اللقاحات... هل هي ضرورة؟

اللقاحات... هل هي ضرورة؟
TT

اللقاحات... هل هي ضرورة؟

اللقاحات... هل هي ضرورة؟

انتشر الجدل مجدداً حول أهمية اللقاحات (Vaccines) في الوقاية من الأمراض، وذلك بعد انتشار كثير من حالات الحصبة في الولايات المتحدة وبعض الحالات في كندا. وعلى الرغم من نصائح الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال (APP) بضرورة التطعيم باللقاحات المختلفة، فإن كثيراً من الآباء لا يلتزمون بهذه النصائح، نظراً لانتشار الآراء حول خطورة اللقاحات، وربط حدوث التوحد في الأطفال بتناول اللقاحات.
والحقيقة أن المعلومات الخاطئة عن اللقاحات التي تستند على بعض الدراسات العلمية القليلة هي التي تسببت في إثارة حالة من البلبلة لدى الآباء، خصوصاً في الدول الغربية، إذ إن انتشار الأمراض المعدية ليس بالقدر نفسه الموجود في الدول النامية.

- مزاعم وادعاءات
نظراً لأهمية الموضوع، فند باحثون من جامعة راش بالولايات المتحدة (Rush University Medical Center) تلك المزاعم العلمية التي تدعو لعدم إعطاء الأطفال اللقاحات الخاصة بالوقاية من الأمراض المعدية مثل الحصبة، ومن أهمها مزاعم حدوث التوحد والخوف من حدوثه. وهذا الحديث غير صحيح على الإطلاق، ولم يثبت بشكل قاطع أي دليل على ارتباط التوحد بالتطعيم، كما أن الأسباب الأكيدة لحدوث حالات طيف التوحد ليست مؤكدة، بل هناك عدة نظريات ليس من بينها أبداً اللقاحات. وهذا الاعتقاد سائد بسبب دراسة وحيدة تم إجراؤها عام 1997، وعلى الرغم من انتشارها على المستوى العام، فإن صحتها العلمية لم تثبت طوال الأعوام الماضية أبداً.
وهناك فريق يرى أنه من الممكن إعطاء اللقاحات، ولكن ليس بالضرورة في الشهور الأولى من حياة الطفل وبهذا التكرار، خصوصاً أن بعض الآباء يشكون من أن جداول اللقاحات في ازدياد مستمر، بمعنى يمكن أن يتم التطعيم في فترة الطفولة المتأخرة أو ما قبل فترة المراهقة مباشرة. والحقيقة أن هذا الرأي أيضاً يفتقر إلى الحجة العلمية، خصوصاً أن بعض الأمراض البسيطة يمكن أن تكون ذات أثر بالغ الخطورة على الأطفال إذا حدثت في عمر مبكر.
ولذلك تكون أهمية التطعيم في الشهور الأولى من الحياة حتى يكون بمثابة الضمانة للوقاية من الأمراض. ويكفي أن نعرف أن بعض الأمراض البسيطة مثل التهاب الغدة النكافية أو الحصبة الألمانية يمكن أن تكون لها مضاعفات خطيرة تصل إلى التهاب المخ وحدوث الوفاة، ولذلك كلما كان التطعيم مبكراً كان أفضل للطفل.
ويرى بعض المعترضين على اللقاحات أن جدول إعطاء اللقاحات متقارب جدا،ً بمعنى أن التطعيم في الأغلب تكون الفترة بين جرعاته نحو شهرين فقط (شلل الأطفال والحصبة الألمانية والحصبة والغدة النكافية يتم التطعيم الأولي لها في عمر شهرين و4 و6 شهور) ويفضل أن تكون فترة أطول حتى يتمكن الطفل من الراحة، خصوصاً أن اللقاحات تكون عن طريق الحقن.
ولكن يجب أن يعرف الآباء أن هذه الجداول تمت الموافقة عليها بعد عقود طويلة من التجارب الطبية. والفترة الزمنية التي يتم أخذ الجرعات فيها تعتبر هي الفترة المثلى التي تكون فيها فاعلية اللقاح في أفضل حالاتها في حماية الطفل، كما أن هذه الفترة التي يكون فيها الأطفال في أمس الاحتياج لدعمهم بالمناعة؟ وأيضاً كلما تباعدت فترة اللقاحات زادت الإمكانية أن يصاب الطفل بالأمراض، ما يؤدي إلى مزيد من الحقن والعلاج.

- آراء غير علمية
يعتقد بعض الآباء أن اللقاحات ضد مرض معين يمكن أن تسبب هذا المرض، نظراً لأنها تحتوي على «أنتيجينات» (مستضادات) من الفيروس المسبب للمرض بعد أن يتم إضعافه.
ويستند هذا الاعتقاد على حقيقة طبية ولكن لنوعية معينة من الأطفال، وهم الأطفال الذين يعانون من مشكلات صحية تؤثر على جهازهم المناعي بشكل كبير مثل السرطانات. وفي هذه الحالة يمكن للفيروس ولو كان شديد الضعف، أن يسبب المرض بالفعل، ولكن هؤلاء الأطفال يتم إعطاؤهم نوعية أخرى من اللقاحات مثل الفيروس أو البكتيريا بعد أن يتم قتلهما وليس مجرد إضعافهما.
وبالنسبة للطفل السليم الذي يتمتع بمناعة طبيعية، فيساعد اللقاح على تقوية الجهاز المناعي من خلال تحفيزه لإنتاج الأجسام المضادة، حيث يتعامل الجسم مع الفيروس الذي تم إضعافه على أنه ميكروب طبيعي ويحمي الطفل دون الإصابة بالمرض، وهذه المناعة تلازم الطفل بقية حياته.
وهناك فريق يرى أن اللقاحات تحتوي على بعض المواد الكيمائية الضارة نتيجة عملية تصنيع اللقاح نفسها مثل الزئبق والألمنيوم والفورمالدهيد. وعلى الرغم من أن هذه المواد سامة بالفعل وتسبب الأضرار الصحية، فإن الجرعة التي تتم الاستعانة بها في التصنيع تكون ضئيلة جداً ولا تسبب أي أخطار طبية، بل على النقيض تحافظ على فاعلية اللقاح وتساعد في أداء مهمته. وهناك كثير من المواد السامة التي تكون لها استخدامات مفيدة بكميات متناهية الضآلة مثل البوتكس الذي يستخدم في عمليات التجميل.
هناك أيضاً بعض الآراء التي ترى أن اللقاحات المختلفة لم تثبت فاعليتها الفعلية وأنها لا تسبب الوقاية بالضرورة. والحقيقة أن هذا الكلام يخلو من الصحة، إذ إن ظهور اللقاحات المختلفة غير خريطة الأمراض في العالم كله بالإضافة إلى أن بعض الأمراض التي كانت تهدد الملايين مثل شلل الأطفال (poliomyelitis)، قد تم القضاء عليه تماماً على وجه التقريب، وذلك لأن نسبة فاعلية اللقاحات في منع الإصابة تتراوح بين 95 و100 في المائة، وهي نسبة ممتازة بالطبع.
ويكفي أن نعرف أن مرضاً مثل الحصبة في الخمسينات من القرن الماضي، كان يصيب نحو نصف مليون طفل في الولايات المتحدة فقط، وبعد تعميم اللقاح لا توجد إصابات به تقريباً في الوقت الحاضر.

- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

صحتك ارتفاع ضغط الدم تحدٍّ كبير للصحة العامة (رويترز)

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

بعض العلامات التحذيرية التي تنذر بارتفاع ضغط الدم، وما يمكنك القيام به لتقليل المخاطر:

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك المشي اليومي يسهم في تعزيز الصحة ودعم الحالة النفسية (رويترز)

6 فوائد صحية للمشي اليومي

أكدت كثير من الدراسات أهمية المشي اليومي في تعزيز الصحة، ودعم الحالتين النفسية والجسدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك زيوت البذور يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون (رويترز)

للوقاية من سرطان القولون... تجنب استخدام هذه الزيوت في طهي الطعام

حذَّرت دراسة من أن زيوت البذور -وهي زيوت نباتية تستخدم في طهي الطعام، مثل زيوت عباد الشمس والذرة وفول الصويا- يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)

كيف تتغلب على كثرة التفكير وقت النوم؟

يعاني كثير من الأشخاص من كثرة التفكير ليلاً؛ الأمر الذي يؤرِّقهم ويتسبب في اضطرابات شديدة بنومهم، وقد يؤثر سلباً على حالتهم النفسية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

شعبية حليب الحمير تزداد في ألبانيا لخصائصه الغذائية والجمالية

يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي نادراً (أ.ف.ب)
يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي نادراً (أ.ف.ب)
TT

شعبية حليب الحمير تزداد في ألبانيا لخصائصه الغذائية والجمالية

يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي نادراً (أ.ف.ب)
يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي نادراً (أ.ف.ب)

تؤكد فاتيكو باشا وهي تداعب بلطف حمارتها «ليزا» قبل أن تجمع حليبها أنّ «حليب الحمير له طعم الحب»... منه تصنّع المزارعة من منطقة جيروكاستر الألبانية مصل اللبن أو اللبن الرائب أو نوعاً من الجبن هو الأغلى في العالم.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن فوائد حليب الحمير معروفة منذ آلاف السنين. تقول الأسطورة إن كليوباترا كانت تستحم في حوض مليء بحليب الحمير؛ للمحافظة على جمالها وشبابها.

بالإضافة إلى الخصائص الجمالية لملكة مصر، من شأن حليب الحمير أن «يشفي الأطفال، إذ هو علاج طبيعي للجهاز التنفسي والحساسية والجهاز المناعي»، على ما تقول فاتيكو.

يراقب حمار صغير كيف تنظّف فاتيكو ضرعي أمّه. ولإنتاج الحليب، ينبغي أن تكون أنثى الحمار في فترة رضاعة، ويبدأ حلبها عندما يبلغ صغيرها 3 أشهر.

زادت شهرة حليب الحمير خلال جائحة «كوفيد - 19»، فقررت فاتيكو وزوجها إحضار مجموعة صغيرة من الحمير وإناث الحمير إلى مزرعتهما، لكنّهما لم يتخيّلا أنهما سيبيعان حليب هذه الحيوانات في ألبانيا ومقدونيا الشمالية ومونتينيغرو واليونان.

في نهاية عام 2024، بات لديهما نحو ثلاثين أنثى حمار و4 ذكور حمير، ويرغبان بدءاً من يناير (كانون الثاني) في زيادة عدد هذه الحيوانات، مستفيديْن من المراعي الطبيعية عند سفح جبال جيروكاستر الغنية بالتنوع البيولوجي.

وباتت هذه المنطقة من جنوب ألبانيا تضم 15 مزرعة للحمير.

ذهب أبيض

يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي، نادراً. في يوم الحلب، يمكن جمع نصف لتر من الحليب من كل حيوان. وتُباع هذه الكمية بسعر مرتفع يراوح بين 52 و63 دولاراً للتر الواحد.

ويقول زوج فاتيكو إنّ «حليب الحمير هو ذهب أبيض».

بدأ وعائلته منذ عام بإنتاج الجبن اللذيذ والطازج والقشدي، بالإضافة إلى اللبن الرائب ومصل اللبن. ويرتفع الطلب على هذه المنتجات بشكل كبير، لدرجة أنهم يشترون الحليب من المزارعين في محيطهم.

توضح المنتجة شيكو باشا، وهي تحضّر الجبن لتوفيره لأحد المطاعم في المنطقة «إنّ جبن الحمير مطلوب جداً، ويصعب تحضيره».

يتطلّب إنتاج كيلوغرام من الجبن 25 لتراً على الأقل من حليب الحمير، وهي كمية يصل سعرها إلى 1049 دولاراً.

يباع الكيلوغرام الواحد من الجبن بأكثر من 1573 دولاراً، ويشتهر بأنه أغلى نوع جبن في العالم.

يقول جاكو ميسي، وهو طبيب بيطري ومنتج جبن حمير تقدّمه مطاعم فاخرة في تيرانا إنّ «الفرنسيين يقولون إن وجبة خالية من الجبن كامرأة جميلة من دون عين، لكنّ التفصيل الأهم في الطبق هو جبن الحمير».

يقول إليو تروكي، رئيس مطعم «أوكسهاكيت» في العاصمة إنّ «الزبائن يفضلون الجبن الطازج، أي بعد 48 ساعة من تحضيره لا أكثر»، مضيفاً أنّ «سعره مرتفع لكنه لذيذ جداً، فهو يضفي نكهة شهية على الوجبة مع نبيذ جيّد».

جمال

في مختبرها الصغير، لا تخمّر الصيدلانية الشابة فابجولا ميسي الحليب لصنع الجبن، بل لتوفير مجموعة من مستحضرات التجميل المصنوعة من حليب الحمير والتي اكتسبت شعبية أيضاً خلال السنوات الأخيرة.

تقول المرأة التي أسست ماركتها «ليفا ناتشرل» وهي تستعجل لإنهاء طلبية أخيرة تتألف من مستحضر للبشرة مخصص للنهار يوفر نعومة، «إن حليب الحمير هو سر الجمال الفعلي». وفي هذه الفترة التي تقترب فيها أعياد نهاية العام، تصف منتجاتها بأنها تتمتع بـ«رائحة الحب».

وترغب في أن تتمكن قريباً من تصدير هذه المنتجات المصنّعة من حليب الحمير، حتى تصبح معروفة في مختلف أنحاء العالم.

وتقول إنّ «مستحضر الوجه المصنوع من حليب الحمير يعزز الجمال، ويتغلغل بسرعة في البشرة، ويعطيها نعومة. رائحته الخفيفة تعطي شعوراً بالراحة والانتعاش، وبمجرد استخدامه يصعب التخلي عنه».