وزارة كردية ترفض تعطيل الدوام في ذكرى تأسيس الجيش العراقي

الأمين العام للبيشمركة: تمثيلنا القومي فيه لا يتجاوز الثلاثة في المائة

جبار ياور الأمين العام لوزارة البيشمركة
جبار ياور الأمين العام لوزارة البيشمركة
TT

وزارة كردية ترفض تعطيل الدوام في ذكرى تأسيس الجيش العراقي

جبار ياور الأمين العام لوزارة البيشمركة
جبار ياور الأمين العام لوزارة البيشمركة

يستعد وفد من حكومة إقليم كردستان، برئاسة نيجيرفان بارزاني، للسفر إلى بغداد في غضون الأيام القليلة المقبلة لاستكمال المباحثات المتوقفة حول المسألة النفطية، وخاصة الاتفاقات التي وقعتها حكومة الإقليم مع تركيا لتصدير النفط عبر الخط الجديد الواصل بين كردستان والموانئ التركية. ويتوقع أن يبحث الوفد هذه المرة بعض الملفات الإضافية المؤجلة، في مقدمتها ملف البيشمركة وكذلك مسألة الموازنة العامة المقبلة للدولة.
وفي اتصال مع الفريق جبار ياور، الأمين العام لوزارة البيشمركة وعضو لجنة التنسيق العسكرية العليا المشتركة، أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يبلغ رسميا مرافقة الوفد الحكومي إلى بغداد، وفي حال طلب منه ذلك فإنه على استعداد لحمل ملفاته العالقة «لبحثها هناك ضمن إطار الوفد الكردي».
وفي سياق متصل، مرت يوم أمس الذكرى السنوية لتأسيس الجيش العراقي، التي تتحول عادة في جميع أرجاء العراق، من ضمنها إقليم كردستان، إلى عطلة رسمية بدوائر الدولة تقديرا لتلك المناسبة، لكن «وزارة الشهداء والمؤنفلين» أعلنت هذا العام «أن يوم 6 يناير (كانون الثاني) سيكون يوما عاديا والدوام بالوزارة سيكون معتادا، ولن تتعطل أي دائرة تابعة للوزارة». وبررت وزارة الشهداء هذا القرار، الذي يشكل تحديا لقرار رئاسة حكومة الإقليم التي سبق أن أعلنت تعطيل دوائرها في الذكرى السنوية لتأسيس الجيش العراقي، بأن «تاريخ هذا الجيش مليء بالاعتداء والهجوم على الشعب الكردي والسعي للقضاء على وجوده القومي في العراق، وكان له دوره البارز في تنفيذ مخططات الأنظمة الديكتاتورية الحاكمة في العراق، وخاصة النظام البعثي السابق الذي استخدم هذا الجيش في حرب الإبادة الشاملة التي شنها ضد الشعب الكردي، وعلى الأخص خلال عمليات الأنفال والقصف الكيماوي لمناطق كردستان وتخريب المزارع وتدمير القرى الكردية وسوق مواطنيها إلى صحارى الجنوب لقتلهم ودفنهم هناك، لذلك لا شيء يستدعي الاحتفال بهذا التاريخ العسكري الأسود للجيش العراقي».
في السياق ذاته، أثار الأمين العام لوزارة البيشمركة مسألة التمثيل الكردي داخل الجيش العراقي، موضحا أن «نسبة التمثيل القومي الكردي لا تتجاوز حدود الثلاثة في المائة، وهذا أمر مخالف لنصوص الدستور الذي حدد نسبة التمثيل القومي للمكونات باحتساب حجمهم السكاني».
وأضاف: «بحسب نص المادة التاسعة من الدستور العراقي، يجب ضمان التمثيل القومي لجميع المكونات العراقية داخل الجيش والمؤسسات الأمنية، ونحن نسبتنا تتجاوز الـ17 في المائة التي نتسلم بموجبها حصتنا من الميزانية السنوية، لكن مع ذلك لا تتناسب نسبة تمثيلنا مع النص الدستوري، فهذه النسبة تنخفض بشكل تنازلي منذ عام 2007 عندما كانت النسبة بحدود سبعة – ثمانية في المائة، لكنها لا تتجاوز اثنين إلى ثلاثة في المائة، وهذا أمر مخالف للدستور».
وكشف الفريق ياور عن أنه «كانت هناك عدة قرارات برفع النسبة التمثيلية للكرد داخل الجيش والمؤسسات الأمنية ولكن تلك القرارات لم تنفذ، ففي عام 2007 صدر قرار يقضي بتشكيل فرقتين عسكريتين (15 و16) وكل فرقة تتكون من أربعة ألوية، لكن رغم أن لجنة من وزارة الدفاع زارت كردستان في تلك الفترة وتسلمت قوائم بأسماء أكثر من 30 ألفا من المنتسبين، فإن قرار التشكيل لم يدخل حيز التنفيذ منذ تلك الفترة. كما صدر قرار آخر بتشكيل فرقة من الشرطة الاتحادية بأربعة ألوية تتوزع على كل من محافظات أربيل والسليمانية ودهوك وإدارة كرميان وتتبع وزارة الداخلية، لكن هذا أيضا لم يتحقق، ولذلك فإن هناك غيابا شبه كامل للوجود الكردي داخل الجيش والمؤسسات الأمنية كمديرية الاستخبارات وجهاز المخابرات ومكافحة الإرهاب».
يذكر أن الجيش العراقي تأسس في السادس من يناير 1921 من فوج عرف باسم «فوج الإمام موسى الكاظم» في عهد أول ملك للعراق، هو فيصل الأول، تلاه تأسيس القوة الجوية العراقية عام 1931 ثم القوات البحرية عام 1937. وخاض الجيش العراقي سلسلة من الحروب الداخلية والخارجية، أهمها مشاركته في الحروب العربية ضد إسرائيل في أعوام 1948 و1967 و1973. وزجه الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في حرب طويلة مع إيران بين عامي 1980 - 1988 قبل أن يرغمه على مواجهة قوات التحالف الدولي في حرب تحرير الكويت عام 1991 التي مني فيها الجيش العراقي بهزيمة كبرى في تاريخه. وبعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003، حل الجيش بقرار من بول بريمر، الذي كان أول حاكم مدني أميركي في العراق.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم