بعد 40 ساعة من انفجار مصنع كيماويات بالصين

موقع انفجار مصنع كيماويّات في الصين (رويترز)
موقع انفجار مصنع كيماويّات في الصين (رويترز)

عثر رجال الإنقاذ على ناجٍ بعد نحو 40 ساعة من الحريق الذي وقع جراء انفجار مصنع كيماويات في الصين، بينما ارتفعت حصيلة القتلى إلى 64 شخصاً.
ويعد الحريق بين الأسوأ في تاريخ البلاد، حسبما أعلن مصدر رسمي اليوم (السبت).
وأشارت حصيلة سابقة إلى وجود 47 قتيلاً و90 مصاباً، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت بلدية يانشينغ على شبكة «ويبو» للتواصل الاجتماعي، إنّ الناجي الذي أخرجه رجال الإطفاء من تحت الأنقاض فجر اليوم هو رجل في الأربعينيات من عمره.
ونقلت «شبكة تلفزيون الصين المركزي» الحكوميّة (سي سي تي في) عن رئيس بلدية يانشنيغ، أنّ 28 شخصاً ما زالوا مفقودين.
ونقلت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية عن بلدية يانشينغ، أن أكثر من 600 شخص يتلقون العلاج الطبي عقب الانفجار.
وحسب المصدر نفسه، فإنّ «تحديد هوّيات القتلى والمفقودين يتمّ من خلال مقابلات مع أفراد عائلاتهم واختبارات الحمض النووي».
ووقع الانفجار في المصنع الذي تُديره «تيانجيياي للكيمياويات» في يانشينغ بمقاطعة جيانغسو، الخميس، نحو الساعة 14:50 بالتوقيت المحلي (06:50 بتوقيت غرينتش)، وفق مسؤولين.
وذكرت هيئة رصد الزلازل الصينية أنها سجّلت هزّة بلغت قوّتها 2.2 درجة في مدينة ليانيونغانغ، القريبة من يانشينغ، حيث وقع الانفجار.
وبثّت «سي سي تي في» مقاطع تظهر نوافذ منازل قريبة من المصنع، وهي تتحطم لشدّة الانفجار. كما أظهرت صور جوّية لمنطقة الانفجار دماراً شديداً في مجمع صناعي، حيث كانت لا تزال هناك حرائق مندلعة.
وقال مراسل للشبكة في مكان الحادث، إن ألسنة لهب سامّة تصاعدت من موقع الانفجار.
وقال عاملو إغاثة للشبكة إنّ الوضع على الأرض «معقّد». وأشاروا إلى أنّ الجهود منصبّة على إخراج العمال من المصنع المنكوب.
وأُصيب أشخاص عدّة في محيط الحادث بجروح طفيفة، وفق ما ذكر مسؤولون محلّيون.
وأظهر لقطات أخرى دخاناً رمادياً كثيفاً ينتشر انطلاقاً من المكان.
والحوادث الصناعية شائعة في الصين، بسبب عدم تطبيق معايير السلامة في شكل مشدّد.
ففي نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت، قُتل 23 شخصاً وأصيب 22 آخرون في انفجار تلاه حريق قرب مصنع للكيمياويات في مدينة تشانغجياكو، التي تبعد نحو 200 كلم شمال غربي بكين، والتي من المقرّر أن تستضيف الألعاب الأولمبية الشتوية عام 2022.
وفي يوليو (تموز) الفائت، أدى انفجار في مصنع للكيماويات إلى مقتل 19 شخصاً وإصابة 12 آخرين في مقاطعة سيتشوان (جنوب غرب). وقالت السلطات المحلية إنّ الشركة قامت بعمليات بناء غير قانونية، ولم تخضع لفحوص السّلامة.
وفي 2015 أدّت انفجارات كبيرة في منشأة لتخزين الحاويات إلى مقتل 165 شخصاً على الأقل في مدينة تيانجين الساحلية الشمالية.
وتسببت الانفجارات بخسائر فاقت مليار دولار، وأثارت موجة غضب في البلاد لانعدام الشفافية في كشف أسباب الحوادث وأثرها البيئي.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟