أفريقيا تميل للتجارة الخارجية أكثر من البينية

كثير من المعوقات يواجه الاندماج الإقليمي

تشير تقارير أممية إلى أن التجارة الخارجية الأفريقية أكثر نشاطا من التجارة البينية في ظل كثير من المعوقات (رويترز)
تشير تقارير أممية إلى أن التجارة الخارجية الأفريقية أكثر نشاطا من التجارة البينية في ظل كثير من المعوقات (رويترز)
TT

أفريقيا تميل للتجارة الخارجية أكثر من البينية

تشير تقارير أممية إلى أن التجارة الخارجية الأفريقية أكثر نشاطا من التجارة البينية في ظل كثير من المعوقات (رويترز)
تشير تقارير أممية إلى أن التجارة الخارجية الأفريقية أكثر نشاطا من التجارة البينية في ظل كثير من المعوقات (رويترز)

ذكرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا أن التكامل والاندماج الإقليمي في أفريقيا يسير بوتيرة متفاوتة من منطقة لأخرى في القارة، التي حققت في المجمل تقدماً ملحوظاً في ظل توقيع اتفاق إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية في مارس (آذار) عام 2018 في كيغالي، وأشارت اللجنة إلى أن حجم التجارة الخارجية للدول الأفريقية مع العالم الخارجي أكبر من حجم التجارة البينية الأفريقية.
غير أن ستيفان كارينغي، مدير قسم التكامل الإقليمي والتجارة باللجنة، أشار في كلمة له أمام اجتماعات الدورة 52 للجنة الاقتصادية لأفريقيا ومؤتمر وزراء المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية الأفارقة المنعقدة حالياً بمدينة مراكش بالمغرب، إلى أن هناك عددا من المعوقات أمام الاندماج الإقليمي، من بينها نقص البنية الأساسية وضعف مستوى التقارب على صعيد الاقتصاد الكلي واستمرار تهديدات الأمن والسلم.
وعرض ستيفان كارينغي الدراسة التي أعدتها اللجنة الاقتصادية لأفريقيا، والتي تشير إلى أن حجم التجارة الخارجية للدول الأفريقية مع العالم الخارجي أكبر من حجم التجارة البينية الأفريقية، ويستحوذ الاتحاد الأوروبي على النسبة الأكبر من صادرات أفريقيا بمتوسط 31 في المائة خلال الفترة من عام 2010 إلى عام 2017.
وبالنسبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، لم يتعد نصيب أفريقيا منها نسبة 3.2 في المائة في عام 2017. رغم أنها تضاعفت أربع مرات لترتفع من 10.9 مليار دولار عام 2000 إلى 42 ملياراً عام 2017.
ومن ناحية أخرى، تشير اللجنة الاقتصادية لأفريقيا إلى أن القارة تواصل تحقيق تقدم فيما يتعلق بحرية حركة الأفراد، كما أطلق الاتحاد الأفريقي في يوليو (تموز) 2016 مشروع جواز السفر الأفريقي الإلكتروني الموحد. وحتى ديسمبر (كانون الأول) 2018، فإن 11 دولة أفريقية فقط تتيح للمواطنين الأفارقة دخول أراضيها بدون تأشيرة أو تتيح لهم الحصول على التأشيرة عند الوصول.
وتشير اللجنة الاقتصادية لأفريقيا إلى أن 20 دولة - من إجمالي 52 وقعت على اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية - صدقت عليها، بينما تحتاج الاتفاقية إلى تصديق 22 دولة أفريقية للدخول إلى حيز التنفيذ.
ودعت اللجنة الاقتصادية لأفريقيا الدول الأعضاء إلى إدراج تدابير الاندماج الإقليمي في استراتيجياتهم الوطنية للتنمية لتحسين تخصيص الموارد البشرية والمالية اللازمة للاندماج وجعلها أكثر فاعلية، والوفاء بالتزامات هذه الدول لتنفيذ برامج الاندماج الإقليمي، بالإضافة إلى إعطاء أولوية للاستثمار في قطاعات البنية التحتية الأساسية.
كما حثت اللجنة الدول الأعضاء والقطاع الخاص بها - ولا سيما الشركات الصغيرة والمتوسطة - على تعظيم الإسهام في تعزيز التجارة الإلكترونية بما يزيد من حجم التجارة البينية الأفريقية، ويسهل اندماج القارة الأفريقية في الاقتصاد العالمي ويسهم في تجاوز العوائق أمام التجارة في إطار من توفير البيئة الملائمة لتعزيز التحول الرقمي.
وفي سياق منفصل، أكد رئيس البورصة المصرية محمد فريد أهمية المشاورات مع بعثة البنك الأفريقي للتنمية لتسريع وتيرة العمل على إعداد دراسة شاملة حول كافة المحددات الرئيسية لتفعيل مبادرة الربط الإلكتروني الأفريقي بين البورصات «AELP»، وبدء الربط بين البورصات وشركات الوساطة، وأهمها المتطلبات الفنية والتشريعات المنظمة والحاكمة للاستثمار بين بلدان القارة السمراء.
وأضاف فريد أن الهدف الرئيسي من المبادرة هو زيادة معدلات الاستثمارات البينية في الأوراق المالية بين البورصات الأفريقية، عقب الانتهاء من كافة المتطلبات اللازمة لتدشين منصة إلكترونية للربط بين كافة شركات الوساطة في الأوراق المالية في القارة الأفريقية، وأهمها تبسيط كافة إجراءات التداول والاستثمار البينية.
وذكرت البورصة المصرية، في بيان أمس، أنها استقبلت بعثة تضم عددا من قيادات البنك الأفريقي للتنمية يومي 17 و18 مارس في القاهرة، لبحث آليات تفعيل المبادرة في إطار توجهات الحكومة المصرية نحو تعزيز التعاون والتكامل مع أفريقيا بالتزامن مع تولي مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي في دورته الحالية. وأضافت أن البعثة عقدت اجتماعات أخرى بتنسيق من إدارة البورصة مع كافة الأطراف ذات الصلة بمشروع الربط، ومنها شركة مصر للمقاصة، والبنك المركزي، وممثلون عن الجمعيات المهنية، مثل الجمعية المصرية للأوراق المالية وجمعية المحللين الفنيين وجمعية مديري الاستثمار وممثلين عن الجمعية المصرية لخبراء الاستثمار.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.