حكومة نتنياهو تهدم بيتاً عربياً وتبني المئات للمستوطنين

قيادات فلسطينيي 48: جريمة تطهير عرقي لن نسكت عنها

فلسطينيتان تجمعان متعلقاتهما في أعقاب تدمير منزلهما في مسافر يطا قرب الخليل أمس (إ.ب.أ)
فلسطينيتان تجمعان متعلقاتهما في أعقاب تدمير منزلهما في مسافر يطا قرب الخليل أمس (إ.ب.أ)
TT

حكومة نتنياهو تهدم بيتاً عربياً وتبني المئات للمستوطنين

فلسطينيتان تجمعان متعلقاتهما في أعقاب تدمير منزلهما في مسافر يطا قرب الخليل أمس (إ.ب.أ)
فلسطينيتان تجمعان متعلقاتهما في أعقاب تدمير منزلهما في مسافر يطا قرب الخليل أمس (إ.ب.أ)

في وقت تزداد فيه عمليات هدم البيوت العربية في مناطق فلسطينيي 48 وفلسطينيي 67، بغرض إرضاء ناشطي اليمين وجرف أصواتهم في الانتخابات الإسرائيلية، اتهمت قيادة المواطنين العرب في إسرائيل حكومة بنيامين نتنياهو بتنفيذ سياسة تطهير عرقي، هدفها زرع اليأس في نفوس العرب والتخلص منهم في وطنهم.
ودعت لجنة المتابعة العليا، واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، واللجان الشعبية في منطقة وادي عارة، المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48)، إلى المشاركة في الوقفة الاحتجاجية ضد هدم المنازل العربية، مساء اليوم الخميس، في مدخل بلدة كفر قرع على شارع وادي عارة الرئيسي، وإلى المشاركة في المظاهرة القُطرية، التي ستنطلق من عرعرة، غداً الجمعة. كما دعت الهيئات إلى «الوقوف في وجه سياسة الحكومة التي تعتمد الهدم بحق بيوتنا، بهدف تنفيذ سياسة الترحيل، ويندرج تحت مشروع التطهير العرقي للجماهير العربية».
وكانت جرافات الهدم التابعة لوزارة الداخلية، المحمية بقوات كبيرة من الشرطة، قد نفذت عدة عمليات هدم، في اليومين الأخيرين، على النحو التالي:
قبل يومين هدمت 5 وحدات سكنية، كان يقطنها كثير من السكان الذين باتوا يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، ومنزلاً قيد الإنشاء، بذريعة البناء دون ترخيص، في قرية خور صقر، بين بلدتي عرعرة وعين السهلة بمنطقة وادي عارة. وقال رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن الأرض والمسكن في المنطقة: «نستفيق صباح كل يوم على جريمة هدم أخرى لبيت، بالذريعة ذاتها التي تتخذها الحكومة. قضية المباني التي هدمت، اليوم، كانت تدار في أروقة المحاكم منذ فترة، ولم تتوصل لحلول بسبب تعنت السلطات بالهدم. حذرنا في السابق من تضييق الخناق فيما يتعلق بالهدم، وخاصة بعد سن (قانون كمينتس)، وهذه السياسة إذا لم تتوفر بشأنها استراتيجية من قبل السلطات المحلية العربية ولجان التنظيم والبناء فيها، فسوف يستمر الهدم وتتواصل معاناة الأهالي».
وهدمت السلطات الإسرائيلية، أمس الأربعاء، 6 منازل مأهولة، وعدداً من المعرشات بذريعة البناء دون ترخيص، في مدينة رهط في منطقة الجنوب في النقب. وتقع هذه البيوت في حي العتايقة في المدينة. وعندما اعترض على الهدم عضو البلدية من حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الحاج سليمان العتايقة، وابناه محمد وغسان العتايقة، وآخرون، تم اعتقالهم. وأتاحت القوات للأهالي أن يقوموا بإخلاء بيوتهم لمدة ساعة واحدة، ثم غرسوا فيها أسنان الجرافات وآليات الهدم.
وقال النائب طلب أبو عرار (الحركة الإسلامية)، إن «زيادة وتيرة هدم البيوت في هذه الأيام، جاءت لأن اليمين المتطرف الحاكم يستخدمه للدعاية الانتخابية لجني الصوت اليهودي المتطرف».
وأضاف أن السلطات الإسرائيلية هدمت أكثر من 8 آلاف بيت خلال السنوات الخمس الأخيرة، بإيعاز من سلطة تدمير البدو ورئيسها، لخدمة هدف «تطهير» المنطقة من العرب. وبحسب إحصائيات وزارة الأمن الداخلي في حكومة نتنياهو، فإنه منذ مطلع عام 2016 وحتى أواخر عام 2017 فقط، هدمت السلطات 2200 مبنى.
يذكر أنه إلى جانب قرارات البناء الاستيطاني، تمارس سياسة سلطات الاحتلال الإسرائيلي هدم البيوت في الضفة الغربية. فقد هدمت، ظهر أمس الأربعاء، منزلاً في قرية حلاوة جنوب مدينة الخليل. وأفاد فؤاد العمور منسق لجنة الحماية والصمود في جبال جنوب الخليل ومسافر يطا، بأن قوات الاحتلال بعد أن قامت بهدم مسكن عيسى عوض في قرية أم طوبا، قامت بهدم مسكن يعود للمواطن علي محمد علي أبو عرام، في قرية حلاوة. وأضاف أن سياسة هدم المساكن ومنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم، ومنع رعاة الأغنام من رعي مواشيهم، تهدف لتفريغ مسافر يطا من سكانها وإجبارهم على الرحيل، مؤكداً أن السكان لن تمر عليهم هذه السياسة من الاحتلال.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم