الصين ـ إيطاليا: شراكة وسط أسئلة الأوروبيين

الرئيسان الإيطالي والصيني يستعرضان حرس الشرف (أ.ف.ب)
الرئيسان الإيطالي والصيني يستعرضان حرس الشرف (أ.ف.ب)
TT

الصين ـ إيطاليا: شراكة وسط أسئلة الأوروبيين

الرئيسان الإيطالي والصيني يستعرضان حرس الشرف (أ.ف.ب)
الرئيسان الإيطالي والصيني يستعرضان حرس الشرف (أ.ف.ب)

الزيارة الخارجية الأولى هذه السنة للرئيس الصيني شي جينبينغ كانت إلى إيطاليا، وسط علامات استفهام كبيرة من الاتحاد الأوروبي، الذي تحتل روما المرتبة الثالثة في حجم اقتصاداته، واستياء صريح من الولايات المتحدة.
مذكرة التفاهم التي وقّعت أمس بين البلدين، تضع أسس انضمام إيطاليا إلى «مبادرة الطريق والحزام» الصينية، التي يكثر الحديث عنها، وتشمل مدّ خطوط سكك حديدية وشق طرق سريعة وبناء مرافئ في آسيا وأفريقيا وأوروبا، على نحو تريد منه بكين أن يغير وجه الاقتصاد العالمي، وأن ينشر النمو والازدهار، بحسب مسؤوليها، في جميع الأرجاء التي تشملها المبادرة، التي ستكلف بكين تريليون دولار.
بيد أن الأوروبيين يقولون إن الصورة ليست وردية إلى الحد الذي تصفه الصين. فهذه الأخيرة ستكون في موقع المستفيد الأول من المبادرة، بطبيعة الحال، وستفتح أمامها أسواق كثير من الدول التي تحتاج إلى الاستثمارات ورؤوس الأموال ومشروعات البنى التحتية، وهنا يبرز ما تسميه واشنطن «فخّ الديون» الذي قد تقع فيه دول جنوب شرقي آسيا وأفريقيا، التي ستبني الشركات الصينية لها منشآت حيوية بقروض من مصارف صينية. عليه، قد تجد هذه الدول نفسها في حلقة مفرغة من الديون التي يتعين تسديدها مع فوائدها، وستكون بالتالي في حالة تبعية اقتصادية ثم سياسية لبكين. يضاف إلى ذلك أن التغيرات الجيوستراتيجية التي قد ترافق مشروعاً بهذه السعة غير واضحة حتى الآن. ويرى مراقبون أن التوتر الهندي - الباكستاني، على سبيل المثال، قابل للتصاعد على نحو غير مسبوق، نظراً إلى حماسة إسلام آباد الشديدة للمبادرة الصينية، في حين تبدي نيودلهي فتوراً حيال ما تراه محاولة صينية لتطويقها، وهي تعمل بالتالي على كسر التطويق المحتمل باستئجار مرفأ شاهبهار الإيراني، المطل على خليج عمان.
من جهة ثانية، تبدو مقارنة إيطاليا بأي من دول آسيا أو أفريقيا المشاركة في المبادرة الصينية، غير سليمة. ذلك أن إيطاليا من الدول السبع الكبرى اقتصادياً، على الرغم من أنها لم تبرأ بعد من آثار الأزمة المالية العالمية التي اندلعت قبل عقد من الزمن. وتبحث الحكومة الإيطالية عن وسائل تحفز النمو المتباطئ، بعد وصولها إلى السلطة، من خلال استغلال المخاوف من البطالة وتضخم أعداد المهاجرين.
تبرز هنا مسألة إضافية، أن التحالف الحاكم في روما، الذي يعيش جناحاه، حركة «النجوم الخمس» و«رابطة الشمال» مساكنة صعبة، يرى التفاهم مع الصين بمنظارين مختلفين؛ الأول هو منظار «النجوم الخمس» المشككة في الاتحاد الأوروبي، والتي بنت قسماً كبيراً من رصيدها السياسي على قاعدة الاعتراض على البيروقراطية الأوروبية، وترى في استثمارات الصين في توسيع مرفأي تريستي وجنوا، خطوة على طريق تخفيف الارتباط بالاتحاد الأوروبي. أما الثاني فهو اعتقاد «الرابطة» أن الانخراط في شراكة مع الصين سيثير غضب الحليف الأميركي.
واحدة من نقاط اعتراض الاتحاد الأوروبي على المبادرة الصينية تتلخص في قضية التكافؤ. يقول الأوروبيون الذين تستثمر الصين بالفعل في بلادهم مئات مليارات الدولارات (أكثر من 80 مليار دولار في بريطانيا وحدها) أن الطرح الصيني لا يشمل أي ضمانات بفتح الأسواق المحلية أمام السلع أو الاستثمارات الأوروبية، وأن الفوائد التي يجنيها الأوروبيون من زيادة الاستثمارات الصينية غير مؤكدة، إضافة إلى أن كثيراً من العقود الصينية في المجالات الصناعية تتضمن بنوداً عن نقل التكنولوجيا إلى الجانب الصيني، ما يعطي انطباعاً أن بكين تسعى إلى الاستحواذ على المعرفة التقنية وإنتاج سلعها الخاصة ذات التكنولوجيا الأوروبية على المدى البعيد.
كما يرى الأوروبيون أن المبادرة تتعلق، في بعض جوانبها على الأقل، بطموحات الرئيس شي جينبينغ بالبقاء في الحكم مدى الحياة، وتعميق شرعيته، باللجوء إلى مشروعات إمبراطورية ضخمة تحشد التأييد المحلي له، وأن الاتحاد الأوروبي غير معنيّ كثيراً بإسداء هذا النوع من الخدمات السياسية، إذا لم يحصد نتائج مباشرة وملموسة من المبادرة.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.