بومبيو يدعو اللبنانيين للتصدي لـ«حزب الله» ويؤكد أن «لا توطين للنازحين السوريين»

عون اعتبر الحزب «منبثقاً عن قاعدة شعبية» وباسيل قال إنه «حزب لبناني غير إرهابي»

TT

بومبيو يدعو اللبنانيين للتصدي لـ«حزب الله» ويؤكد أن «لا توطين للنازحين السوريين»

شن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، من بيروت، أعنف هجوم على «حزب الله»، معتبراً أنه «يسرق موارد الدولة اللبنانية التي هي ملك الشعب»، داعياً اللبنانيين للتصدي للحزب، ومشيراً إلى أن «الاتجار بالمخدرات وتبيض الأموال يضعان (حزب الله) تحت مجهر المجتمع الدولي». وتعهد بومبيو بأن واشنطن ستواصل استخدام كل الوسائل للضغط على إيران و«حزب الله». وفي الوقت نفسه، شدد بومبيو على «جهوزية بلاده للمساهمة في ترسيم الحدود البرية والبحرية»، وأبلغ المسؤولين اللبنانيين أن «لا توطين للنازحين السوريين في لبنان».
وسعى الرئيس ميشال عون، ورئيس البرلمان نبيه بري، ووزير الخارجية جبران باسيل، إلى تخفيف تداعيات الموقف الأميركي من «حزب الله»؛ حيث أكد عون أن «الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، هو من الأولويات التي يحرص اللبنانيون على العمل بها»، مشيراً إلى أن «(حزب الله) هو حزب لبناني ممثل في مجلس النواب وفي الحكومة، ومنبثق عن قاعدة شعبية تعيش على أرضها وفي قراها، وتمثل إحدى الطوائف الرئيسية في البلاد».
موقف عون، جاء منسجماً مع موقف بري، الذي أكد أن «حزب الله» هو «حزب لبناني وموجود في البرلمان والحكومة، ومقاومته واللبنانيين ناجمة عن الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي اللبنانية». كما التقى الموقفان مع موقف باسيل الذي أكد أن «حزب الله» هو «حزب لبناني غير إرهابي، ونوابه منتخبون من قبل الشعب، وبتأييد شعبي كبير. وتصنيفه إرهابياً لا يعني لبنان. نحن نتمسك بوحدتنا الوطنية، وإن هذا الأمر يحافظ على علاقاتنا الجيدة مع أميركا».
وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره جبران باسيل، في ختام جولته الرسمية، أشار بومبيو إلى أنّ «الفرصة سنحت لي للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس الحكومة سعد الحريري، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ونقلوا لي آمالهم بمستقبل أفضل، وعلى الجميع أن يعرف أننا نشاطر لبنان واللبنانيين الآمال نفسها».
وشدّد على أنّ «حزب الله» يقف عائقاً أمام آمال الشعب اللبناني، ومن خلال الترهيب المباشر للناخبين هو ممثّل بالبرلمان، ويتظاهر بدعم الدولة، لافتاً إلى أنّ «حملات (حزب الله) منافية لمصالح الشعب اللبناني، وكيف يمكن لصرف الموارد وإهدار الأرواح المساعدة؟ وكيف يمكن لتخزين الصواريخ تقوية هذه البلاد؟».
وأكّد بومبيو أنّ «إيران لا تريد لهذا الوضع أن يتغيّر، وهي ترى أن الاستقرار في لبنان تهديد لطموحاتها في الهيمنة»، مركّزاً على أنّ «شركات إيران الإجرامية ومحاولاتها تبييض الأموال، تضع لبنان تحت مجهر القانون الدولي»، مبيّناً أنّ «(حزب الله) يسرق موارد الدولة، ويجب ألا يجبر الشعب على أن يعاني بسبب طموحات الحزب». ولفت إلى أنّ «هذا الأمر يتطلّب شجاعة من الشعب للوقوف بوجه إجرام (حزب الله)».
كما أعلن: «إنّنا نؤيّد عودة النازحين السوريين في أسرع وقت. ستستمرّون في أن تجدوا في لبنان صديقاً، ونحن سنستمرّ في دعم المؤسسات الشرعية اللبنانية»، متسائلاً: «ماذا قدّم (حزب الله) وإيران للدولة سوى التوابيت والأسلحة؟»، مشيراً إلى أنّ «قائد (فيلق القدس) في (الحرس الثوري) الإيراني، قاسم سليماني، يستمرّ في تقويض المؤسسات الشرعية والشعب اللبناني».
وكشف: «إنّنا سنستمرّ في الضغط على إيران لوقف سلوكها الإرهابي. دعم إيران لـ(حزب الله) يشكّل خطراً على الدولة اللبنانية، ويقوّض فرص السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين»، منوّها إلى أنّ «الضغط الّذي نمارسه يهدف لقطع التمويل عن إيران». ولفت إلى أنّ «الأمين العام لـ(حزب الله) حسن نصر الله ترجّى مناصريه لتقديم التبرعات، ونحن سنستمرّ في استخدام الأساليب السلمية لتضييق الخناق عليهم».
وأفاد بومبيو: «إنّني أعربت عن أملي في أن تتمكّن الحكومة من تلبية احتياجات الشعب اللبناني. شعب لبنان يواجه خياراً، إمّا المضي قدماً، وإما أن يسمح لطموحات إيران و(حزب الله) بأن تهيمن»، مشدّداً على أنّ «لبنان دفع ثمناً باهظاً لتحقيق استقلاله». وذكّر بأنّه «قبل سنوات، قَتل (حزب الله) دبلوماسيين وأعضاء في (المارينز)، وأنا زرت الضريح التذكاري لرئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، الّذي كان ضحية لسيطرة نظام الرئيس السوري بشار الأسد على لبنان». وركّز على أنّ «الولايات المتحدة مستمرّة في الوقوف إلى جانب الشعب اللبناني لتحقيق مستقبل أفضل».
واللافت أن ملفات اللاجئين السوريين، والالتزام الأميركي بتقديم المساعدات للبنان والجيش اللبناني والقوى الأمنية، فضلاً عن مؤتمر «سيدر»، تكرر البحث فيها خلال لقاءات بومبيو مع المسؤولين اللبنانيين، وهي لقاءات رافقه فيها مساعده للشؤون السياسية ديفيد هيل، ومساعده الأول لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد، والسفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد، والمسؤولة عن الشؤون العامة للتواصل مع وسائل الإعلام كتاهرين مارتن.
وأكدت مصادر مواكبة للزيارة، لـ«الشرق الأوسط»، أن بومبيو طرح تلك الملفات مع وزيرة الداخلية ريا الحسن، ومع الرئيس سعد الحريري. ولفتت إلى أن الحريري عرض مطولاً لمؤتمر «سيدر»، وكان متفهماً لحاجة لبنان لتنفيذ مقرراته، وخصوصاً إبلاغه بأن السوق اللبنانية مفتوحة أمام القطاع الخاص الأميركي للاستثمار فيه.
وفي ملف النازحين، وإثر اطلاع بومبيو على الأعباء المترتبة على لبنان جراء النزوح السوري، وضرورة عودة اللاجئين، وتشجيع لبنان على عودتهم الطوعية التي أثمرت عودة 170 ألف نازح طوعياً، وفق آلية العودة التي ينسقها الأمن العام اللبناني، أكد بومبيو أن «لا توطين في لبنان»، وأن «واشنطن حريصة على استقرار لبنان»، مشدداً على العودة الطوعية للاجئين، وضرورة الالتزام بالقوانين الدولية والتشريعات التي تحمي اللاجئين، بحسب ما أكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.